Skip to main content

إذاً هي أزمه أخلاقية و قيميه .!

مقالات الخميس 04 حزيران 2020 الساعة 19:24 مساءً (عدد المشاهدات 2313)

طه حسن /  باحث أمني و سياسي / 


الأخلاق منظومة من القيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر وفقاً للفلسفة الليبرالية وهي ما يتميز به الإنسان عن غيره وتكون الأخلاق طاقماً من المعتقدات أو المثاليات الموجهة ، والتي تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس في المجتمع .

فعلم الأخلاق يعتبروه العُلماء من أشرف العلوم وأهم القيم التي ينطلق منها الأنسان للقيام بواجباته في المُجتمع ، إذ إنّ قيمة المرء في الحقيقة تُقدّر بأخلاقه وأعماله ، لا بجسده ولا بعلمه ولا بماله ، ففي الحديث النبوي الشريف :
« إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، وإنّما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم » .
ومن كلام سيد البلغاء الإمام علي عليه السلام :
« قيمة كلّ امرئ ما يحسنه » .

وگذلك ما قاله امير الشعراء أحمد شوقي :
« وإنّما الأُمم الأخلاقُ ما بقيت فإن هُم ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا » .

الدراسات الإنسانية والأجتماعية والتربوية اهتمت بدراسة الأخلاق في الطبيعة الإنسانية عبر التاريخ ، وعلى مرّ العصور وحتى الوقت الحاضر گونها ترتبط بالممارسات السلوكية الأخلاقية للإنسان حيثما وُجِد ، لذلك فقد أهتمّت الأديان السماوية والمذاهب الفكرية الفلسفية بدراستها ، وتعددت حولها الآراء وأختلفت

يقول المُفكر الأمريكي ميلتون روكيش ان القيم عبارة عن تصورات من شأنها أن تفضي إلى سلوك تفضيلي ، فهي بمثابة معايير للأختيار من بين البدائل السلوكية المتاحة للفرد في موقف ما ، ومن ثم فان احتضان الفرد لقيم معينة يعني توقع ممارسته لأنشطة سلوكية تتسق مع تلك القيم ، التي توصف بانها ذلك المحدد والمرشد للسلوك وهي التي توجه أختياراتنا من بين بدائل السلوك في المواقف المختلفة وتحدد لنا نوع السلوك المرغوب فيه في موقف ما توجد فيه عدة بدائل سلوكية كما يرى بأن التعدد في مجالات الحياة والسلوك يؤدي إلى تعدد في نظم القيم الموجهة لسلوك الفرد .

المُتابع للشأن العراقي يجد أن العراق ونتيجة تعرضه لمجموعة من الأزمات و الهزات على مدى عقود من الزمن جراء ( الأستعمار وتبعاته و سقوط الحُكم الملكي وماتمخضت عليه من لعنات وما تلاه من حُكم عسكري عادل نوعاً ما حسبما يراه البعض ، ومن ثُم جاءت حقبه سوداء مُظلمه من حُكم البعث وتبعاته من ( حروب و أزمات و حِصار اقتصادي )
وبعد ذلك عاد الأحتلال الدولي بثوب جديد ، ألا وهو تسنم مجموعة من مُعارضي الخارج زمام الأمور بفترة حُكم شهري على غِرار ( السلفه ) كُل شهر لشخص .

تلك المرحلة تمخضت عن إفرازات هي :
1- الأنجراف الديني غير العقلاني ، والذي بموجبه تحول الدين الى غاية وليس وسيلة .

2- العوده للتمسك بالعادات والتقاليد والأنتماء العشائري واللجوء الى المثل العشائرية القديمة گالفصل والديه حتى شاعت في المدن وأصبحت عُرف عام .
3- أنهيار المنطومة الأخلاقي والقيمية لغالبية المُجتمع والمتمثل بإجازة السرقة والرشوة والكذب والنصب والتعدي على الآخرين وأنعدام الشعور بالمسؤولية بين قطاعات واسعة من الناس ، وأعتبار ذلك شيء مالوف ومقبول .
4- غياب الانتماء الوطني الى درجات خطيرة تُنذر بأنهيار منظومة الدوله .
5- أزدياد التشاؤم وأنعدام الأمل وسط يأس گبير بين طبقات المُجتمع العراقي .

ومن كل ما تقدم ، يمكن التوصل الى أستنتاج مفاده أن ألد أعداء العراق هم العراقيون أنفسهم ، إذ يبدو أن الغالبية من العامليين في مرافق الدولة و العاملين في مرافق ( التجاره و الصناعه و الزراعه و الأستثمار ) قد تخلوا بشكل أو بأخر عن الوطنية والأخلاق وروح المسؤولية ، وصار همهم الرئيس هو الثراء السريع ولو كان عبر بوابات الأنحلال القيمي والأخلاقي گالرشوة والفساد والخوض في عالم المُحرمات .

ما يعانيه العراق اليوم هو البقاء ضمن دائرة الأزمات التي تنتجها متلازمة التغيير والتخبط السياسي والتي شخصها الكاتب الأمريكي صامويل هنتنغتون في الأنظمة التي شهدت تحولاً سياسياً :
(( على أنها الهبوط في النظام السياسي، والتقويض التدريجي لسلطة الحكومة وفاعليتها وشرعيتها، وهو نتاج إلى حد كبير للتغيّر الاجتماعي السريع لفئات جديدة في مجال السياسة ، يقابله تطور بطيء في المؤسسات السياسية )) .

أن مشاعر اليأس الذي كان يُخيّم على العراقيين بتغيير نظام صدام الديكتاتوري من الداخل ، نفسه يعود اليوم وبأگثر قوه .

يبدو أن عجلة النظام السياسي في العراق متوقفة عند عتبة هذه الأزمات وبالتالي أصبحت غير قابلة للتحديث ، بيد أنها تبدو عاجزة تماماً عن طرح حلول لتجاوز ذلك ، لذا ينبغي على الطبقة السياسيه التي بيدها القرار أن تركّز على إشراك الجيل المقبل من الساسه القادرين والمُهتمّين بالإصلاح ، بمن فيهم أولئك الذين هم في الحكم الآن وأولئك المنخرطون في السياسات على المستوى الشعبي ، وعلى تمكينهم ، والتشجيع على إنشاء طبقة سياسية هدفها الإصلاح أن يساعد على حثّ المعسكرات المتنافسة في العراق ، التي إمّا تريد المحافظة على النظام السياسي الراهن أم تريد تغييره برمّته نحو المساومة ..!

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة