رعدهادي جبارة /
باحث سياسي
ودبلوماسي سابق
مجريات الأحداث الدامية الحالية في أمريكا يمكن النظر إليها من زاويتين:
الزاوية الاولى:
الإحتجاجات الصاخبة والصدامات الدموية والاعتراضات الكبرى التي أعقبت جريمة الشرطة الامريكية بالقتل المتعمد عن سبق إصرار للمواطن الأسود "فلويد"خنقاً وحقداً ليست احتجاجاً على مظلومية شخص واحد بعينه بل هي جريمة ضد الانسانية بمعنى الكلمة. فكان من الطبيعي أن تثير ردود الفعل العنيفة و التظاهرات الصاخبة و السخط العالمي لدى بقية الشعوب.
وهذه النقمة ناتجة عن الإنتهاكات الصارخة للسلطات الامريكية الدائمة والقديمة لحقوق الانسان في كل أنحاء الأرض بلا إستثناء.
فلم تكن الرُّكبة الامريكية التي ضغطت على رقبة "فلويد" خنقته (فرداً واحداً)بل هي منهج مستمر و أسلوب إجرامي اتبعته حكومة وجيوش واشنطن ضد جميع العالمين، فكانت النقمة الدولية على البيت الأبيض وحاكمه الطاغوتي بهذه الحدّة والشدّة.
الزاوية الثانية:
عندما قامت الحكومة الأمريكية وقواتها المسلحة باحتلال بقية البلدان ،وخنقت الشعوب الأفريقية والآسيوية والأمريكية اللاتينية، ونهبت ثرواتها ،وصادرت حرياتها ،وسجنت ثوارها، واستعبدت نساءها، وانتهكت شرفهن ،وقتلت أطفالها ،ونفت قياداتها وعلمائها ،ودمرت بنيتها التحتية، وسلطت أذنابها على تلك الشعوب، و وهبت قدسنا وجولاننا بل كل فلسطيننا لربيبتها [إسرائيل] فأين كان الشعب الأمريكي و تظاهراته؟
ولماذا صمتت حناجر الشعب الامريكي وخلت شوارعه من الاحتجاجات المليونية ضد عنجهية وجرائم حكومته وجيشه؟
وعندما قامت سفارات أميركا بتجنيد العصابات والبلطجية والمجرمين المحترفين والميليشيات الخارجة على القانون ليمارسوا أسوأ أعمال الشغب والحرق والنهب ويقوموا بالإعتداء العشوائي (شلع قلع) على حرمات الشعب العراقي والسوري واللبناني والبحريني واليمني والتونسي والمصري والفنزويلي والتركي والسعودي والفيتنامي، و مكنت السفارات الامريكية عملاءها من رقاب الشعوب فسرقوا وقتلوا وسجنوا وشنقوا ونهبوا الأبرياء..أين كان الشعب الأمريكي و تظاهراته و احتجاجاته المليونية ؟؟
هل هانت مرارات بقية شعوب الأرض على الشعب الامريكي و أغضبه قتل "فلويد"خنقاً؟
ختاماً؛
ظن البيت الأبيض أن إثارته الإضطرابات وأعمال الشغب في بقية البلدان سيجعله في منأى عن الاضطرابات في داخل أمريكا؛
{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وأيدي المؤمنين واعتبروا يا أولي الأبصار}