سكاي برس/ بغداد
منذ طرحها من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ما تزال قضية الموازنات الثلاث في العراق تزداد تعقيداً وتجول بين أروقة الحكومة والبرلمان، وتتخبط أحيانا بأبواب النفقات والتعيينات وميزانيات المشاريع المتسارع، في وقت يظل فيه الرهان على أن تمضي الموازنات من أجل استقرار اقتصادي في البلاد أمام طموح كبير لمواكبة العالم المتقدم، أسباب تأخر إقرار موازنة 2025.
"تسعى دول العالم إلى أن تكون موازناتها المالية العامة جاهزة في 1 كانون الثاني لتنطلق مع بداية العام وتنتهي بانتهاء العام نفسه، لكن في العراق الأمر مختلف، فهي عادة ما تتأخر لفترات طويلة"، بحسب الخبير الاقتصادي، عبد الحسن الزيادي.
ويضيف الزيادي لوكالة شفق نيوز، أن "جداول الموازنة المالية العامة في العراق عادة ما تتأخر لأشهر وأحياناً لعام كامل رغم الاعتماد الكامل عليها، مسببة إشكالاً كبيراً على الموازنة نفسها وعلى الشعب وعلى كل من ينتظرها".
وينعكس تأخير جداول الموازنة على كل المشاريع، حيث إن التأخير يؤدي إلى توقف الموازنة وخصوصاً أن هذه السنة هي الأخيرة بالموازنة الثلاثية (2023 و2024 و2025)، وفق المدير التنفيذي لمؤسسة عراق المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية، منار العبيدي. ويوضح العبيدي لوكالة شفق نيوز، أن "التأخير بموازنة 2025 يعني التوقف بالموازنة بالكامل، خاصة وأن موازنة عامي 2023 و2024 لم تكن كاملتين، لذلك سيؤدي إلى تعطل الموازنة والهدف الرئيسي منها".
ويشير إلى أن "الموازنة تنتهي عام 2025، وإذا لم تُقر وسارت بشكل صحيح، فسيتم تأجيل الكثير من المشاريع إلى عام 2026، لكن المشكلة أن عام 2025 هو عام انتخابات، ما يعني انتظار تشكيل الحكومة الجديدة التي ستضع الموازنة، ومن خلال التجارب السابقة فإن هذه الإجراءات تستغرق من 6 أشهر إلى عام كامل، لذلك هناك مشكلة أخرى ستكون عام 2026 بعدم إقرار الموازنة نتيجة وجود حكومة جديدة وموازنة جديدة".
وعن مصير مشاريع عام 2025، يبين العبيدي، أنه "إذا لم تقر المشاريع في موازنة 2025، فلا يمكن ترحيلها إلى موازنة 2026، لأنها موازنة ثلاثية، وبالتالي لا يمكن صرفها على عام 2026، حيث إن قانون الإدارة المالية ينص على أنه في حال لم تقر الموازنة أو عدم وجود موازنة في سنة مالية، فيعاد إلى 1/12 للنفقات التشغيلية حصراً، بالتالي تتوقف المشاريع الاستثمارية".
ويعتمد تقييم الأداء الحكومي على بيانات وزارتي التخطيط والمالية، وأن عملية إعادة النظر في التخصيصات المرصودة للمحافظات والوزارات الاتحادية بما ينسجم مع الأهداف تحتاج إلى جداول تحليلية، فيما لم يعطِ قانون الموازنة فروقات حادة بين موازنة 2023 و2024 و2025، لذلك هناك حاجة إلى إعادة رسم بعض البنود لتكون هناك إمكانية لمحاسبة الوزارات عن أدائها، بحسب الخبير المالي والاقتصادي، د.صفوان قصي.
ويلفت قصي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "حكومة السوداني تحاول تغطية قطاع الخدمات والبنية التحتية أولاً، ويلاحظ هناك مجموعة من الجهود التي بُذلت لتنفيذ هذه المشاريع وقسم منها تم تنفيذه قبل موعده، بمعنى أنها يمكن أن تدرج مشاريع إضافية لتكملة 2024 والبدء بالإنفاق عليها عام 2025".
