سكاي برس/ بغداد
أدت القيود المفروضة على السفر والتدابير الاجتماعية، خلال جائحة "كوفيد-19"، إلى انخفاض حاد في حالات الإنفلونزا الموسمية في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، استمرت سلالات معينة من الإنفلونزا في الانتشار والتطور في المناطق التي تقل فيها القيود، لا سيما في المناطق الاستوائية مثل جنوب وغرب آسيا.
ويتأثر انتشار الإنفلونزا الموسمية بشدة بالسلوكيات الاجتماعية، لا سيما السفر جوا، وبالظهور الدوري لسلالات جديدة تتفادى المناعة من الإصابات السابقة أو التطعيمات.
وخلال دراسة حديثة، عمل الباحثون على فهم كيفية تأثير جائحة "كوفيد-19" على انتشار وتوزيع وتطور سلالات الإنفلونزا الموسمية. وقام فريق دولي من الباحثين، بما في ذلك من جامعة أكسفورد وجامعة فودان وجامعة لوفين الكاثوليكية، بدمج البيانات حول انتشار الإنفلونزا الموسمية وتركيبتها الجينية وأنماط السفر الدولية لدراسة كيفية تحرك فيروسات الإنفلونزا الموسمية وتطورها.
وساعد هذا النهج في تقدير المدة التي بقيت فيها الفيروسات في مناطق معينة خلال فترات ارتفاع وانخفاض أحجام السفر الدولي وكيف تغير تنوعها الجيني قبل وأثناء وبعد جائحة "كوفيد-19".
وخلال الجائحة، انخفضت مستويات الإنفلونزا الموسمية في جميع أنحاء العالم بسبب القيود المرتبطة بـ"كوفيد-19" على حركة السكان والاختلاط. ومع ذلك، بمجرد عودة حركة السفر الجوي إلى مستويات ما قبل الجائحة، سجلت الإنفلونزا عودة سريعة إلى المستويات الطبيعية، ما يدل على أن الفيروس كان موجودا خلال الجائحة وتراكمت له تنوعات جينية جديدة، وهو ما يعكس قدرة الفيروس على الاستمرار في الانتقال والتطور حتى في ظل القيود.
وقال تشي يوان تشين، المؤلف الرئيسي للدراسة، من جامعة أكسفورد وجامعة فودان، إن سرعة عودة الإنفلونزا إلى التوازن الذي كانت عليه قبل الجائحة "كانت مثيرة للإعجاب، ما يبرز مرونة الفيروس وقدرته على الانتشار والتطور بسرعة". ووفقا للدراسة، فإن المناخات الاستوائية، مثل تلك الموجودة في جنوب وشرق آسيا، تسمح باستمرار انتقال الإنفلونزا على مدار العام، وبالتالي خلق مجموعة أوسع من سلالات الإنفلونزا وزيادة التنوع الفيروسي بشكل عام.
وقد وفرت القدرة المتزايدة على مراقبة الجينوم الفيروسي أثناء جائحة "كوفيد-19" مزيدا من التفاصيل حول دور مناطق أخرى، مثل إفريقيا وغرب آسيا، في التداول العالمي للإنفلونزا. كما أظهرت هذه المناطق أيضا أدلة على استمرار انتقال الفيروس خلال الجائحة، مع فرض قيود أقل على حركة السكان مقارنة ببقية العالم.
ويقول المؤلف المشارك للدراسة، البروفيسور موريتز كرايمر، من قسم علم الأحياء ومعهد علوم الأوبئة، جامعة أكسفورد: "إن زيادة قدرة المراقبة الجينومية التي تم إنشاؤها أثناء جائحة كوفيد-19 تعني أننا نحصل أخيرا على نظرة أعمق في أنماط التوزيع العالمية للإنفلونزا الموسمية وأن البيانات الجديدة والكبيرة المتاحة للجميع توفر فرصة للتعرف على العلاقات المعقدة بين المناخ والفيروسات المنتشرة والسلوك البشري".
ومع زيادة قدرة المراقبة العالمية للفيروسات، يمكن تحسين متابعة انتشار الإنفلونزا الموسمية بشكل أكبر، ما يقلل من خطر حدوث اختلافات بين اللقاحات والفيروسات المتداولة، وبالتالي يسهم في تحسين فعالية التدخلات الصحية وتقليل العبء على أنظمة الرعاية الصحية.