Skip to main content

قطر بعد الإعلان عن انتهاء الأزمة الخليجية

مقالات السبت 13 شباط 2021 الساعة 19:48 مساءً (عدد المشاهدات 1684)

سكاي برس /

بينما الأمور تتجه، على المستويين الإقليمي والدولي، إلى تصفير المشكلات وإخماد بؤر التوتر، تماشياً مع السياسة الأميركية المتوقعة، حيال منطقة الشرق الأوسط؛ بدا أن الدوحة، وحدها، هي التي رأت في التهدئة فرصة للاستمرار في حركتها التي كانت سبب وموضع الخلاف مع الدول التي قاطعتها.

 

وكانت الإدارة الأميركية، في عهد الرئيس دونالد ترامب، هي التي تغاضت عن أسباب خصومة هذه الدول مع قطر، ولم تأخذ بشيء من هذه الأسباب، وبخاصة الموضوع الأمني الذي قيل فيه، إن الدوحة تدعم أنشطة إرهابية متطرفة وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي قاطعتها، على النحو الذي يناقض الاتفاق الأمني، الذي وقَّعه قادة دول مجلس التعاون الخليجي في يناير 2014.

 

وكان الاتفاق قد أكد على عدم تدخُل أي دولة عضو، في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، سواء كان ذلك بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر. وقد اتفق الخليجيون قبلئذٍ، على عدم دعم كل مَنْ يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد؛ سواء عن طريق العمل الأمني المباشر، أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي.

 

وبينما استمر الإعلام القطري، في التلميح والتصريح، بأن الدول التي خاصمت الدوحة، إنما تفعل ذلك بسبب “تفريطها” بالقضايا العربية والامتثال لخيارات الرئيس ترامب وتوجهاته؛ إلا أنها، ومعها هذا الرئيس نفسه، ظلا على علاقة قوية، أنتجت ثلاث عشرة اتفاقية أمنية بين قطر والولايات المتحدة.

 

ولم يلق تعليل الدول التي سحبت سفراءها من الدوحة، بأنها اضطرت إلى ذلك بسبب عدم التزام قطر باتفاق الرياض، الذي وقَّع عليه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبسبب دعم الدوحة للإرهابيين.

 

إن ذلك يضيف إلى البراهين الكثيرة، على أن قطر، احتفظت بعلاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة، ولم تتأثر هذه العلاقة بمواقف الرئيس ترامب من قضية فلسطين وحقوق الفلسطينيين، وقضايا القدس والجولان والمستوطنات.

 

وفق هذه المعطيات، وبشفاعة السياسة الأميركية، وجدت الدوحة نفسها كمن انتصر في المعركة مع جزء معتبر من دول الإقليم، وكأنها هي التي استطاعت إحراز التراجعات التي تتوالى فصولاً، في قضايا سوريا وليبيا والعراق واليمن، وفي الخلاف الذي بدأ في التلاشي، دون أن تحقق الدول التي قاطعتها أي شرط من شروطها، ولم تحرز تقدماً في محاولتها تغيير سلوك الدوحة.

 

كان هذا المنحى، يشجع الدوحة على الاستمرار في سياستها التقليدية، مع إضافة ميادين جديدة لحركتها. وفي الحقيقة، بعد أن خسرت قطر رهانها على ما سُمي بـ“الربيع العربي“ باتت ترى في نتائج القمة الخليجية خسارة لرهان الدول الأخرى على مقاطعة الدوحة، لاسيما بعد أن كان حضور الشيخ تميم بن حمد آل ثاني القمة الخليجية الأخيرة، في الخامس من يناير 2121 رهناً بإعلان مسبق عن فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر بدءا من اليوم نفسه، وللتأكيد على نية الرياض إظهار حسن الاستقبال لحاكم قطر، صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن القمة الخليجية التي تستضيفها محافظة “العُلا” ستكون “جامعة للكلمة وموحدة للصف”.

 

وربما تكون الأمور قد عادت إلى المسار الدبلوماسي غير المُعلن. وكانت إدارة ترامب التي سترحل بعد أيام، قد حرصت على إنهاء الأزمة، دون أي تغييرات تلامس أسبابها. وهذا بحد ذاته، سيجعل قطر أكثر قناعة بسياساتها، ويحفزها على الحركة في العديد من الاتجاهات، بالتلازم مع تركيا التي تُعد قطر الحليف الأساسي والأهم بالنسبة إليها في المنطقة العربية.

 

وعند النظر إلى جوهر العلاقة التركية القطرية، يتأكد بالمنطق أن فحوى الأسباب المعلنة كلها، التي دعت إلى مقاطعة قطر؛ موصول بهذا الجوهر وقوامه أن الدولتين تتبنيان سياسات متطابقة تجاه قضايا المنطقة، وتقدمان دعماً لتيارات وجماعات الإسلام السياسي العنفي وغير العنفي، وعلى رأسه جماعة “الإخوان” التي تعتمد أنقرة والدوحة عليها كأداة للنفوذ ولتنفيذ سياسات محددة في المنطقة.

 

وتزايدت أهمية قطر بالنسبة إلى حكم أردوغان، في ضوء التطورات التي أعاقت الطموح التركي للعودة إلى قيادة المنطقة، لاسيما بعد إسقاط حكم جماعة “الإخوان” في مصر، وانتكاسة أنقرة في سوريا بعد الكثير من التراجع لقواتها وتأثيراتها والجماعات التي تدعمها.

 

وكان معنى الضغوط الخليجية على قطر واحتمالات استجابة الدوحة لما طُلب منها، لمطالبها، هو انهيار المشروع التركي في المنطقة، وتعزيز الضغوط على دولة صغيرة كقطر تمتلك قدرة مالية على دعم تيار الإسلام السياسي، بينما المطلوب إفقاده القدرة على الحركة في المنطقة.

 

وكان موقف الدول الخليجية الثلاث التي قاطعت الدوحة، يتهدد تركيا بتراجع الاستثمارات القطرية فيها، وهي تبلغ نحو 20 مليار دولار في قطاعات المصارف والزراعة والسياحة. فالمصالح التركية جعلت حكومة أردوغان، تؤكد المرة تلو الأخرى، على أن تحالفها مع قطر لا يعني أنها ضد أحد. لكن الدوحة، صاحبة الاستثمارات، لا تزال مزهوّة بإفشال الأميركيين لعملية الحصار، وتفتش لنفسها عن مواضع جديدة للحركة.

 

وأشار الخبراء الاستراتيجيون قديماً، إلى أن الدول الصغيرة، التي ترى ضمانات وجودها في العلاقة مع الأضداد، يظل شأنها في الحركة شأن راكب الدراجة الهوائية، لا يستطيع أن يقف، فإن توقف يسقط، وبالتالي لا بد له من الاندفاع إلى أي وجهة متاحة، ولو اضطر إلى جمع المتناقضات (مثل حال علاقة الدوحة بإيران وإسرائيل وأميركا وتركيا) وهذا ما أصبح أردوغان بصدده الآن.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة