سكاي برس/ بغداد
فصائل المعارضة السورية المسلحة على حلب ومحيطها، تشي بأن طهران "تخشى على نفوذها" ليس ذاك الذي خسرته في المدينة فحسب، بل على صعيد كل سوريا، وفقا لحديث خبراء ومراقبين.
ووصل وزير خارجية إيران عباس عراقجي، إلى تركيا، الإثنين، والتقى بنظيره هاكان فيدان. وكان قبل يوم واحد في دمشق، حيث اجتمع مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في زيارة هي الأولى لدبلوماسي إلى العاصمة السورية بعد فقدان الأخيرة السيطرة على حلب.
وجاء في تصريحات للخارجية الإيرانية، الإثنين، أن "مستشاري إيران العسكريين" سيبقون في سوريا "بناء على طلب" نظام الأسد.
ومن جهته، شدد عراقجي من أنقرة على ضرورة عقد قمة بين تركيا وإيران وروسيا "في أقرب وقت ممكن" على مستوى وزراء الخارجية، لمناقشة الأزمة السورية.
حلب والمناطق الواقعة في ريفها التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة، تعرف منذ سنوات بأنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لإيران عسكريا. وانعكست تلك الأهمية في السنوات التي سبقت عام 2020، عندما زج الحرس الثوري الإيراني بالكثير من الميليشيات هناك على الأرض، كما بدت جلية عندما قتل الأسبوع الماضي، جنرال إيراني كبير يدعى كيومارس بورهاشمي، على يد الفصائل في سوريا، وفق الرواية الإيرانية.
بالإضافة إلى ذلك، ظهرت الأهمية في تسجيلات مصورة نشرتها فصائل مسلحة، خلال الأيام الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توثق صورا ومقارا كاملة كان يستخدمها الحرس الثوري وينشط بها داخل مدينة حلب وفي أريافها الجنوبية والغربية.
"صدمة كبيرة"
ويعتقد آرمان محموديان، وهو زميل باحث في معهد الأمن العالمي والقومي، محاضر في جامعة جنوب فلوريدا، أن "إيران لم تخسر بالكامل في سوريا الآن، لكنها تواجه بالتأكيد حملة صدمة ورعب كبيرة".
ويشير إلى أن إيران "لم تكن تتوقع هجوم الفصائل المسلحة بهذه السرعة". ويوضح محموديان في حديثه، أن "أفضل سيناريو لإيران لمواجهة التطورات الميدانية الحاصلة، هو ضمان بقاء المؤسسة السياسية في دمشق سليمة، ومنع أي انقلاب أو انتفاضة ضد نظام الأسد".
بالإضافة إلى ذلك، فإن "إبطاء تقدم الفصائل المسلحة شمالا سيكون أمرا بالغ الأهمية"، حسب الباحث. و"من المرجح أن تعطي عملية الإبطاء كلا من إيران وروسيا الوقت لإعادة تجميع صفوفهما، مما يمكّن روسيا من شن هجوم جوي آخر واسع النطاق، يسمح لإيران بنشر مقاتلين إضافيين تنقلهم من العراق إلى سوريا"، كما يتابع محموديان.
هل تمتلك أي قدرة؟
وكشفت مصادر سورية لوكالة رويترز، وحسابات داعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، عن "وصول مقاتلين عراقيين من (الحشد الشعبي) إلى سوريا، لدعم قوات النظام" في مواجهة الفصائل المسلحة المعارضة، التي سيطرت خلال الأيام الماضية على مدن وقرى أهمها حلب.
وقال مصدران عسكريان سوريان لرويترز، الإثنين، إن "ميليشيات مسلحة شيعية مدعومة من إيران، وصلت الليلة الماضية إلى سوريا قادمة من العراق، لدعم الجيش السوري في معاركه ضد الفصائل المسلحة المعارضة".
وأضاف مصدر بارز بجيش النظام السوري للوكالة، أن "العشرات من مقاتلي الحشد الشعبي العراقي وصلوا إلى سوريا، من عبر ممر عسكري قرب معبر البوكمال الحدودي". وأوضح أن المقاتلين "سيتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية"، مشيرا إلى أنهم ينتمون إلى "كتائب حزب الله العراقية ولواء فاطميون".
وهي ذات الميليشيات التي كانت رأس حربة "الحرس الثوري" في السيطرة على حلب ومحيطها في مطلع أحداث عام 2011. ويعتقد الخبير الجيوسياسي، عامر السبايلة، أن المتتبع لمسار التطورات خلال الأشهر الماضية يتبين لديه أنه قائم على "القضاء على النفوذ الإيراني في المنطقة". ويوضح السبايلة في حديثه لموقع "الحرة"، أن "إيران لم يعد لديها الآن إلا ورقة العراق"، مشيرا إلى الضربات الكبيرة التي لحقت بحزب الله، وقبل ذلك بالنسبة لحركة حماس.
وفي غضون ذلك، يرى الخبير الجيوسياسي أن "قدرة إيران على المناورة باتت تقل بشكل كبير في المنطقة، فيما تتعمق الأزمة لديها وتزداد تكلفتها".
وقبل وصول الإدارة الأميركية الجديدة "لن تستطيع (طهران) أن تفتح جبهات وتتحول لآلة حرب تستهدف الجميع، لأنها تعلم أن ما يجري يستهدف وجودها في المنطقة"، وفقا للسبايلة.
"ليس لديها الكثير لتقدمه"
وهذه المرة الأولى منذ 2020 التي تتغير فيها خرائط السيطرة في شمال غرب سوريا. وأصبح بيد فصائل المعارضة المسلحة الآن مدينة حلب وكامل أريافها من الجهة الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية.
وتسعى الآن إلى فتح جبهة باتجاه مدينة حماة، لكن النظام السوري كان قد استقدم الكثير من التعزيزات العسكرية إلى هناك، خلال اليومين الماضيين. ويرتبط النظام السوري مع إيران منذ عقود بعلاقة وصفها رئيسه في مطلع أكتوبر الحالي بـ"الاستراتيجية".
ولعب الدعم العسكري الذي قدمته طهران لدمشق بعد عام 2011، دورا كبيرا في حفاظ الأسد على كرسي الحكم، وقد استخدمت طهران لتحقيق ذلك الكثير من الميليشيات على الأرض، منها ما هو محلي وأجنبي. لكن الآن ومع تقدم الفصائل الكبير في شمال سوريا، يرى السبايلة أن "الظروف والواقع بات مختلفا".
ويقول الخبير إن "إيران ستتحرك في سوريا، لكن بحذر وبأدوات أخرى وأذرع". ويشير إلى توقيت هجوم الفصائل وما سبقته من تحركات عشائرية في منطقة البوكمال بدير الزور، والضربات التي تلقاها حزب الله، مضيفا: "إيران تعي أنه تتم محاولة تجريدها من أهم ورقة في سوريا. وهي لا تملك الكثير لتقدمه".