سكاي برس/ بغداد
لأول مرة، ترشحت العاصمة العراقية بغداد لتكون عاصمة السياحة العربية في خطوة مهمة لدعم السياحة في العراق بشكل عام والتعريف بخصوصية بغداد السياحية بشكل خاص، بما تمتلكه من إرث حضاري ومواقع سياحية وتاريخية وحتى دينية لمختلف الطوائف، مما يجعلها لتكون في مصاف المدن السياحية عربياً، بحسب مختصين.
وأكمل العراق مؤخراً ملف المعايير التي أرسلها مجلس سياحة العرب الذي من تشكيلاته منظمة السياحة العربية لقبول ترشح بغداد لتكون لأول مرة عاصمة السياحة العربية، "ويضم الملف 9 بنود وكل بند يضم من 7 إلى 13 فقرة، وكل هذه البنود والملف عموماً يتضمن أسئلة وتقارير تتعلق بالبنى التحتية بالبلد في كل المجالات (الصحية والبيئة والأمن والدفاع المدني والسياحة وغيرها)، لذلك هو ملف فني بامتياز، وفق مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون السياحة والآثار والمغتربين، ورئيس لجنة بغداد عاصمة السياحة، عمر حسن العلوي.
ويتابع العلوي : "كما تم تشكيل لجنة لإعداد هذا الملف بأمر ديواني وأنا على رئاسة اللجنة، وتوزعت المهام على الوزارات والدوائر المعنية كافة، وتم إكمال إعداد الملف بجهود عراقية خالصة، فلم تتم الاستعانة بأي خبير من منظمة السياحة العربية أو من مجلس سياحة العرب، على عكس ما معمول في الملفات السابقة بالمدن الأخرى، التي عادة ما توفر منظمة السياحة العربية خبراء للمساعدة في إكمال هذا الملف، لكن نحن أكملنا هذا الملف بجهود عراقية خالصة، وهذا يعتبر إنجازاً كبيراً".
ويوضح، أن "الملف الذي نتمنى إنجازه في ملف المعايير يتضمن 300 صفحة، وهذا أكبر ملف يقدم مقارنة بالمدن التي سبق لها وأن قدمت ملفاتها وقُبلت، ورغم تضمن الملف 300 صفحة لكن لم نغطِ جميع بغداد، وهذا الملف سيقدم خلال اليومين المقبلين إلى مجلس السياحة العرب، وعلى ضوئه سوف يعقد مجلس وزراء سياحة العرب جلسته الدورية (الثامنة والعشرين) في شهر تشرين الثاني المقبل، وسيكون ضمن برنامج جدول أعمال هذه الدورة التصويت على بغداد عاصمة السياحة، ونسعى حالياً إلى استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمجلس وزراء سياحة العرب في بغداد".
برنامجان عند اختيار بغداد
وبشأن المرحلة المقبلة بعد اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية، يبين العلوي، أن "عند اختيار بغداد عاصمة السياحة، سيكون هناك برنامجان، الأول يتعلق بالفعالية الرسمية لانطلاق فعالية بغداد عاصمة السياحة، وهذه احتفالية رسمية سوف تستغرق من 5 إلى 7 أيام، وخلال هذا الأسبوع سيكون هناك عدد كبير من الأمسيات الفنية والثقافية والمعارض وعروض مختلفة".
ويتابع، أنه "يتم حالياً إعادة تأهيل لبعض المواقع التراثية والأثرية التي ستكون ضمن الفعالية، منها زقورة عكركوف التي ستحتضن فعالية، كما يتم العمل على إعادة تأهيل الباب الوسطاني أيضاً، لذلك ستكون هناك فعاليات فنية وسياحية خلال الاحتفالية".
أما البرنامج الآخر الذي يمتد لمدة عام، فيوضح العلوي، أن "المدينة تأخذ حصتها من هذه الفعالية لمدة عام، تبدأ من 1 كانون الثاني وتنتهي في 31 كانون الأول، وهذا البرنامج طويل المدى سيشمل عدد كبير من المؤتمرات والندوات وورشات العمل، وقد يتم توقيع عقود لتطوير الواقع السياحي العراقي وغير ذلك".
ويؤكد، أن "هناك مسؤولية كبيرة في كيفية التمكن من عكس الصورة الحضارية والتاريخية والسياحية والثقافية لبغداد التي تقود المشهد الثقافي العربي لسنوات طويلة، فهذه مسؤولية تحملنا عبئاً أكبر، لأن اسم بغداد كبير".
ويكمل، "لذلك تتم حالياً دراسة وضع خطة طريق أشبه بالخارطة يتم من خلالها استهداف عدد من المواقع الأثرية والتراثية والسياحية والشعبية، ويتم حالياً إعادة تأهليها، ليكون في كل موقع من هذه المواقع فعالية، كما سيكون هناك مسرح الشارع الذي يمتد على مدى عام، وقد يتكون من 50 قصة من قصص ألف ليلة وليلة، ومسرح الشارع هو متنقل ويمكن أن يكون في مول أو منتزه أو شارع وغير ذلك".
