Skip to main content

الحرب في زمن الكوليرا

مقالات الثلاثاء 06 تشرين أول 2015 الساعة 18:55 مساءً (عدد المشاهدات 152)

بقلم . علي البشارة

         يتفوق الشعب العراقي على كل شعوب العالم ليس تفوقا تكنولوجيا او علميا ولكنه يسبقهم في حجم مآسيه وطول معاناته . فهل يوجد شعب على وجه هذه المعمورة صبر وتحمل كما فعل العراقيون طوال هذه السنين العجاف التي قاربت النصف قرن تحمل فيها الشعب العراقي من الحيف والظلم ما لم يتحمله غيره من الشعوب ولاقى خلالها شتى انواع الظلم والاستبداد وضياع الحريات ونهب الثروات تتضور بطون ابناءه جوعا وتفنى اعمار شبابه سعيا وراء لقمة العيش فيما ينعم السراق والقتلة بخيرات بلدهم ويتمتعون بها في حانات الغرب ومنتجعاتهم .

      فبعد الحروب والويلات والنكبات  وتعدد الثورات وتعاقب الحكومات شهد العراق اطول حروب القرن العشرين والتي استمرت لثماني سنوات مع جارته ايران استخدمت فيها شتى انواع الاسلحة الفتاكة والتي تسببت بخسائر مادية وبشرية وصلت لقرابة المليون شهيد من ابناء الوطن ناهيك عما رافقها من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية . حتى جاء (يوم الايام) الذي انهى هذه الحرب .

        لم ينعم العراق بعد يوم الايام هذا لاكثر من عام وبضع شهور حتى جاء يوما اخر لتبدأ حقبة هي الاحنك في تاريخ العراق المعاصر الا وهي احداث العام 1990 وتعرض العراق لحملة دولية ,على اثر غزو الكويت, شاركت فيها اكثر من ثلاثين دولة بقيادة القوى العظمى في العالم فدمرت قواته العسكرية واتلفت الطرق والجسور والبنى التحتية والمشاريع الصناعية والزراعية والمخازن الغذائية . ولم ينتهي الحال هنا بل تبعها قرار الامم المتحدة بفرض الحصار الظالم على العراق منعت بموجبه كل مستلزمات الحياة من غذاء ودواء عن الشعب وتسبب بكارثة انسانية طالت بالذات الاطفال . واستمرت لثلاثة عشر عاما عاشت البلاد فيها اصعب الظروف واقتضت الضرورة بالشعب احيانا العودة لوسائل بدائية وصناعات قرون سابقة لاجل الاستمرار بالحياة .

        جاء العام 2003 والاحداث التي اعتقد الناس انها بداية الفرج ونهاية الازمات الا انها ومع الاسف اتت على ما تبقى من بنى العراق  التحتية وخيرات البلاد وثرواته وكانت اسوأ من سابقاتها من الفترات الزمنية خصوصا بعد ان سلمت القوات الاجنبية السلطة لاحزاب متعطشة للقتل والسرقة والثأر والانتقام من كل شيء جميل في هذا البلد . فتسابقوا على تدميره تدميرا ممنهجا واستفحلت عمليات الفساد المالي والاداري واستشرت عمليات القتل حتى وصل الحال في هذه الاحزاب ان تبيع مناطق وتسهم في اسقاط محافظات من اجل التسقيط السياسي والمنافسة على المناصب .

        عرفنا المفخخات والعبوات اللاصقة والاحزمة الناسفة والقذائف والهاونات . شهدنا الطائفية والقتل على الهوية والتهجير لاسباب مذهبية ودينية . قدمت الينا القاعدة وعناصرها ومخططاتها الارهابية حفظنا اسماء قادتها وكناهم . داعش ومسرحيتها وتبعاتها وتداعيات الازمة التي مازالت تنهش بما تبقى من جسد الوطن . الهجرة الدولية والشباب العراقي يبحث عن فرص للحياة . وبعد كل هذا وذاك يأتي وباء الكوليرا لينال نصيبه من هذا البلد وشعبه المسكين , فيا ترى ماذا تخبىء لنا الايام بعد الكوليرا .

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة