طه حسن / باحث بالشأن العراقي /
دار دولاب الزمن بعد عام 2003 ، وشهد العراق فقدان الهوية الوطنية لصالح هويات فرعية ( طائفة و قومية ) ، حصل ذلك بفعل غياب سُلطة الدولة وقانونها وسطوتها جراء عدة عوامل منها :
1- تعدد الأحزاب وتوجهاتها وأنتمائاتها .
2- طغيان المُحاصصه الحزبية والطائفية وتطور الحال الى حكم التوريث العائلي في قيادة الأحزاب .
3- أستشراء الفساد.
4- غياب رؤية بناء الدوله .
5-إهمال المؤسستين الأمنية والعسكرية .
6- تسيس القضاء .
گما أن الولاءات شهدت أنقلاب من الولاء للدولة العراقية حصراً الى الولاء الحزبي والفئوي ، التي غلفت المشهد السياسي العراقي بطابع أخر هذه المرة بولاءات(( دينية ومذهبية وقومية وقبلية )) وأصبحت قوّة موازية تفوقت في أحيان كثيرة على سلطة مؤسسات الدولة .
عندما غابت سُلطة الدولة ومؤسساتها غدا الكلام عن الديمقراطية مضيعة للوقت ، إذ يبدو أن تضخيم السلطة الفردية والفرعية جهوية كانت أو دينية على حساب الدولة كانت الشغل الشاغل ل أحزاب السُلطة ، التي تركت كُل شيء وأنشغلت ببناء قيادة الوهم التي لم تلتفت للواقع ، وحاجات العراقيين .
وحينما التفت الناس بعد زوال الدكتاتورية وحكم الحزب الواحد لم يجدوا سنداً الا العودة الى الوشائج القبلية التي مثلت الشكل التعبيري البديل عن هيبة السلطة ، فما دامت علاقات القربى هي التي تحدد شكل السلطة على حساب المهنية والكفاءة ، فسيكون العراق التجربة الأكثر عمقاً في تضخيم قوة العشيرة وجعلها أشبه بالخزّان الذي يغترف منه الحاكم أمتيازاته المعنوية ، وباتت الدولة العراقية أمام تفاضلات لاعقلانية قائمة على عودة لحُكم القبلية التي باتت سلطة بلا منازع .
أنطلاقاً من عقد متين ، يجهض أيّة محاولة جادة لبناء مؤسسات الدولة ، وقد فشلت كُل الحكومات السابقة في إيجاد الحلول اللازمة للقضاء على هذه الحالة ، نقطة الشروع الأولى هي أن تتوفّر الدوافع الحقيقية لبناء دولة المواطنة وسنّ القوانين الصارمة للقضاء على هذه الظاهرة التي يصفها علماء الأجتماع (( بالسلطة الرجعية صاحبة القرار الفردي )) ، وهو ما يتعارض مع الحكم الديمقراطي السلمي القائم على سلطات الحكومة أو الدولة بمعناها الشمولي المهدد بالخطر ، بتهديد تغول الجهوية والعشائرية على اَي سلطة أخرى يهدد المجتمع بقبيلة زالت من الوجود إلا في بلادنا التي باتت على المحك ،
فهل من وعي يلتفت لخطورة التحدي الجديد الي يُحيط بالبلاد ...