Skip to main content

قراءة سياسية عن مصير القواعد الروسية بعد أنهيار نظام الاسد.. هل تتنازل موسكو عن وجودها العسكري؟

تقاريـر الخميس 02 كانون ثاني 2025 الساعة 01:06 صباحاً (عدد المشاهدات 232)

سكاي برس/ بغداد

نشرت مجلة سياسية دولية تقرير عن مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا, وسلط الضوء على أهم القواعد العسكرية فضلاً عن اهدافها ومستقبل وجودها, وذكر التقرير بعد تأسيس قوات المعارضة السورية المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، حكومة انتقالية لإدارة الدولة السورية، يمكن القول إن تداعيات سقوط بشار الأسد تمتد إلى ما هو أبعد من سوريا، خاصة روسيا الحليف الأوثق للنظام السابق، وهذه التداعيات ستؤثر على الاستراتيجية الإقليمية الروسية التي من شأنها أن تقوض نفوذ روسيا، ليس فقط في الشرق الأوسط بل وأيضًا في مختلف أنحاء إفريقيا.

واضافة التقرير إن العلاقات الروسية-السورية ليست وليدة عام 2015، تعود لعشرات السنين حيث كانت سوريا حليفًا استراتيجيًا للاتحاد السوفيتي السابق خلال فترة الحرب الباردة، حيث تمحورت العلاقات حول تزويد وتدعيم الجيش السوري عسكريًا وتدريب الكوادر العسكرية السورية. ولكن مع انهيار الاتحاد السوفيتي، تراجعت العلاقات تدريجيًا، لكنها عادت للتطور مرة أخرى مع صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسلطة، حيث أعاد تشكيل سياسة روسيا الخارجية واعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم مناطق النفوذ لروسيا. ولكن مع اندلاع الأزمة السورية في 2011،تدخل روسيت عسكرياً في سوريا، وعززت نفوذها الاقليمي والدولي.

أولًا- قراءة في الرؤية الروسية:

اوضح التقرير, تسعى روسيا جاهدة للحفاظ على نفوذها الجيو-سياسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تمثل تطورات الصراع المسلح في سوريا واحدا من أكبر التحديات الاستراتيجية التي تواجهها في المنطقة. منذ تدخلها العسكري في سوريا في عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد، أصبحت روسيا قوة محورية في الصراع السوري، في محاولة لتوسيع دائرة نفوذها الإقليمي وضمان مصالحها الأمنية والاقتصادية.

ركز التقرير على أن موسكو  تعتبر القاعدتين العسكريتين اللتين تحتفظ بهما في سوريا، وهما قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية ومنشآتها البحرية في طرطوس، من الأصول الاستراتيجية الحيوية التي لا يمكن التفريط بها، خاصة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة.

ووفقاً للتقرير سعت اظهرت موسكو موقفاث ثابتاً بشأن الازمة في سوريا وركزت على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة , وقد تزايدت المخاوف الروسية من تهديد هذه القواعد في ظل التطورات الميدانية المتسارعة, لذلك سعت روسيا لتصدي لهذا التحديات من خلال تأمين هذه القواعد الحيوية من خلال ترتيب اتفاقات مع الأطراف المعنية، بما في ذلك ضمان حماية المنشآت العسكرية الروسية من أي تهديدات قد تنشأ من الجماعات المسلحة أو من القوات المعارضة لنظام الأسد. ويعد الاتفاق الأخير مع بعض زعماء المعارضة السورية خطوة نحو ضمان أمن هذه القواعد والمرافق الروسية، وهو ما يعكس استمرار موسكو في تكريس جهودها للحفاظ على نفوذها العسكري والسياسي في سوريا.

ثانيًا- القواعد العسكرية الروسية في سوريا:

واشارة التقرير إلى ان روسيا سعت لإنشاء القواعد العسكرية لتدعيم نفوذها وضمان حماية مصالحها والتوازن في المنطقة، ومن أبرز وأهم القواعد العسكرية بالنسبة لروسيا ما يلى:

1- قاعدة حميميم:تقع في محافظة اللاذقية غرب سوريا وتعتبر العمود الفقري للوجود العسكري الروسي في المنطقة. وتعد القاعدة ذات أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة لروسيا حيث توفر لها القدرة على القيام بالعمليات الجوية بشكل دائم في البحر المتوسط، مما يجعلها وقواتها في جاهزية للرد السريع ضد أي تهديد في المنطقة. تمثل القاعدة مركز تحكم للطائرات الحربية الروسية، والتي تستخدمها لتنفيذ عملياتها ضد الجماعات المسلحة أو التهديدات الأخرى. وتسهل القاعدة نقل المعدات الروسية إلى سوريا، مما يدعم القدرة الاستمرارية للعمليات العسكرية الروسية في المنطقة.

2- قاعدة طرطوس: تقع على الساحل السوري. تعد طرطوس القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في البحر المتوسط، وكونها تحتوي على أنظمة مراقبة، يمكنها مراقبة حركة الملاحة في البحر، مما يمثل أهمية كبيرة لروسيا حيث تراقب أنشطة الناتو والدول الغربية في المنطقة. وتستخدم هذه القاعدة كوسيلة قديمة لتوفير الدعم اللوجستي للسفن الحربية في البحر المتوسط، حيث تزودها بالمعدات العسكرية اللازمة والوقود والأسلحة، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية قصوى. وتشبه القاعدة من حيث الأهمية القاعدة العسكرية الأمريكية في البحرين، حيث تؤمن المصالح العسكرية الروسية وتمنحها نفوذًا بحريًا دائمًا.

3- قاعدة القامشلي: استفادت موسكو من هذه القاعدة الموجودة ضمن مناطق تخضع لنفوذ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتعزز تنسيقها مع تركيا، وتم تسيير العديد من الدوريات المشتركة بين روسيا وتركيا بمشاركة الطائرات المروحية شمال شرق سوريا منذ 2019 حتى منتصف 2024، بموجب مذكرة تفاهم سوتشي التي وقعتها موسكو مع أنقرة، واشترطت فيها موسكو أيضا تسيير دوريات مماثلة في إدلب وتأسيس منطقة عازلة، لكن البند الأخير لم ينفذ.

ثالثًا- أهداف روسيا من الوجود العسكري في سوريا:

يلفت التقرير إلى ان الوجود العسكري الروسي في سوريا جزءًا من استراتيجية موسكو طويلة المدى لتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، ولحماية مصالحها في الشرق الأوسط. فيما يلي تحليل مُفصّل لأهداف روسيا من هذا الوجود:

1- تعزيز النفوذ الدولي والإقليمي: تُعد سوريا اليوم فرصة لموسكو لإعادة بناء وجودها الإقليمي واستعادة دورها كقوة عالمية.

2- السيطرة على الموانئ الاستراتيجية: تسعى روسيا إلى تأمين موانئ استراتيجية مثل طرطوس، لضمان بقاء مصالحها البحرية ومواجهة التحديات الغربية.

3- توسيع نطاق التأثير الجيو-سياسي ومواجهة الهيمنة الغربية: يعد الوجود العسكري الروسي في سوريا وسيلة لمواجهة الهيمنة الغربية في المنطقة ومنع سيطرة قوى أخرى.

4- يعد الوجود العسكري الروسي في سوريا وسيلة لمواجهة الهيمنة الغربية في المنطقة ومنع سيطرة قوى أخرى.

5- التفاوض على قضايا عالمية: تسعى روسيا إلى استغلال سوريا كأداة تفاوضية في قضايا أخرى، مثل الصراع في أوكرانيا، يعزز من أهمية الوجود الروسي في المنطقة. فكلما زادت روسيا من تعقيد وجودها في سوريا، كلما ازدادت قدرتها على فرض شروطها في التفاوض مع الغرب.

6- مواجهة الإرهاب وضمان الاستقرار الإقليمي:بررت روسيا تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 بضرورة مواجهة الإرهاب، خاصة تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى.

7- التوازن مع القوى الإقليمية والدولية ومواجهة الولايات المتحدة واحتواء تركيا وإيران:ُيعد الوجود الروسي في سوريا ردًا مباشرًا على الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، بما في ذلك وجودها في أفغانستان والعراق. تسعى روسيا لتحجيم الدور الأمريكي في المنطقة واستخدام سوريا كورقة ضغط في المفاوضات مع واشنطن.

رابعًا- السيناريوهات المستقبلية للوجود العسكري الروسي في سوريا:

لفت التقرير إلى سيناريوهات مستقبلية للوجود العسكري الروسي في سوريا بناءً على التغيرات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية. من المرجح أن تواصل موسكو العمل على تحقيق توازن بين الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وتقليل الأعباء الاقتصادية، مع مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.

1- تعزيز الوجود العسكري الروسي: رجح التقرير السيناريو الأول نظراً إلى الأهمية الجيو-سياسية الكبيرة التي تمثلها سوريا بالنسبة لروسيا. وبعد سقوط نظام الأسد، يُتوقع أن تسعى موسكو إلى تعزيز وجودها العسكري والسياسي للحفاظ على نفوذها وضمان استمرارية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. وقد تواجه روسيا تحديات تتعلق بتأمين حليف محلي قوي يحل محل النظام السوري الذي كان يوفر لها الاستقرار في المنطقة. في هذا الإطار، قد تتبنى موسكو سياسة اندماج أكبر في الداخل السوري من خلال دعم فصائل سياسية جديدة أو إنشاء حكومة انتقالية مدعومة بشكل مباشر لضمان ولائها لها.

2- انسحاب جزئي أو كلي من سوريا: رغم أهمية سوريا لروسيا، إلا أن هناك عوامل قد تدفعها إلى تقليص وجودها العسكري، استنادًا إلى مجموعة من الأسباب منها:

أ- الأسباب السياسية: قد يجبر انهيار النظام السوري بالكامل دون وجود بديل موثوق روسيا على إعادة النظر في دورها في سوريا، فمن المحتمل أن تسعى للحفاظ على وجودها في قاعدة طرطوس البحرية على الأقل. حيث يمثل البحر المتوسط أولوية قصوى لروسيا لتأمين خطوط التجارة البحرية وتعزيز مكانتها كقوة عالمية.

ب- الأسباب الاقتصادية: تعاني روسيا من أعباء اقتصادية متزايدة نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب حرب أوكرانيا، إضافة إلى تكاليف الوجود العسكري في سوريا. مع هذه الضغوط، قد تجد موسكو نفسها مضطرة لتقليل نفقاتها العسكرية والتركيز على التحديات الداخلية.

3- التركيز على حماية المصالح العسكرية: بعد سقوط النظام السوري، قد تغيّر روسيا استراتيجيتها في سوريا من التركيز على التدخل العسكري المباشر إلى حماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية بطرق أخرى وذلك من خلال:

أ- المشاركة في إعادة الإعمار: يمكن لروسيا أن تصبح شريكًا أساسيًا في إعادة الإعمار، بالإضافة إلى إمكانية توقيع عقود طويلة الأجل في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، واستغلال موارد النفط والغاز الساحلية بالتعاون مع الحكومة السورية الجديدة.

ب- تعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية: قد تسعى روسيا إلى توقيع اتفاقيات تعاون عسكري واقتصادي مع الحكومة الجديدة لضمان استمرار نفوذها. يشمل ذلك بناء قواعد عسكرية جديدة أو تطوير القواعد الموجودة بالفعل.

ج- التواصل مع القوى المحلية والدولية: ستعمل موسكو على توسيع علاقاتها مع الفصائل المحلية بمختلف توجهاتها، كما قد تسعى روسيا إلى تعزيز علاقتها مع دول مثل الصين، لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة النفوذ الغربي في الشرق الأوسط. ويمكن أن توافق روسيا على تقاسم النفوذ في سوريا مع قوى أخرى، مثل تركيا أو الولايات المتحدة لضمان استقرار محدود ، حيث يمكن أن تتجه نحو الإبقاء على حضور رمزي في سوريا، مثل وجود مستشارين عسكريين أو وحدات صغيرة.

وختم التقرير، لا يزال مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا غير واضح، بعد إطاحة فصائل المعارضة المسلحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد ووصولها إلى السلطة، بعد 13 عامًا من الحرب الأهلية، التي لعبت فيها موسكو دورًا بارزًا، ويمكن القول إنه من السابق لأوانه الحديث عن حسم سريع لمستقبل القواعد الروسية في سوريا، لأن الصورة النهائية لطبيعة الحكم والقوى الحاكمة لم تتبلور بعد وبشكل نهائي، والأوضاع معرضة هناك لتطورات من غير الممكن توقعها في الوقت الراهن.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة