Skip to main content

اغتيال نصر الله يكشف الحسابات الخفية وصراع المصالح !

مقالات الاثنين 03 شباط 2025 الساعة 21:22 مساءً (عدد المشاهدات 70)

سكاي برس/ بغداد

بقلم مراد الغضبان ترددت كثيرًا قبل كتابة هذا المقال، ليس فقط لحساسية الموضوع، بل أيضًا بسبب الكم الهائل من المعلومات والتسريبات المتضاربة التي وصلتني من أشخاص قريبين من هذا الملف، بعضهم معني به بشكل مباشر، وبعضهم يراقب المشهد من زواياه الخفية. لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن المنطقة شهدت تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق باغتيال حسن نصر الله بضربة جوية إسرائيلية دقيقة، وهو الحدث الذي كشف عن توازنات جديدة وصراعات خفية قد تعيد رسم معالم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ما حدث لم يكن مجرد اغتيال لزعيم حزب الله، بل ضربة موجهة لقلب المشروع الإيراني في المنطقة، ومؤشرًا واضحًا على أن قواعد اللعبة تغيرت. التقارير الأولية كشفت أن العملية كانت محكمة ودقيقة، نفذتها إسرائيل باستخدام تقنيات استخباراتية متطورة، مستفيدة من اختراقات أمنية عميقة داخل المنظومة الأمنية للحزب. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف تمكنت إسرائيل من تنفيذ هذه الضربة؟

المعلومات المتوفرة تشير إلى أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية استخدمت شبكة معقدة من العملاء داخل لبنان، إلى جانب تقنيات مراقبة متقدمة، لرصد تحركات نصر الله بدقة. هناك من يذهب إلى أن العملية لم تكن ممكنة لولا وجود تعاون استخباراتي دولي، وربما تغافل متعمد من بعض القوى الإقليمية. لم يكن استهداف نصر الله مجرد ضربة أمنية، بل رسالة سياسية واضحة بأن أي شخصية، مهما كانت تحصيناتها، ليست بمنأى عن يد إسرائيل الطويلة.

ورغم ضخامة الحدث، فإن المثير للدهشة هو غياب رد حاسم من إيران. الصمت الإيراني، الذي بدا وكأنه حالة انتظار، عزز الانطباع بأن طهران ليست في موقع يسمح لها بالمواجهة المباشرة. هذا يعيد إلى الأذهان كيف تعاملت إيران مع اغتيال سليماني والمهندس قبل سنوات، حيث اكتفت بردود محدودة لم تؤثر في موازين القوى. هذه المرة، كان الأمر أكثر وضوحًا: لا قدرة على الانتقام السريع، ولا استعداد للدخول في مواجهة مفتوحة قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة.

لكن تداعيات الاغتيال لم تقتصر على إيران فحسب، بل ضربت حزب الله في العمق. غياب نصر الله ترك الحزب في أزمة قيادة حقيقية. رغم وجود قيادات أخرى، إلا أن أحدًا منهم لا يمتلك الكاريزما والقدرة على إدارة الصراع كما كان يفعل نصر الله. داخل أروقة الحزب، هناك حالة من التوتر، إذ يشعر كثير من الكوادر بالخذلان والتخبط، خاصة مع استمرار الضربات الإسرائيلية التي طالت قيادات الصف الأول والثاني، وأدت إلى خسائر فادحة في العنصر البشري والبنية التحتية للحزب.

أحد أكثر العوامل التي جعلت هذه العملية ممكنة هو التفوق الاستخباراتي والتكنولوجي الإسرائيلي، حيث استطاعت تل أبيب استهداف شبكات الاتصال الخاصة بالحزب، واختراق منظوماته الأمنية. المعلومات تشير إلى أن إسرائيل استخدمت تكتيكًا جديدًا، تمثل في تفجير أجهزة البيجر التي يعتمد عليها الحزب في التواصل السري بين قياداته، مما أدى إلى إرباك العمليات الميدانية، وسهّل تنفيذ الاغتيالات بدقة غير مسبوقة.

في المقابل، إيران التي كانت لعقود الداعم الأول للحزب، باتت في وضع لا يسمح لها بتقديم الدعم كما في السابق. الضغوط الاقتصادية الهائلة، والعقوبات المتزايدة، جعلت طهران تعيد حساباتها، وتبحث عن طرق لحماية نفسها قبل حلفائها. هذا الوضع أثر بشكل مباشر على نفوذها في العراق ولبنان، حيث بدأت الفصائل الموالية لها تدرك أن الدعم الإيراني لم يعد مضمونًا، مما دفع بعضها إلى البحث عن بدائل، أو اتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن التوجيهات الإيرانية.

في لبنان، كان اغتيال نصر الله بمثابة ضربة مزدوجة، ليس فقط لحزب الله كقوة عسكرية، ولكن أيضًا لدوره السياسي. التطورات الأخيرة، خصوصًا اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة دون تأثير مباشر للحزب، أعطت مؤشرًا واضحًا على أن هناك رغبة إقليمية ودولية في تقليص دوره تدريجيًا. هذا يعني أن لبنان قد يكون في طريقه إلى مرحلة جديدة، يتم فيها إعادة رسم التوازنات الداخلية بعيدًا عن هيمنة الحزب التي استمرت لسنوات.

ومع كل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل نحن أمام مرحلة جديدة من الانسحاب الإيراني التدريجي من المنطقة، أم أن طهران تخطط لمفاجأة استراتيجية تعيد خلط الأوراق؟

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة