سكاي برس/ بغداد
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء، الحكومة العراقية بتوسيع نطاق الإعدامات "غير القانونية" وزيادة وتيرتها في العام الحالي، مشيرة إلى أن هذا يجري بناء على محاكمة وصفتها بـ"الجائرة".
وذكرت المنظمة في تقرير، أنها وثقت قيام السلطات العراقية بتنفيذ هذه الإعدامات بدون إشعار المحامين أو أفراد الأسرة مسبقاً، وفي ظل مزاعم ذات مصداقية عن التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة. وقالت المنظمة إنه في كانون الثاني/ يناير الماضي، كان 150 سجيناً تقريباً في سجن الناصرية بالعراق يواجهون الإعدام الوشيك بدون سابق إنذار.
وأعدمت السلطات في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2023 قرابة 13 رجلاً في سجن الناصرية، وهو أول إعدام جماعي منذ إعدام 21 رجلاً آخرين في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. ويُعتقد أن نحو ثمانية آلاف شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام. وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لما فقيه، إن "السلطات العراقية تنفذ القتل بموافقة الدولة على نطاق مقلق.
ستترك الموافقات على هذه الإعدامات غير القانونية إرثاً ملطخاً بالدماء للرئيس عبد اللطيف رشيد". وأجرت المنظمة مقابلات مع خمسة أفراد من عائلات تسعة رجال حُكم عليهم بالإعدام، وأُعدم ثلاثة منهم في الأشهر الثلاثة الماضية؛ ومع محامٍ يمثل عشرات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والذي قدم تفاصيل حول أربع قضايا؛ ومع ناشطين.
كما أرسلت "هيومن رايتس ووتش" في 14 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى وزارة العدل رسالة تفصل هذه الادعاءات وتطلب معلومات عن ظروف السجن والإعدامات وإمكانية زيارة سجن الناصرية، لكنها لم تتلق أي رد.
وفي تموز/ يوليو الماضي، نفت وزارة العدل مزاعم تفيد بتنفيذها عمليات إعدام سرية، محذرة من أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد أي مواقع تنشر "أخباراً مضللة من هذا القبيل".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، نفى الرئيس رشيد مزاعم تداولتها وسائل التواصل بأنه صادق على أحكام إعدام جماعية.
وتشير الحالات التي وثقتها "هيومن رايتس ووتش" إلى قيام السلطات العراقية بشكل متزايد بتهديد نزلاء محكوم عليهم بالإعدام وجماعات غير حكومية لتحدثهم علناً عن الظروف في سجن الناصرية المركزي.
ومنذ نيسان/ أبريل الماضي، أُعدم خمسة رجال قدموا شكاوى مجهولة الاسم عبر محامٍ أجنبي إلى "الأمم المتحدة".
وكان لدى اثنين منهم تقارير رسمية من لجنة طبية تابعة لمجلس القضاء الأعلى العراقي تشهد بتعرضهما للتعذيب وتمكنهما من تحديد هوية عناصر الأمن الذين عذبوهما. وطلب الرجلان من النيابة العامة فتح تحقيق مع عناصر الأمن الذين قالوا إنهم عذبوهما، لكن قال محاموهما إن التحقيق لم يُفتح قط. كما طلب الرجلان إعادة المحاكمة، لكن رفضت السلطات طلباتهما بسبب عدم وجود ملف للقضية.
وأضاف محاموهما أن ملفات القضية هذه دُمرت في حزيران/ يونيو 2014 عندما أحرق تنظيم "داعش" مبنى المحكمة الذي كان يحتجزهما. وقال أحد الرجلين، في آخر اتصال له مع محاميه في آذار/ مارس الماضي، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن مسؤولي السجن اكتشفوا نقله معلومات خارج السجن، معرباً عن خوفه من الانتقام.
وفي أوائل نيسان/ أبريل الماضي، حُبس الرجل انفرادياً بمعزل عن العالم الخارجي، حتى أبلغت السلطات أسرته ومحاميه في تموز/ يوليو الماضي بأنه أُعدم. ولم يقل أي من الذين تمت مقابلتهم إنه تلقى إشعاراً مسبقا بالإعدامات، بما يتفق مع الادعاءات السابقة. في بعض القضايا، اتصل مسؤولو السجن بالعائلات لتسلم الجثث بعد أشهر من الإعدام.
وقال أحد أفراد الأسرة إن سبب الوفاة في شهادة وفاة قريبهم كان الإعدام شنقا، لكن لم تكن ثمة علامات حول رقبة الرجل تشير إلى الشنق عندما غسلوا الجثة قبل دفنها، ما أثار الشكوك حول طبيعة وفاته.
وأفاد مقررون خاصون للأمم المتحدة بأن ظروف سجن الناصرية غير إنسانية، بما في ذلك الافتقار إلى الرعاية الصحية والصرف الصحي، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، والوقت المحدود الذي يقضيه السجناء في الهواء الطلق، والاكتظاظ، والطعام الرديء.
وقال المقررون في 27 حزيران/ يونيو الماضي إن "الإعدامات المنهجية التي تنفذها حكومة العراق بحق السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات شابها التعذيب، وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الغامض، ترقى إلى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي وقد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
وفي آذار/ مارس الماضي، التقت ممثلة عن "هيومن رايتس ووتش" بالرئيس رشيد ووزير العدل خالد شواني وثلاثة أعضاء من المجلس الاستشاري الرئاسي في بغداد.
ونفى الرئيس رشيد مزاعم وجود مخالفات في التصديق على أحكام الإعدام، وحدد الخطوات التي اتخذها مكتبه لضمان حقوق أولئك الذين يواجهون عقوبة الإعدام، والتي أكدتها رسالة رد بتاريخ 7 آذار/ مارس الماضي.
ونفى الوزير شواني مزاعم سوء المعاملة والتعذيب والإعدامات غير القانونية في سجن الناصرية، ووعد بتسهيل دخول "هيومن رايتس ووتش" إلى سجون الناصرية والكرخ والرصافة. لم يستجب المسؤولون لطلبات الزيارة أو رسائل المتابعة اللاحقة.
وقالت فقيه: "بهذا المعدل، فإن العراق في طريقه إلى تصدُّر المراتب العليا عالميا في الإعدامات غير القانونية. ينبغي للحكومة بدلا من ذلك تركيز جهودها على إجراء إصلاحات حقيقية للقضاء ونظام السجون العراقيين وإلغاء عقوبة الإعدام إلى الأبد".