Skip to main content

تحقيق بريطاني مأساوي من الواقع الصحي في مستشفى السرطان في البصرة

شؤون محلية الأربعاء 04 آذار 2020 الساعة 16:30 مساءً (عدد المشاهدات 11683)

بغداد / سكاي برس

نشرت وكالة بريطانية تحقيقاً سلط الضوء على الواقع الصحي في العراق وتحدث عن تفاصيل وأرقام مرعبة نقلها وزير الصحة المستقيل علاء الدين علوان.

وناقش التحقيق الذي نشرته وكالة رويترز ملف صناعة الأدوية في العراق، والعلاج في الخارج، وكشف أرقاماً عن استهداف الأطباء فضلاً عن اجرائه جولة في مستشفى السرطان بمدينة البصرة.

ويقول التحقيق في نصه انه تتدلى على جدران مستشفى سرطان الأطفال في البصرة صور لبعض الصغار الذين عولجوا فيه. ترتسم ابتسامة على شفاه أغلب أصحاب الصور. ويظهر في الركن الأيسر الأعلى من بعض الصور شريط الحزن الأسود. تلك هي صور من رحلوا عن الدنيا.

ويقول المواطن هشام عبد الله إنه ترك وظيفته لرعاية ابنه مصطفى (14 عاماً) وباع بيته وبعض الأغراض القيمة التي تملكها عائلته لسداد قيمة العلاج، ولأنه لا يتمتع بأي تأمين صحي فهو يقدر أنه أنفق 120 ألف دولار على الأقل على شراء أدوية من السوق السوداء وعلى رحلات إلى مستشفيات في الخارج. واضطرت أسرته المكونة من خمسة أفراد للانتقال للعيش مع شقيقه.

وقال عبد الله ”فدوة. الحمد لله. لو أنام بالشارع والله العظيم فدوة إله. لو بالشارع بس ولا لحظة يقول آه. إمكانية دولة هاي، يعني مو إمكانيتك أو إمكانيتي“. يعاني نظام الرعاية الصحية في العراق من أزمة. فثمة نقص في الدواء وفي أعداد العاملين القائمين على الرعاية الطبية. ويعمد الأطباء للهرب إلى الخارج بالآلاف كما أن متوسط الأعمار ومعدلات وفيات الأطفال أقل بكثير منها في باقي أنحاء المنطقة. وهذا العام ظهر خطر جديد على الجانب الآخر من الحدود مع إيران يتمثل في وفاة العشرات بعدما أصيبوا بفيروس كورونا المستجد، كان أحدهم نائب وزير الصحة، الأمر الذي دفع الحكومة العراقية إلى إغلاق الحدود. وأعلن العراق في الأيام الأخيرة عن ظهور المرض في أراضيه.

وتقول رويترز انها ولسبر غور الانهيار الذي شهده قطاع الرعاية الصحية في العراق عشرات الأطباء والمرضى والمسؤولين والمستثمرين من القطاع الخاص وحللت بيانات من الحكومة ومنظمة الصحة العالمية.

قصة معقدة

وتضيف انه وخلال الثلاثين عاماً الماضية تعرضت البلاد للخراب بفعل الحروب والعقوبات الدولية والصراع الطائفي وصعود نجم تنظيم داعش،لكن حتى في أوقات الاستقرار النسبي ضاعت على العراق فرص توسيع نظام الرعاية الصحية وإعادة بنائه.

ففي عام 2019 على سبيل المثال ، وهو عام شهد هدوءاً نسبياً، يكمل التقرير خصصت الحكومة 2.5 في المئة فقط من موازنة الدولة البالغة 106.5 مليار دولار لوزارة الصحة. وهذا مبلغ ضئيل مقارنة بما يتم إنفاقه في دول أخرى بالشرق الأوسط.

وفي المقابل حصلت قوى الأمن على 18 في المئة ووزارة النفط على 13.5 في المئة. وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة المركزية في العراق أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيراً، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الانفاق 161 دولاراً في المتوسط بالمقارنة مع 304 دولارات في الأردن و649 دولاراً في لبنان.

وقال علاء علوان وزير الصحة العراقي لرويترز في أغسطس آب الماضي ”الوضع الصحي في العراق تراجع بشكل كبير جداً خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية. وأحد أسباب هذا التراجع، وليس فقط السبب الوحيد، هو عدم إعطاء أولوية من قبل الحكومات المتعاقبة للصحة في العراق“.

