تعد المخلفات الطبية واحدة من أخطر الملوثات البيئية حينما تتحرق كونها تحمل في تصنيعها مواد خاصة تتحول الى ملوثات تساهم في تفشي الأمراض والاوبئة، في حين تدافع عوائل فقيرة و متعففة وترى أن هذه المخلفات هي "مصدر رزقها".
وتطرح المستشفيات الحكومية والاهلية والمئات من العيادات الطبية أطناناً من المخلفات التي تحتاج الى طرق حديثة لمعالجتها وحرقها بصورة صحيحة لا تسبب أي آثار التلوث البيئي.
ويقول صاحب ستوتة ( محمود غالب 12 عاما)، إن "عملي هو جمع المخلفات الطبية من العيادات والمستشفيات في نهاية كل يوم حيث اقوم بجمعها في أكياس مقابل مبلغ مالي بسيط يتراوح بين 5 آلاف إلى 7 الاف دينار".
ويضيف، "في ظلمات الليل نرميها في الجهة المقابلة لساحة وقوف السيارات وعندما لا يبقى أحد في السوق اجلس امامها واستخرج (الولاعة النارية)، واحرقها وعندما ينتهي الحريق انسحب واكون قد انهيت جولة يوم واحد بإتلاف هذه الكميات".
ويتابع غالب "ليس في كل مرة نحرق النفايات الطبية بل في غالبية الاوقات نضعها داخل أكياس ونرميها في موقع تجمع النفايات، وهناك من يبحث داخل هذه الاكياس عن قطع حديدية او غيرها من المواد، فيقوم بفتح الاكياس ورميها في موقع النفايات".
ويخلي مسؤوليته ويقول، "لا علاقة لي في تلوث البيئة، وانا ومثلي آخرون يقومون برمي النفايات، وأنا في غالب المرات احرقها واكون قد ساهمت في تقليل النفايات بحرقها".
ويوضح أن "النفايات باتت مصدر رزق للكثير من اصحاب (الستوتات) وتعتاش عليها عشرات العوائل، ولا علاقة لنا اذا ما تتلوث البيئة او لا ، فانا ابحث عن لقمة العيش حتى لو احترقت الكرة الارضية لان والدي يريد مني نهاية اليوم الاموال التي اجمعها في جمع النفايات، وهو بدوره يقوم بشراء الطعام لعائلتي التي تتألف من 9 اشخاص".
تحرك حكومي
ويقول رئيس مجلس محافظة كركوك محمد ابراهيم الحافظ ، إن "مجلس محافظة كركوك يولي اهتماما كبيرا في ملف التلوث البيئي، والمحافظة على بيئة سليمة في كركوك، وعقدنا اجتماعاً بحضور المدير العام لصحة كركوك ارجان محمد رشيد، ومدير بلدية كركوك المهندس احمد عمر، لبحث قضية معالجة النفايات الطبية في المحافظة".
ويضيف "من المهم تخصيص محرقة خاصة للتخلص من النفايات الطبية بشكل آمن وسليم، بما يتماشى مع المعايير البيئية والصحية الدولية"، مشدداً على "ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بين الدوائر المعنية لضمان الحفاظ على البيئة والصحة العامة في كركوك، وعلى أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الآثار السلبية للنفايات الطبية، وتحديد موقع ملائم بما يتناسب مع طبيعة المدينة".
وتابع رئيس مجلس محافظة كركوك أن "التعاون المستمر بين دوائر الصحة والبلدية مهم وان تخصيص محرقة خاصة للنفايات الطبية يعد خطوة حيوية في الحفاظ على صحة المواطنين والبيئة"، موضحاً أن "هذه المبادرة تأتي ضمن سلسلة من الخطوات التي تسعى المحافظة إلى تنفيذها للحد من التلوث البيئي وتحسين إدارة النفايات بشكل عام".
أطنان من المخلفات الطبية
ويقول معاون مدير عام صحة كركوك زياد خلف، إن "النفايات الطبية التي تخرج من المستشفيات الحكومية يتم حرقها في محارق خاصة في كل مستشفى، و لغرض انهاء عملية الحرق النفايات في المستشفيات نعمل على إخراج هذه المحارق الخاصة بإتلاف النفايات الطبية من خلال جعلها في محرقة خاصة تقع خارج كركوك للمحافظة على البيئة وإبعاد الروائح عن مركز المدينة".
ويلفت إلى أن "صحة كركوك مع البلدية تعمل على تخصيص موقع في منطقة زندانة جنوب كركوك لغرض تنفيذ مشروع محرقة ذات مواصفات عالية ومانعة للتلوث البيئي في كركوك"، مبينا أن "هذا المشروع نعمل عليه بالتنسيق مع مجلس محافظة كركوك، وقد ابدى رئيس مجلس المحافظة الدعم الكامل لتنفيذ هذا المشروع الذي سوف يساهم في تقليل التلوث وإتلاف المخلفات الطبية للمستشفيات الحكومية وكذلك الاهلية".
ويؤكد خلف أن "النفايات الطبية زادت مع التوسع العمراني الحاصل في كركوك والزيادة في المستشفيات الحكومية والاهلية"، مشيراً إلى أن "كركوك تطرح أطناناً من المخلفات الطبية يوميا وشهريا، وان وجود محرقة نظامية تعمل وفق نظام يحافظ على البيئة سوف يقلل انتشار هذه المخلفات او حتى نقلها ورميها في مواقع للطمر الصحي في المحافظة".
1500 طن من النفايات يومياً
ويشير مسؤول الاعلام في بلدية كركوك عدنان شكور في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى "التحديات التي تواجههم في إدارة النفايات الطبية، خاصة مع تزايد كميات هذه النفايات نتيجة التوسع في الخدمات الصحية في المحافظة، والتأكيد على ضمان اتباع الإجراءات السليمة في جمعها ونقلها إلى المحرقة المخصصة، من أجل تقليل المخاطر الصحية والتلوث البيئي الناتج عنها، خدمة للصالح العام في محافظة كركوك".
ويضيف أن "كركوك تطرح يوميا بحدود 1500 طن وهذا الامر يتطلب إمكانيات وآليات تعمل على مدار اليوم"، مؤكداً أن "المحافظة على نظافة المدينة هو عمل مشترك بين البلدية والمواطن، وان كركوك أطلقت وبدعوة من محافظها ريبوار طه حملة تنظيف ورفع النفايات لغرض تكون كركوك اجمل وانظف". ويشير إلى أن "اصحاب الدراجات النارية يقومون برمي النفايات في منطقة الخاصة وحرقها مما يسبب تلوثا بيئيا حيث يحولون أي منطقة نظيفة الى مكب للنفايات وينبشون النفايات، و تتراكم الأوساخ والنفايات بسبب هذه الدراجات النارية".
مجمعات طبية تلوث نهر الخاصة
ويقول أحد اصحاب الكراجات الواقعة على ضفة نهر "الخاصة" ويدعى علي عبد الجبار لوكالة شفق نيوز، "اجلس من الساعة السابعة صباحا في غرفتي الصغيرة التي اعمل بها في ساحة وقوف السيارات وحتى الساعة التاسعة ليلا ارى بعيني من يرمي المخلفات الطبية"، مضيفاً أن "المجمعات الطبية ترمي يوميا كميات كبيرة من الاوساخ هذا أمام مرأى الجميع، ولا رقيب ولا حسيب لهم". ويؤكد أن "النفايات الاخرى يرميها اصحاب الستوتات ( الدراجات النارية)، وكذلك اصحاب المحال التي يعملون في سوق القلعة ورأس الجسر".