ويضيف، "كما يتم العمل على التواصل مع الفعاليات الاقتصادية في البلد للإعلان خلال الاحتفالية الرسمية التي تستمر لمدة 7 أيام عن تخفيضات هائلة قد تزيد عن 50 بالمائة على جميع الأصعدة الاقتصادية، كأن تكون على التوكيلات التجارية والفنادق والمطاعم والمحلات والمولات وغيرها، وهذه تجربة إذا تم النجاح فيها قد تتحول فيما بعد إلى مهرجان أسبوعي تسوقي يقام في كل عام بالتاريخ نفسه، فالفكرة أننا لا نتعامل مع الفعالية على أنها حدث ينتهي بانتهاء الفترة الزمنية، بل نريد استغلال هذا الحدث للبناء عليه".
وعن الملف الأمني، يؤكد العلوي أن "بغداد جاهزة أمنياً وهي أكثر أمناً من الكثير من عواصم دول الجوار، حيث إن مستوى الجريمة السياسية فيها شبه منعدم، أما الجريمة الاجتماعية فهي أقل من المدن الكبيرة في المنطقة، حيث هناك عواصم كبيرة في المنطقة تشهد جرائم اجتماعية بنسب عالية، وهذه لا توجد في بغداد، كما أن مواطني بغداد جاهزين لاستقبال هكذا فعالية والتفاعل معها".
دعوات لاستغلال المناسبة
من جهته، يؤكد نقيب السياحيين العراقيين، الدكتور محمد عودة العبيدي، أن "اختيار بغداد كعاصمة للسياحة العربية واحدة من الخطوات المهمة والداعمة للسياحة في العراق بشكل عام، والتعريف بخصوصية بغداد السياحية بشكل خاص، حيث إن بغداد تمتلك المقومات السياحية كافة التي تجعلها في مصاف العواصم العربية بل عواصم الشرق الأوسط، بما تمتلكه من إرث حضاري وتاريخي قديم سواء الحقب التاريخية القديمة المتمثلة بالحضارة أو بالتاريخ الإسلامي، كما أن بغداد غنية بالمواقع السياحية والتاريخية وحتى الدينية لمختلف الطوائف، مما يجعلها في مصاف المدن السياحية".
ويضيف العبيدي، "ورغم أن بغداد مرشحة بشكل كبير لنيل هذه الصفة، لكن المشكلة هي عادة ما يحصل تقدم في جانب معين ثم يحصل إهمالاً به، لذلك نحتاج بعد اختيار بغداد عاصمة للسياحة بأن تكثف الحكومة دعمها للقطاع السياحي وخاصة في بغداد، من خلال تعريف العالم الخارجي بما موجود في بغداد".
ويتابع، "كما يمكن استغلال هذه الفرصة والمناسبة بإقامة مهرجانات دولية ويتم دعوة بعض الشخصيات العربية والعالمية صاحبة التأثير بالرأي العام إليها، كأن تكون شخصيات سياسية أو فنية أو رياضية، واستغلال وجودهم بعمل رحلات داخل بغداد وخارجها لمختلف المناطق السياحية، فهؤلاء لهم متابعين بالملايين ما ينعكس إيجاباً على تحقيق نوع من التسويق الإعلامي".
ويكمل العبيدي حديثه، "كما يمكن استغلال هذه المناسبة بفتح باب الاستثمار بالشكل الأمثل الذي يوفر مناطق سياحية جديدة بالإضافة إلى توفير آلاف من فرص العمل، فضلاً عن دعم القطاع الخاص للمشاركة بإقامة المشاريع والاستثمارات، وهذا له انعكاسات اقتصادية كبيرة، حيث يلاحظ أن الدول بدأت تعتمد في اقتصادها على الجانب السياحي، لكن لا يزال العراق يعتمد على الجانب النفطي المهدد باستمرار".
ويؤكد، "لذلك هناك حاجة لدعم هذه المناسبة التي قد تشكل انعطافة جديدة بالقطاع السياحي والاقتصادي في حال تم استغلالها بالشكل الأمثل، من خلال الاستثمار ودعم القطاع الخاص وتوفير موارد بشرية كفوءة متخصصة بالقطاع السياحي لقيادة هذا القطاع بالطريقة الصحيحة". وينوّه العبيدي في ختام حديثه إلى "أهمية الإعلام في عكس الواقع الأمني الحقيقي في العراق مما يساعد على دعم القطاع السياحي، فما يهمنا هو السياحة الخارجية، حيث إن السياحة الداخلية موجودة بكل الأحوال، سواء كانت إلى المناطق الشمالية أو الجنوبية، لكن ما يهمنا هو السائح الخارجي الذي يمثل مصدر جذب للعملات الصعبة ما يمكن من خلالها النهوض بالاقتصاد العراقي".
تحديات أمنية واقتصادية
بدوره، يشير الباحث الاقتصادي، عبد السلام حسن حسين، إلى أن "أجمل الأماكن السياحة هي متوفرة في العراق الذي يمر بمرحلة النقاهة في ظل الحكومة الحالية، رغم وجود بعض الأخطاء لكن الوضع عموماً أفضل من السابق، وتشمل المرافق السياحية الدينية والثقافية والاجتماعية وحتى الفنون بجميع أنواعها، لكن لا يوجد استغلال لها لأن أغلب الكفاءات والمثقفين هم خارج العراق وعودتهم صعبة".
ويضيف حسين ، "كما أن النظرة الخارجية على العراق ليست جيدة، حيث هناك مراقبة اقتصادية عليه، مع استمرار تهريب الآثار، إلى جانب الوضع الأمني غير المستقر، وأن الخلل الأمني والاقتصادي يعود بنا إلى الموضوع الأهم، وهو أن كثرة الأحزاب تولد كثرة الرؤساء، وبالنتيجة تغرق السفينة"