بقلم:سمير الربيعي.....
. كان البكر وصدام يبدوان للوهلة الاولى ان احدهما يكمل الثاني في الحزب والقيادة ولا ثالث لهما
،لا تربطهم مبادىء ذلك الحزب واهدافه ولا صلة للعشيرة والقرية في تلك الصلة.
لكن كان هناك شي اكبر من كل هذا وذك ويمكن الحديث يطول ويطول.
قال عنه عبد الكريم فرحان في كتابه حصاد ثورة " لم يكن البكر ضابطاً لامعاً ، فهو من درجة عسكرية أدنى لكنه أعتقل ورفعته صلته بحزب البعث وعلي السعدي" . ومع حكم البكر انفتح الباب على مصراعيه لتعيين الأقارب والاصهار وابناء العشيرة والبلدة والاصدقاء"
صدام كان مسؤولا عن الأمن، والبكر مسؤولا عن الجيش،ومن هنا منحه رتبة فريق اول في الأول من شهر تموز 1973، كما منحه وسام الرافدين من النوع العسكري ومن الدرجة الأولى
وبدوره تسائل الاستاذ عبد المنعم الأعسم .هل كان له ان يلجم صفوة الجنرالات مثل حردان التكريتي وابراهيم الداوود وعبدالرزاق النايف وسعدون غيدان وعبدالعزيز العقيلي وعبدالغني الراوي وصالح مهدي عماش الذين كانوا يمسكون بناصية جيـش انقلابي تخلص نهائياً من نفوذ الملكيين واليساريين والكرد والقاسميين والناصريين تباعاً وكانوا يديرون مفاتيحه، ويعـدوه للقبـض علـى السلطـة؟..
لم يكونا يبدوان مختلفين(الرئيس ونائبه)لكن كانوا متفقين في كل خطواتهما وإن كان واضحا أن صدام هو الأكثر أهمية ونفوذا في الحزب والدولة، وأن طموحاته لا حدود لها، إلى أن اكتملت سيطرته على مرافق الدولة والحزب عام 1974، وبرغم ذلك فقد كانا يبدوان ظاهريا متفقين على كل شي وهكذا تمكنا من رئاسة دولة يعرف العالم انها عصية على الحكم وتضم شعباً من اصعب شعوب العالم إذعانًا للحاكم، واستسلاماً لمشيئته؟
رغم كل هذا تمكنا بقبضة فولاذية من السيطرة عل مقدرات البلد. وضع السيد النائب نظریة قائدان لمسیرة واحدة
لكن كيف كانت تسير عجلة البلاد بقائدين؟
لا رحمة في لعبة السلطة في بلاد الدوي العميق والتاريخ المضطرب.والانقلاب الذي يلد اخر والثورة التي ترتدي عباءة القاتل أو ترتدي ثياب القتيل.
بدأ صدام يجمع السلطة في كلتا يديه بطريقة حثيثة فحينما كان مسئولا عن الأمن كان مسئولا أيضاً عن إدارة الفلاحين وسرعان ما وضع التعليم والدعاية تحت نطاق سيطرته وما لبث أن تولى رسمياً منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في سبتمبر عام 1968 م وبعد ذلك بدأ وصف صدام باسم السيد النائب.الرجل الثاني لكن له اكثر ما للاول من سلطة ونفوذ
لم يرحم أحداً، أزاحهم تباعاً. سقط البكر كالثمرة الناضجة بعد ان جعله اسيرا لديه وفاقدا لكل شي كما قالها البكر نفسه
لحامد الجبوري، عنما جاءه ليقدم استقالته قالها له نحن اسرى لدى صدام.
ويعتقد الدكتور علي كريم سعيد في كتابه ٨ شباط أن البكر أعتقد أن نائبه صدام كان مقتنعاً بالمركز الثاني وان تصفيات الخصوم كانت تصب في مصلحة البكر نفسه للحفاظ على السلطة. لكن في النهاية صبت تلك التصفيات في مصلحة النائب بتقوية موقعه وبالسماح له بالسيطرة على الأجهزة الأمنية والمخابراتية الخاضعة لسيطرة النائب في نفس الوقت الذي تم فيه أضعاف الجيش وبالتالي مصدر قوة البكر وسلطته.
