سكاي برس/ بغداد
يرى خبراء أمنيون ومحللون سياسيون عراقيون، أن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن وجود خطط ومواعيد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق هي عبارة عن مسكنات لكسب الوقت، في حين أن التواجد باق ومستمر لفترة طويلة، لكن يحاول الجانب الأمريكي الاستفادة منها انتخابياً من خلاله دعم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس قبل الانتخابات الأمريكية، وأيضاً لغرض خفض التصعيد المسلح مع فصائل المقاومة الإسلامية، كما أنها تعتبر أيضاً دعماً لحكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بأن الأخيرة ماضية بتنفيذ وعودها بإخراج أو إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق.
وكانت معلومات نشرتها وكالة (رويترز) ، نقلاً عن مصادر أمريكية وعراقية عدة، تحدثت عن توصل البلدين الى اتفاق يحدد خطط انسحاب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، بعد مرور 6 أشهر على بدء المحادثات بينهما. وبحسب تلك المعلومات، فإن المئات من الجنود الأمريكيين سيغادرون بحلول أيلول/سبتمبر 2025، بما في ذلك كل الجنود المتمركزين في قاعدة عين الأسد، وعدد كبير من الجنود من بغداد، بينما ستبقى قوة أمريكية ومن قوات التحالف الأخرى في أربيل إلى نهاية العام 2026 لمواصلة العمليات ضد تنظيم داعش في سوريا.
وتعليقاً على ذلك، يقول الباحث في الشأن السياسي، سيف السعدي، إن "بين فترة وأخرى تظهر تصريحات تعتبر استهلاكاً محلياً داخل العراق تنسجم مع رغبة وتطلعات الحكومة العراقية التي لا تريد مصارحة شعبها بأن بقاء القوات الأمريكية مستمر لفترة أطول خاصة في ظل وجود قوات أمريكية في قاعدة عين الأسد وفكتوريا وحرير، لذلك لا وجود للانسحاب".
ويرى السعدي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن "هذه التسريبات هي مسكنات ألم وليست معالجة للمرض، حيث إن القوات الأمريكية مستمرة في التواجد وتنظم علاقتها من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي المكونة من 31 مادة تشير إلى بقاء القوات الأمريكية لفترة طويلة، كما هناك بند حماية النظام الديمقراطي، وهذا معناه أن أي خلل أو مشكلات داخلية تراها أميركا أنها قد تقوض عملية النظام الديمقراطي أو تفشل التجربة الديمقراطية في العراق فإنها ستتدخل".
ويضيف، "كما لدى الولايات المتحدة مبررات أخرى عدا حماية النظام الديمقراطي، وهي تواجد تنظيم داعش الإرهابي، وقبل أيام كانت هناك عملية مشتركة بين جهاز المخابرات العراقي والقوات الأمريكية في وادي الغدف غربي الأنبار، وبالتالي القوات الأمريكية تشرعن تواجدها من خلال هذه العمليات وتواجد داعش الإرهابي، كما هناك ارتباط وثيق بين التواجد الأمريكي في سوريا والعراق في ظل عمليات العزم الصلب في العراق وسوريا".
وخلص السعدي إلى القول: "لذلك لا أجد أي انسحاب للقوات الأمريكية، وهذه التصريحات عبارة عن شعارات للاستهلاك المحلي ومسكنات تحاول من خلالها الاستفادة من الهدنة وتستثمرها الحكومة العراقية مع بعض الفصائل العراقية التي لا تلتزم بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي هي نوع من الإقناع وكسب المزيد من الوقت لنهاية هذه الدورة الحكومية أو البرلمانية التي لم يبقَ لها سوى عام ونصف العام وبعدها سوف تجرى الانتخابات التشريعية في 25 تشرين الثاني 2025".
بدوره، يوضح مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية، اللواء الركن المتقاعد عماد علو، أنه "لم يتم الإعلان بشكل رسمي من قبل العراق أو أمريكا حول انسحاب أو إنهاء مهمة قوات التحالف، كما لم يتطرق الطرفان الأمريكي والعراقي بأي شكل من الأشكال وبأي مرحلة من مراحل الحوار الاستراتيجي من قبل اللجنة الفنية العسكرية حول انسحاب القوات الأمريكية".
ويشير علو إلى "وجود فرق بين إنهاء مهمة التحالف وانسحاب قوات التحالف وبين انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وكان التطرق دائماً والتصريحات التي ترد من المسؤولين العراقيين والأمريكيين حول الانتقال إلى علاقات ثنائية وبقاء عدد من القوات الأمريكية لأغراض التدريب والاستشارة وتقديم الدعم للقوات المسلحة العراقية، وهذا يتم الاتفاق عليه بين الجانبين من خلال اللجنة الفنية العسكرية العليا".
وتابع، أن "مسألة الانسحاب فيها نوع من الغموض والمطاطية وعدم الوضوح، وتعتمد على حالة التوتر بين فصائل المقاومة الإسلامية والجانب الأمريكي بسبب المعطيات الراهنة في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، إضافة إلى التوترات الأخرى في المنطقة في الساحتين السورية والعراقية، والتوتر بين الجانب الأمريكي والإيراني".
ويرى علو، أن "عملية الانسحاب أو إعلانها يحاول الجانب الأمريكي تسريبها لأغراض انتخابية لدعم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس قبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأيضاً لغرض خفض التصعيد بين فصائل المقاومة الإسلامية والقوات الأمريكية الموجودة في قاعدة عين الأسد وحرير وفكتوريا، كما أنها تعتبر أيضاً دعماً لحكومة السوداني بأن الأخيرة ماضية بتنفيذ وعودها بإخراج أو إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق".
من جهته، يقول عضو تيار الحكمة - أحد قوى الإطار التنسيقي - عباس غدير، إن "انسحاب قوات التحالف في مراحله الأخيرة، فبعد الاجتماعات واللقاءات بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية تم الاتفاق بشكل رسمي على انسحاب قوات التحالف، ووصلت المباحثات إلى مراحلها الأخيرة". ويلفت غدير خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التسريبات تقول إن موعد انسحاب القوات سيكون في العام المقبل، على أن يكون هناك اتفاقية ثنائية بين العراق وعدد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية تحدد من خلالها عمل المستشارين لتدريب القوات العراقية".
وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، قال يوم السبت، إن تحديد متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق، منوط بالرئيس جو بايدن، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
ونقلت المجلة الأمريكية، عن المسؤول الأمريكي قوله: "كما ورد بوضوح في البيان المشترك بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء السوداني، فإن الزعيمين يؤكدان أنهما سيقومان بمراجعة هذه العوامل لتحديد متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق، والانتقال بطريقة منظمة، نحو شراكات أمنية ثنائية مستدامة، استناداً إلى الدستور العراقي، واتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق".
وأضاف: "ليس لدينا أي إعلانات جديدة لنصدرها في هذا الوقت".