وأضاف ”الصحة في العراق لا تعتبر أولوية. ولذلك ركزنا على المعطيات التي تشير إلى مدى إعطاء أولوية للقطاع الصحي في الموازنة الحكومية“.

واستقال علوان، الذي سبق أن شغل مناصب عليا في منظمة الصحة العالمية، من منصبه الوزاري في الشهر التالي بعد أن أمضى عاماً واحداً في المنصب مستشهداً بفساد لا يمكن التغلب عليه وتهديدات من معارضين لجهوده الإصلاحية.

وفيما بعد يقول تحقيق رويترز تفجرت احتجاجات شعبية في بغداد وفي مناطق كثيرة من جنوبي العراق بما فيها البصرة في أواخر العام الماضي وطالب فيها الآلاف بإصلاح النظام السياسي الذي يقولون إنه أهدر موارد الدولة ودفع بالمواطنين العاديين إلى صفوف الفقراء. وسوء الرعاية الصحية أحد المظالم الرئيسة كما أن نقص فرص العلاج من السرطان قضية ساخنة. وتمتلئ البرامج الإخبارية على شاشات التلفزيون كل يوم تقريباً بقصص الآباء الملتاعين لأطفال مصابين بالسرطان.

ويتنامى الضغط الشعبي على القيادات السياسية على كل المستويات.

وينقل التحقيق عن المدرس كرار محمد (25 عاماً) الذي توفي أبوه بالسرطان ”أنا هنا اليوم لأن أمي مريضة بالسرطان وما حتى تقدر تحصل أبسط علاج“.

وكان محمد يتحدث في أوائل تشرين الثاني وتحيط به مجموعة من أكثر من عشرة شبان يرفعون العصي ويرتدون أقنعة واقية من الغاز. وقف هؤلاء الشبان يسدون الطريق على جسر في وسط بغداد وكانوا يتأهبون لمواجهة مع رجال الشرطة المدججين بالسلاح.

ومنذ الأول من تشرين الأول قتلت قوات الأمن ما يقرب من 500 محتج وأصابت الآلاف وفقاً لحصر أجرته رويترز. ودفعت تلك الاحتجاجات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاستقالة في كانون الأول.

عنابر مزدحمة

كان مصطفى يرقد على سرير في غرفة المعيشة ببيت عمه في البصرة عندما زاره مراسل من رويترز في ربيع العام 2019. كان ألم صامت يعتصر وجهه. ولم يكن بمقدوره الشعور بالراحة في رقاده بسبب الورم المصاب به في ظهره. بدأت مشكلة مصطفى بألم بسيط في الساق في 2016. وأساء أطباء تشخيص حالته في البداية فقالوا إنه مصاب بالتهاب في المفاصل.

وعندما تم اكتشاف الورم كانت حالته الصحية قد تدهورت. وقرر الأطباء أنه مصاب بنوع من السرطان يصيب الأنسجة الضامة. وبدأ مصطفى رحلة العلاج في المستشفى التخصصي للأطفال في البصرة.

ويقول التحقيق ان المستشفى يعاني من عجز كبير في الغرف. إذ تزدحم كل غرفة بستة أسرة كلها مشغولة. ويتمثل تخلف العراق عن باقي المنطقة في معدل أسرة المستشفيات إذ يبلغ 1.2 سرير فقط لكل ألف نسمة. وتنام الأمهات على الأرض بجوار أسرة الأطفال المرضى أما الآباء فينامون في مقطورة قريبة يسميها العراقيون الكارافان. بل إن غرف الطوارئ أعيد تجهيزها لكي تتسع لمزيد من المرضى.

ويقول إداريون إن المستشفى قد يضطر قريباً للتوسع في المساحات المخصصة للمخازن. يشكو الآباء من أن قلة المساحات المتاحة ليست في صالح أطفالهم الذين يعانون من نقص المناعة بسبب العلاج الكيماوي لكنهم يدركون أنه لن يتم السماح بدخول أغلب الأطفال إذا شرع المستشفى في تقييد نسبة الإشغال. والبصرة، أكبر مدن الجنوب، هي العاصمة الاقتصادية للعراق وتصدر من النفط ما يوفر 90 في المئة من إيرادات الدولة. غير أن نظام الرعاية الصحية يعاني من نقص مزمن في التمويل ويديره فريق مرهق من الأطباء والممرضات وفقاً لما يقوله أطباء ومرضى في المدينة وحسب تحليل لبيانات وزارة الصحة.

ولا يمكن أن يُعزى نقص الأسرة وعدد العاملين إلى الحرب على تنظيم داعش وفقاً للتحقيق، فعلى النقيض من المحافظات التي شهدت دماراً بسبب زحف المتطرفين عليها لم تشهد البصرة أي اشتباكات.

ويشير المرضى والأطباء إلى الفساد وسوء الإدارة على المستويين الاتحادي والمحلي. 

ويقول تحقيق رويترز انها توصلت إلى أن نصيب الفرد من الإنفاق الحكومى على الرعاية الصحية في البصرة بلغ 71 دولاراً في المتوسط بين عامي 2015 و2017 أي نصف المتوسط العام على مستوى البلاد. 

وتعاني البصرة من نقص شديد في معدات طبية حيوية حيث لا يوجد بها سوى ثلاثة أجهزة للأشعة المقطعية ووحدة واحدة للفحص بالرنين المغناطيسي لكل مليون نسمة وهي نسبة لا تذكر مقارنة مع المتوسط العام في الدول المتقدمة والذي يبلغ 26 جهازاً للأشعة المقطعية و16 جهازاً للرنين المغناطيسي. . 

وقال علي العيداني المدير الإداري إن المستشفى يحتاج إلى أكثر من أربعة أمثال ما حصل عليه من أموال من وزارة الصحة في 2019 للعمل بكفاءة. ولا يوجد في المستشفى جهاز للمسح الذري الذي يستخدم للمساعدة في رصد أنواع معينة من السرطان وتشخيصها أو ما يكفي من أدوية السرطان.

ولتسيير العمل بالمستشفى خلال فترات نقص الأدوية يعمد العيداني إلى جمع تبرعات الأمر الذي يزج به في مشاكل مع السلطات التي حققت معه عدة مرات في اتهامات بالفساد وفي كل مرة كان التحقيق ينتهي بمجرد تحذير.

وهو يقول بحسب رويترز إن ذلك ليس بالأمر الخطير ويضيف بنبرة رزينة ”حتى الآن“. كما يقول إن رؤساءه يتفهمون ضرورة الارتجال من أجل تسيير العمل بالمستشفى ولهذا السبب يحققون معه لكنهم لا يتخذون أي إجراء آخر بحقه. ويسلم مسؤولون بوزارة الصحة بأن مثل هذه المواقف تنشأ في بعض الأحيان. 

فاللوائح الحكومية التي ترجع إلى السبعينيات تمنع الأطباء من أمثال العيداني من شراء معدات أو أدوية من القطاع الخاص. ويتعين عليه بدلا من ذلك استلام الأدوية مباشرة من وزارة الصحة في بغداد والتي لا تملك في كثير من الأحيان ما يكفي منها.

وقال العيداني إنه إذا اتبع اللوائح فسيموت الأطفال ببساطة. وهو يلجأ بدلاً من ذلك لاستغلال ثغرة فيشتري الأدوية من إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي وله وزارة الصحة الخاصة به ونظام تفتيش مواز على الأدوية.

ونظراً لخضوع تلك الأدوية للفحص والاعتماد من قبل جهة حكومية فإنها تعتبر مستوفاة للشروط القانونية.

ملف الدواء

وقال وزير الصحة السابق علاء الدين علوان لرويترز إن نسبة تتجاوز 85 في المئة من أصناف الدواء على قوائم الأدوية الأساسية في العراق كانت إما موضع نقص في الامدادات أو غير متوفرة على الإطلاق في 2018.

وأدوية السرطان من أندرها وأكثرها عرضة للتهريب لأسباب منها ارتفاع أثمانها.

ويقول مسؤولون بجهات تنظيمية ومستوردون من القطاع الخاص إن بعض الشركات الدولية تتجنب إبرام تعاملات مباشرة مع الحكومة العراقية بسبب الفساد وعدم الاستقرار.

وسلم علوان وزير الصحة السابق بخطورة الفساد فقال ”بكل صراحة أيضا قضية الفساد الإداري الموجود في العراق تشكل عقبة في هذا المجال“.