وهكذا تمكن صدام من إحكام قبضته على السلطة من خلال تعيين أقاربه وحلفائه في المناصب الحكومية المهمة بالإضافة إلى مراكز التجارة والأعمال وهو ما تمكن معه في نهاية عام 1970 م من أن يحتكر السلطة فعلياً في العراق تمهيداً للاستيلاء عليها نهائياً في تموز عام 1979 م حيث اضطر البكر إلى الاستقالة وكان السبب الرسمي المعلن للإستقاله العجز عن أداء المهام الرئاسية لأسباب صحية وسلمت كل مناصبه لصدام حسين الذي أعلن نفسه رئيساً للجمهورية ورئيساً لمجلس قيادة الثورة وقائداً عاماً للقوات المسلحة.
ربما يكون سبب الخلاف بين صدام والبكرفيما بعد، أن الأخير كان متحمسا للوحدة مع سوريا، وكان يتحرك باتجاهها بخطوات متسارعة، وهذا يعاكس طموح صدام في استلام قمة السلطة بعد البكر،
من سير الاحداث ، ومن خبرته مع الرفاق، كان صدام يعلم أن الرئيس البكر لن يغادر موقعه في قيادة الدولة والحزب الحاكم إلا بعد ولادة دولة الوحدة العربية المصغرة بين العراق وسورية التي يحكمها جناحان من حزب البعث العربي الاشتراكي ، تحت قيادة حافظ الاسد، خصوصا بعد ان بدأت الكثير من الخطوات باتجاه التوحيد، مثل فتح الحدود وحرية التنقل بإستخدام الهوية الشخصية وحرية العمل ونقل رؤوس الاموال والاستثمار وغيرها .
كان صدام يعتقد ان البكر يحاول استبعاده، بل ويسرع العملية لتجاوزه، وقطع طريق ما خطط له وكرس له حياته لتولي رئاسة الحكم . الحلم ، ان يكون السيد الاول في العراق . الامل ، ان يتنازل الرئيس البكر من منصبه عن رغبة شخصية لكي يحل مكانه بهدوء.
فهم السيد النائب الرسالة وادرك ان لابد له من حسم أمره إذ ان نوايا الرئيس البكر أصبحت واضحة، واي تأخير لن يكون في صالحه. وكل الدلائل كانت تشير في ذلك الوقت على عمق الخلاف بين الرئيس البكر ونائبه . وعلى الفور بدأت سلسلة من الاحداث، منها مقتل مقتل نجل الرئيس البكر ( محمد ) في حادث سير مفتعل مع زوجته وشقيقات زوجته على طريق بغداد تكريت، حيث اصطدمت سيارته المسرعة بشاحنة تحمل الطابوق، مما ادى الى موت الراكبين، وكان محمد من الاشخاص الذين يعادون صدام ويعلمون بتطلعاته
واخير فهم الرئيس (للاب) رسائل نائبه الواحدة تلوا الاخرى وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير خرج الرئيس على شاشة التلفزيون أعلن استقالته لأسباب صحية، مؤكداً أنه طوال حياته كان مستعداً لتحمل المسؤوليات التي كلفته القيادة بها غير أن الفترة الأخيرة من حكمه قد رافقتها أزمات مَرَضية متلاحقة جعلته غير قادر على مزاولة العمل اليومي للمناصب التي كان يحتلها، مما حدا به إلى تكليف صدام حسين بها واستمر البكر مخاطباً الجمهور العراقي بأنه أصر على القيادة وعلى “الرفيق” صدام لقبول استقالته.
أما كيف ولماذا تم هذا الانتقال للسلطة من البكر إلى صدام فقد اختلفت أراء المؤرخين والباحثين، إلا أن المتتبع لتطورات الأوضاع السياسية في البلاد، وما أعقبتها من أحداث خطيرة، يستطيع أن يتوصل إلى بعض الخيوط التي حيك بها الانقلاب،ومن كان وراءه!
ھنا یقف المؤرخون في حیرة من ھذا الامر.. ویطرح الباحثون نظریات مختلفة عن السر وراء ھذه السیطرة، فھنالك من یذھب الى كون البكر ضعیف الشخصیة، واخرون یبررون الأمر بجبنهوخوفه على حیاته في حین یجزم
فریق آخر انھ كان مطوقا من قبل صدام واخوته وعصابته. ثم تتوالى النظریات متتابعة ومع توالیھا تكبر محطات الحیرة والتساؤلات..
وكيف ال الامر الى ماهو عليه فقد اعفانا السيد النائب والرئيس الجديد من كل حيرة وتعب في البحث والتقصي لانه ببساطة صفى كل شهود تلك المرحلة؟
---------------------------------------------
المتوفي ياخذ خطاياه الى قبره،
(قاعدة الفقه القانوني)