ويشير إلى أن "مسألة إنتاج نفط الإقليم ومعدل تكلفة الاستخراج والنقل يحتاج إلى التعديل ليكون بحدود 16 دولاراً للبرميل، كما يمكن تعديل بعض البنود في قانون الموازنة لتتلائم مع حجم الأهداف المرصودة للسنة المقبلة، وإذا لم يتم تمويل بعض المشاريع من داخل الموازنة فقد تحال إلى الاستثمار".
وخلص قصي إلى القول، إن "مراجعة الجداول التكميلية وتحديث بعض البنود هي ما تسعى اللجنة المالية إلى مناقشته مع وزارة المالية ومن ثم إقراره، للدخول في الفصل التشريعي 2025 وهناك موازنة مستقرة، حيث إن الاستقرار المالي ينعكس على الاستقرار المالي والتنموي".
من جهته، يوضح عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، معين الكاظمي، أن "الحكومة كان عليها إرسال جداول الموازنة خاصة وأن هذه الموازنة لا تتضمن نصوصاً وصياغات إلا في المادة 12 ثانياً (ج) التي تتضمن إعادة احتساب كلف إنتاج ونقل النفط الخام من إقليم كوردستان بأرقام جديدة تصل إلى 16 دولاراً للبرميل".
ويبين الكاظمي، أن "هذه الأرقام هي ليست كما في موازنة 2023 التي احتسبت أسوة بإنتاج النفط في الجنوب، لكن وكما ذُكر بأن نفط كوردستان تكاليفه أكثر من تكاليف إنتاج النفط في الجنوب، وهذا التعديل كمرحلة أولى ومن المفترض خلال الأسبوع المقبل يُعرض هذا الملف على اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي لغرض مراجعته ودراسته وقراءته قراءة أولى وثانية ومن ثم التصويت على هذا التعديل".
ويؤكد، أن "هذا التعديل سيؤثر على جداول الموازنة وخصوصاً التشغيلية على اعتبار أن كلف إنتاج النفط الخام تأتي في الجداول التشغيلية التي ستزيد من 400 ألف برميل نفط تُصدر يومياً من إقليم كوردستان، لذلك سيتم تقدير التكاليف بشكل مضبوط، ولهذا السبب تأخر إرسال جداول الموازنة لعام 2025".
ويشرح، أن "المبرر لعدم إرسال جداول الموازنة هو لا بد من تعديل المادة 12 ليتسنى للحكومة إرسال جداول الموازنة على اعتبار أن تعديل المادة 12 سيؤثر على نتائج الأرقام التشغيلية، وإلا إن وزارة المالية بإمكانها احتساب التشغيلية المطلوبة لعام 2025 الاستثمارية، وأن وزارة التخطيط هي التي تقدرها للمشاريع المستمرة والجديدة للمحافظات والوزارات".
ويضيف الكاظمي، أن "اللجنة المالية ترى أن الموازنة يجب أن تكون بمقدار الإيرادات التي سوف لا تزيد عن 150 تريليون لعام 2025، ويمكن أن يُستهلك منها 120 تريليون للتشغيلية ومنها تكاليف إنتاج النفط، و30 تريليون للاستثمارية للمشاريع التي تُنفذ في المحافظات والوزارات".
وينوّه الكاظمي في نهاية حديثه إلى أنه "في حال عدم إرسال الجداول فإنه يمكن اعتماد مصروفات عام 2024 ويستمر الصرف باعتبار أن الموازنة ثلاثية، لكن هذا التغيير والتعديل الحاصل للمادة 12 ثانياً (ج) هو الذي أصبح لزاماً على الحكومة تعديل هذه المادة ومجلس النواب يصادق عليها ومن ثم ترسل جداول الموازنة".