وتستورد الحكومة الدواء والمعدات الطبية من خلال الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية المعروفة باسم كيماديا. 

وأصر مدير عام الشركة على أن العلاقة مع شركات الأدوية طيبة لكنه سلم بأن كيماديا شركة عتيقة ولا تحظى بتمويل كاف وتفشل في كثير من الأحيان في تلبية الطلب.

وقال مدير عام الشركة مظفر عباس الذي استعان به الوزير السابق علوان لتطوير العمل بها ”تأخير إقرار الميزانية ممكن أن يؤثر على تأخر الدراسة لأنه لا يجوز البدء بالدراسة والإحالة ما لم يكن هناك تغطية مالية“.

وأضاف وفقاً لرويترز ”واحد من العوامل التي تسبب تأخير الدراسة لما يكون هناك تذبذب في الاحتياج أو تغيير في الاحتياج يؤثر على الدراسة“. وتمتلئ الصيدليات بالأدوية المهربة التي ربما تجاوز بعضها تاريخ الصلاحية أو أصبح استخدامه غير مأمون العواقب.

ولا يستطيع العراق أيضا التعويل على الصناعة المحلية في إنتاج الأدوية. فقد اختلف الوضع اختلافاً كبيراً عما كان عليه في الستينيات والسبعينيات عندما كانت الرعاية الصحية بالعراق موضع حسد في منطقة الشرق الأوسط.

فقد كان العراق ثاني دولة بعد مصر تدخل مرحلة تصنيع الدواء. أما الآن فيقف مصنعان كبيران مملوكان للدولة شاهداً على مدى الانحطاط الذي حل بالصناعة. يقع المصنع الأول في الموصل وقد لحق به الدمار بسبب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة. أما الثاني فيقع في سامراء شمالي بغداد ويعمل بمعدات عتيقة. وتتولى عاملات تجميع مستلزمات علاج البثور بأشرطة مطاطية بينما يتولى عمال من الرجال تعبئة العلب يدوياً.

وتأسست الشركة العامة لصناعة الأدوية قبل 50 عاماً وهي تملك المصنعين. 

وقال رئيس مجلس إدارتها ليث عبد الرحمن لرويترز في مكتبه بسامراء إن الشركة كانت تنتج 300 صنف. أما الآن فهي لا تنتج سوى حوالي 140 صنفاً وكلها من الأدوية الأساسية وليس من بينها أدوية ضرورية لإنقاذ المرضى المشرفين على الموت.

وفي العام 2019 كانت الشركة تنتج أدوية أقل بنسبة 80 في المئة مما كانت تنتجه في 2002 قبل الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد.

ويوجد 17 مصنعاً مملوكة لمستثمري القطاع الخاص لكنها تنتج أيضا أدوية أساسية بتكنولوجيا عفا عليها الزمن.

ويقول مهنيون إن الفساد والضرائب العالية وشبكة الكهرباء التي لا يمكن التعويل عليها وسوء حال سلسلة الإمداد وسوء الأوضاع الأمنية كل ذلك تسبب في تأخر الصناعة لعشرات السنين.

وقال عباس إن الشركات العراقية تغطي أقل من ثمانية في المئة من احتياجات السوق. وتفتقر الشركات للمواد الخام والتكنولوجيا والمعدات.

وأضاف عباس ”تاريخ الصناعة الدوائية في العراق هو من أقدم الصناعات في المنطقة وفي الوطن العربي، حيث كان معمل أدوية سامراء يعتبر الرائد في المنطقة، يمكن ثاني دولة عربية دخلت مجال صناعة الدواء بعد مصر.

”كان هذا المصنع يغطي الكثير من احتياجات العراق من الأدوية وكان يصدر لدول أوروبا الشرقية وللدول العربية“.

مشاهد من مستشفى السرطان

في مواجهة سوء تجهيز المستشفيات ونقص الأدوية في البلاد ينفق كثيرون من مرضى السرطان آلاف الدولارات طلباً للعلاج في الخارج في لبنان والهند والأردن وإيران وتركيا.

وتنقل رويترز عن عامر عبد السادة المشرف على برنامج الإخلاء الطبي في العراق إن العراقيين أنفقوا 500 مليون دولار على الرعاية الصحية في الهند في العام 2018 وحده. وأضاف أن الحكومة الهندية أصدرت في ذلك العام نحو 50 ألف تأشيرة طبية للعراقيين.

وحاورت رويترز 11 مريضاً بالسرطان بعضهم يتعافى من المرض وقالوا إنهم أنفقوا آلاف الدولارات على علاج السرطان في الخارج.

وأنفق كثيرون منهم مدخرات العمر وعادوا ليكتشفوا أن علاجات المتابعة الطبية غير متوفر. وينفق أمثال أسرة عبد الله التي لم يعد بوسعها تدبير تكاليف السفر للخارج ما تبقى لديها من أموال على الأدوية في السوق السوداء.

وكانت أسرة عبد الله تنتمي للطبقة المتوسطة قبل أن يمرض مصطفى. وكلفتها عمليته الجراحية الأولى 12 مليون دينار عراقي، أي حوالي عشرة آلاف دولار، وهو مبلغ وصفه والده بأنه ”يكسر الظهر“.

ثم جاءت الحقن فكان ثمن الأولى 500 دولار والثانية 400 دولار والثالثة 300 دولار. وبلغت تكلفة فحوص الأشعة في اليوم التالي ألف دولار.

ومع ذلك كان لدى الأسرة من مدخراتها ما يكفي لسفر مصطفى إلى الهند بعد ثمانية أشهر عندما تدهورت صحته. وبلغت تكلفة الرحلة حوالي 16 ألف دولار ولم تسفر عن تحسن حالته.

وبفضل تبرع سخي من أحد أصحاب الأعمال الخيرية أمكن لمصطفى السفر إلى لبنان حيث قال والده إنه تلقى العلاج السليم. بلغت تكلفة تلك الرحلة 7000 دولار ولم تستطع الأسرة إرساله للخارج مرة أخرى.

وقال عبد الله ”احنا احترنا، وين أوديه؟ ما عندي إمكانية“.

وأضاف إن أكبر بند في الإنفاق على علاج ابنه هو الدواء ويتم شراء الكثير منه من لبنان لأن البدائل المحلية غير فعالة. ويتكلف علاج الابن سنوياً حوالي 3000 دولار.

واضطر عبد الله إلى ترك وظيفته للعناية بمصطفى على مدار الساعة ولجأ للقيام بأشغال غريبة تدر عليه ما بين 640 و720 دولاراً في الشهر.

وقال عبد الله إن الأمور كانت أفضل في عهد صدام مضيفا ”يعني هاي الدولة ما بها رحمة؟ ما أدري. أنا أقول يعني يمكن حتى لو ذاك النظام (صدام حسين) ما يخلي ها الشيء. كان جهود وحركات لكن هسة (الآن) ماكو شيء (لا يوجد شيء). ما حد يدري بيك. ما حد يشعر بحالك“.

وتلجأ وزارة الصحة إلى رجال الأعمال للمساعدة في تحمل أعباء تطوير المعدات والخدمات.

وفي العام 2019، طبقت الوزارة إصلاحات للسماح لرجال الأعمال ممن ليست لهم أي خلفية طبية بامتلاك المستشفيات. ويقدر المسؤولون بقطاع الصحة أن القطاع الخاص أضاف 2000 سرير بالمستشفيات في العراق في الأشهر الستة الأولى من 2019 بزيادة نسبتها أربعة في المئة تقول رويترز.

كما طبقت الهيئة الوطنية للاستثمار عدة حوافز لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية. ومن هذه الحوافز إعفاء ضريبي لمدة عشر سنوات وإمكانية الاستعانة بعاملين من الأجانب وإعفاءات من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم والحق في تحويل رأس المال والأرباح للخارج وتسهيل عمليات استخراج التأشيرات وتصاريح الإقامة وكذلك السماح باستئجار الأراضي.

لكن كل ذلك لم يكن كافياً ولا يزال من الصعب جلب مستثمرين إلى العراق إذ ظل عدم الاستقرار المالي والسياسي يمثل عائقاً كبيراً. وعندما تعرضت المنشأة الجديدة التي أقامتها الحكومة لتصنيع أدوية السرطان في الموصل للقصف في 2017 أصبحت صور ما تخلف عنها من ركام تذكاراً مؤلماً بالمخاطر المحدقة بالمنطقة.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة