سكاي برس/ بغداد
ما بين تفاؤل حذر وخوف من المجهول واحتفالات حزينة.. يحل عيد الميلاد على المسيحيين في مناطق الحروب بالشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، من سوريا الجديدة، مرورا بغزة المدمرة، فبيت لحم مهد المسيح، التي استقبلت العيد بلا "شجرة ولا بسمة".
يحتفل ملايين المسيحيين حول العالم، الأربعاء، بعيد الميلاد، ومن المتوقع أن يجدد البابا فرانسيس دعوته للسلام في الشرق الأوسط والعالم عموما، خلال القداس الذي يقام بوقت لاحق اليوم.
وترأس البابا قداس عيد الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية في روما، الثلاثاء، ودعا إلى التفكير في "الحروب وفي الأطفال الذين يتعرضون لإطلاق النار، والقنابل التي تستهدف المدارس والمستشفيات".
غزة المدمرة
اقتصر الاحتفال بعيد الميلاد في غزة على أداء الصلاة داخل كنيسة العائلة المقدسة للاتين، وسط الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. ونشر الموقع الرسمي للكنيسة بيانا، أشار فيه إلى زيارة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، إلى المسيحيين في غزة، الإثنين.
وترأس الكاردينال احتفال عيد الميلاد وحث الحضور على "الصمود"، وأجرى جولة تفقدية استعرض خلالها عمليات توزيع المساعدات وقيّم الاحتياجات الملحة، وفق البيان.
وخلال صلاته، أعرب بيتسابالا عن أمله في أن تنتهي "المأساة المستمرة في غزة والمنطقة بأسرها، لتكون بداية لمستقبل أكثر إشراقًا وسلامًا للجميع".
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن المواطنين الذين كانوا بالكنيسة، غابت عنهم مظاهر الفرح والبهجة، بسبب ما يعانيه القطاع من هجمات إسرائيلية.
ونقلت وكالة فرانس برس، عن جورج الصايغ (49 عاما) الذي نزح إلى كنيسة القديس برفيريوس في غزة، العائدة إلى القرن الثاني عشر، قوله: "هذا العيد مكسو بالحزن ورائحة الموت والدمار والخراب، لا أجواء ولا بهجة. لا نعرف.. من سيبقى حيا للعيد المقبل".
سوريا "الجديدة"
استقبل المسيحيون في سوريا أجواء أعياد الميلاد، وسط حالة من الترقب و"الخوف"، خاصة بعد قيام بعض الأشخاص الملثمين بحرق "شجرة الكريسماس" قرب مدينة حماة.
رغم ذلك، تسود أيضا حالة من الوحدة والتفاؤل، في ظل تطلعات للتغيير الحقيقي بعد انهيار نظام بشار الأسد.
وشهدت العاصمة دمشق وعدد من المدن السورية، تظاهرات ضمت مسلمين ومسيحيين، بعد إحراق شجرة الكريسماس في مدينة سقيلبية بريف حماة الغربي.
وقالت سارة لطيفة، وهي مسيحية سورية : "في ظل الظروف الراهنة، كانت هناك العديد من الصعوبات التي واجهتنا، حتى تمكّنا من العودة للاجتماع مجددًا والصلاة معًا بسلام وفرح".
من جانبها، قالت إيما سويفجي وهي سورية مسيحية أيضا: "بشكل عام، يشعر الناس بالخوف من المجهول".
وتحدث يمان بسمار عن وجود "نوع من الخوف من المجهول". وقال بسمار، وهو سوري مسيحي، "نخاف بعد الساعة العاشرة ليلا، من أن يأتي أحدهم ويسأل إذا ما كانت هناك مشروبات كحولية أو سهرات أو حفلات".
"لا بسمة" في بيت لحم
وسط أجواء قاتمة للعام الثاني على التوالي، أقيمت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بمشاركة عدد قليل من الفرق الكشفية التي جابت شوارع المدينة، دون تعليق شجرة ميلاد أو زينة في الشوارع، حيث فضلت السلطات المحلية الابتعاد عن المظاهر الاحتفالية الكبرى. مجموعة من الكشافة في ساحة المهد كسرت الصمت الذي ساد خلال الصباح، وكُتب على لافتة حملها أحدهم: "يريد أطفالنا أن يلعبوا ويضحكوا"، و"أوقفوا الإبادة في غزة الآن".
نائب حارس الأراضي المقدسة، إبراهيم فلتس، قال إن "الوضع في غزة هو الوضع في الضفة الغربية وبيت لحم.
أجهّز لاحتفالات عيد الميلاد على مدار 30 عاما، ولم أشهد مثل هذا الوضع سواء خلال الانتفاضة الأولى أو الثانية، ولا حصار كنيسة المهد، ولا حتى خلال جائحة كورونا".
واستطرد فلتس بالقول إن هذا العام "بلا شجرة عيد ميلاد أو زينة ولا بسمة ولا أطفال ولا أي شيء".
العراق بين الأمل والمخاوف من "خلايا داعش"
أدت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليون نسمة في 2003 إلى نحو 400 ألف شخص فقط، وفقا لإحصاءات غير رسمية.
وتُعتبر الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية أكبر الطوائف المسيحية في العراق، حيث يُقدّر أن الكلدان يشكلون حوالي 80 بالمئة من المسيحيين في البلاد.
وفي حديث له، كشف مارتن داوود، المتحدث الرسمي باسم ديوان أوقاف الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئية في العراق، عن وجود "جهود" للاستماع إلى مطالبات من مسيحيين عراقيين هاجروا إلى خارج البلاد.
وتابع: "الوضع الحالي قد يدعو البعض ممن هاجروا ويعيشون أوضاعا صعبة في بلدان المهجر، أن يعيدوا التفكير بالعودة إلى العراق".
وبشأن الظروف التي تجري فيها الاحتفالات بأعياد الميلاد، قال داوود إن "العراق بلد الخير والأمان والاستقرار، والحكومة منحت تسهيلات لإنجاح الاحتفالات".
كما احتفل المسيحيون في مناطق سهل نينوى شمالي مركز مدينة الموصل، بعيد الميلاد، وسط دعوات وأمنيات بأن يعم الأمن والسلام في مناطقهم.
وعبّر المشاركون في قداس يوم الميلاد في بلدة تلسقف، عن مخاوفهم من ظهور خلايا نائمة لتنظيم داعش، بعد الوضع الإقليمي الجديد الذي طرأ على المنطقة، في إشارة إلى سقوط نظام الأسد في سوريا المجاورة، وسيطرة فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، على الحكم.
يذكر أن مناطق سهل نينوى التي تقطنها أغلبية مسيحية تعرضت لهجمات تنظيم داعش عام 2014، وأدى ذلك إلى تهجير عشرات آلاف المواطنين، والنزوح إلى مناطق إقليم كردستان.
أوكرانيا في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، استيقظت أوكرانيا على وابل من الصواريخ، في وقت تحتفل للعام الثاني تواليا بعيد الميلاد في 25 ديسمبر بدل السابع من يناير.
وكان نقل موعد الاحتفال بالميلاد الذي أقرّه الرئيس فولوديمير زيلينكسي، في يوليو 2023، واحدا من قرارات اتخذتها كييف في السنوات الأخيرة لتبتعد عن روسيا.
وأطلقت صفارات الإنذار في عموم أوكرانيا صباح الأربعاء، مع تحذير القوات الجوية من إطلاق روسيا صواريخ كروز، وإعلان السلطات في مدينة خاركيف بشمال شرق البلاد عن تعرّضها لهجوم صاروخي "كبير".