Skip to main content

قنوات اتصال بين "النجف والمخابرات الأميركية" ..

مقالات الاثنين 15 نيسان 2019 الساعة 09:42 صباحاً (عدد المشاهدات 3458)

سليم الحسني

في عام ٢٠٠٦، كانت الأوضاع في العراق مضطربة أمنياً، والقتل الطائفي يملأ المناطق الساخنة، والتدهور هو المظهر الأبرز لشكل العملية السياسية. وقد كان واضحاً أن القوة الرئيسية في العراق التي يمكنها التأثير على الساحة الجماهيرية والسياسية تنحصر بيد المرجع الأعلى السيد السيستاني، فقد دعا الى التصويت على الدستور، والى المشاركة الفاعلة في الانتخابات البرلمانية، كما أطفأ الفتنة الطائفية بنداء واحد منه، بعد أن كانت ساعة الصفر لبدء الحرب الطائفية قد أوشكت على الرنين.

انشدّ الشيعة الى بيت السيد السيستاني انشداداً مصيرياً، وهذا شأنهم دائماً في اللجوء الى المرجعية والاحتماء بها، فهي قيادتهم ومصدر قوتهم. ومع ارتباك الوضع ووقوفه على حافة الانهيار المرعب، صارت عيونهم متعلقة بباب البيت القديم، وكان الباب مفتوحاً تصدر منه التوجيهات والنصائح والارشادات.

اكتشف الشيعة في العراق بروز شخصيات طارئة، وعرفوا أن سلطات الاحتلال تعمل على تحويل بعضهم الى كيانات قائمة تحت عناوين دينية، وهذا ما جعلهم يزدادون تعلقاً بباب المرجع الأعلى فهو القلعة الحصينة التي لا تخترقها أجهزة المخابرات، وليس في ذلك شك على الاطلاق، فمواقف المراجع معروفة، وتاريخهم يروي ذلك بنبرة واضحة صريحة.

لكن الشيعة ـ وربما الكثير منهم حتى اللحظة ـ لم يتوقعوا أن تكون قناة اتصال قد بدأت بين النجف الأشرف وبين أجهزة المخابرات العليا في واشنطن قريبة من غرفة المرجع الأعلى، وأنها كانت ناعمة ملساء تمر من وراء ظهره بهدوء وحذر.

في تلك السنة أي ٢٠٠٦ بدأ السيد جواد الخوئي (المقرب جداً والمدعوم من السيد محمد رضا السيستاني) اتصالاته بالمخابرات الأميركية مع قسم الشؤون الإيرانية، وقد نالت المعلومات والتقارير التي قدمها، استحساناً رفيعاً من قبل المسؤولين الأميركان. وبقي تواصله مستمراً مع مكتب المخابرات الأميركية المختص بالشأن الإيراني، وهو ما يُطلق عليه في تقارير المخابرات بـ (مراقب إيران).

هذا التاريخ تحدده وثيقة من وثائق المخابرات الأميركية التي نشرها موقع وكيليكس، ولا يُعرف التاريخ الأول الذي بدأ تنسيقه أو عمله بهذه الدوائر. فلم أعثر على وثيقة تشير الى ذلك في وثائق وكيلكيس حتى الآن، وقد ينكشف تاريخ العلاقة وتفاصيلها من قبل وكيليكس أو غيرها من مصادر المعلومات والتسريبات، بما في ذلك الأجهزة المخابراتية الأميركية نفسها، وهذا اجراء سبق واستخدمته المخابرات الدولية في حالات عديدة، وكان أكثر استخداماً من قبل السي آي أي.

منطقة الاتصال بين جواد الخوئي والمخابرات الأميركية هو العاصمة الأذربيجانية (باكو). وهذا الاسم له موقعه القديم في تاريخ الرصد المخابراتي لشيعة إيران والعراق.

فقد كانت (باكو) ومنذ أواخر القرن التاسع عشر منطقة مراقبة لشؤون الشيعة وأجواء المرجعية، وتواجدت فيها محطات بريطانية وروسية، كانت تكتب التقارير باستمرار عن أوضاع النجف الأشرف ومساحات المقلدين والأشخاص النافذين قرب مراجع الدين. وقد ذكرتُ ذلك في كتابي (دور علماء الدين في مواجهة الاستعمار) ونشرتُ فيه بعض الوثائق عن تلك التقارير التي تناولت أحداث المشروطة في بدايات القرن العشرين، وكان مكان الرصد وارسال التقارير (باكو)، إنه أمر له دلالته الخاصة عندما يبقى ثابتاً طوال هذه المدة.

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة