Skip to main content

بعد مواسم من الجفاف.. الحياة تعود لشرايين أهوار البصرة

تقاريـر الخميس 09 كانون ثاني 2025 الساعة 16:51 مساءً (عدد المشاهدات 103)

سكاي برس/ بغداد 

تمتاز البصرة ببيئات مائية وزراعية متنوعة ففي شمالها حيث يلتقي نهري دجلة والفرات في منطقة "كَرمة علي" التابعة لقضاء الهارثة ليشكلا شط العرب، المنفذ البحري الوحيد في العراق إلى المياه الدولية، إلى جانب كثرة الأنهار الفرعية في المحافظة والتي شكلت بدورها هوريّ "المسحّب والصلال" التي باتت مقصداً للسياح العراقيين والجنسيات الأخرى.

ويُعد هوريّ "المسحّب والصلال" جزء من هور "الحمّار" الشرقي، ويتكونان من تفرعات نهر "كَرمة علي" ليشكلا هورين بمساحة تبلغ 200 كيلومتر مربع، وفقاً لما قاله معاون مدير فرع مركز إنعاش الأهوار في البصرة، ناظم عبد الإمام.

الأنظار تتجه نحو الأهوار

ويؤكد عبد الإمام ، أن "لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو ضمّت مؤخراً جزءاً من أهوار المسحب والصلال، وذلك لتحديد المسارات البيئية والنهرية، وبعد هذا الإنجاز اتجهت العناية الحكومية للاهتمام بالأهوار وتهيأتها للاستفادة منها سياحياً وبيئياً، حتى أصبحت مقصداً للسياح من دول العالم والمنطقة".

ويضيف "شهدت الأهوار انتعاشاً في الثروة السمكية وعودة أسماك (السمتي) المفضلة لدى العراقيين بعد اختفائها في السنوات الأخيرة بسبب انتشار سمك (البلطي) غير المرغوب".

ويتابع "كذلك للطيور المهاجرة نصيب من هوريّ المسحّب والصلال حيث تتخذ منها مكاناً للاستراحة من رحلتها الطويلة الممتدة من دول شرق آسيا كالصين وأوزبكستان وحتى من الأرجنتين في أميركا الجنوبية، وتتعدد أنواع وأسماء هذه الطيور فهناك (الخضيري، ودجاج الماي، والحذاف، والبغيلي، والتشم، وأبو سلة، والهليچي) الأمر الذي دعا بعض أهالي هذه المناطق إلى العودة إلى مزارعهم وتربية الدواجن والمواشي وإنشاء الأحواض لتربية الأسماك بعد عودة الحياة للأهوار التي هجرها أهلها بسبب الجفاف".

ويوضح عبد الإمام، أن "نسبة التراكيز الملحية اليوم في مياه شط العرب في قضاء الهارثة تتراوح ما بين 2-3 آلاف TDS، وهي نسبة مقبولة تجعل المياه صالحة للزراعة والاستخدام البشري وعودة الحياة فيها وهي تعتبر منخفضة نسبة إلى ما كانت عليه سابقاً حيث وصلت إلى 17000 TDS، وأحد الأسباب المهمة لزيادة هذه الملوحة هي كمية المياه المتدفقة من نهر دجلة عبر ناظم قلعة صالح".

الهوية السومرية للأهوار

ويروي أبو علي، أحد سكان المنطقة، تفاصيل حياته برفقة الأهوار، إن "حياتي بدأت منذ ولادتي في هذا المكان العريق وتعلمت القراءة والكتابة ثم تركت الدراسة منشغلاً بمصاعب الحياة، وكانت حياتي تتلخص بالصيد والزراعة وتربية الحيوانات التي ورثتها عن أبي وأجدادي، الحياة في الأهوار بدأت تنتعش قليلاً، المياه أصبحت أكثر حياةً لاسيما مع عودة أسماك (السمتي)".

ويتابع أبو علي "لم نعد مضطرين لشراء علف الجاموس كالنخالة والطحين والمشبوش وكبسات التبن، فالجواميس تأكل من أعشاب الهور التي بدأت تنبت مؤخراً مع استمرار انخفاض اللسان الملحي، وأصبحنا نربيها أكثر من قبل".

ويطلق سكان الأهوار أسماءً على جواميسهم لتمييزها منها، "العطرة" لذوات القرون المائلة، و"النصبة" لذوات القرون المتصلبة، و"النكَطة" وهي التي تحتوي على نقاط ملونة في جسمها، و"الغوشة" وهي ذات اللون الأبيض والأسود، ويتكاثر الجاموس بمعدل 20-30 جاموسة لكل 100 جاموس سنوياً.

قصة نجاح

أصبح أبو محمود اسماً لامعاً في أهوار "المسحّب والصلال"، إذ يعيش منذ فترة طويلة هو وعائلته المتكونة من ثلاث زوجات وأبناء، على ضفاف النهر وهو يروي قصة من النجاح عاشها بنفسه وطورها بمساعدة الهور في عزلة عن ضوضاء المدينة والانشغالات الكثيرة وهو يحيي أرضاً تعود لأجداده، شيد فيها منزلاً بناه على الطراز المعماري الحديث ويتكون من ثلاثة طوابق كل طابق مخصصة لزوجة.

بدء أبو محمود مشروعه في زراعة نخيل البرحي وتربية الأسماك وحقول الدواجن والمواشي والزراعة. ويقول أبو محمود في حديث له، إن أبوابه مفتوحة لجميع الزائرين والسياح الذين يودون أن يروا جمال الطبيعة وكيف يعيش الإنسان في كنف الأهوار، متأسياً ومتطبعاً بطباع قديمة تعود جذورها إلى زمن طويل يمتد الى حضارة سومر.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة