سكاي برس/ بغداد
يتوقع مراقبون أن يكون العراق أمام أحد ثلاثة سيناريوهات في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، بعد سعيه إلى تطبيق مشروع إقليمي جديد، تبرز فيه قوات يطلق عليها "حراس الأقاليم"، لتكون شبيهة بقوات البيشمركة في إقليم كوردستان، لتحقيق الأمن في المنطقة.
وعن تفاصيل هذا المشروع، يقول الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، إن "الولايات المتحدة قادمة بمشروع يمكن وصفه بمشروع إقليمي جديدة يقوم على أساس نظام دولي جديد، وهذا النظام الإقليمي يضم سمات عديدة منها رأسمالي ليبرالي، ونظم ديمقراطية فيها تعددية حزبية ونظم فيدرالية، وهذه ستُفرض بشكل أو بآخر لتحقيق ما يطلق عليه بـ(الأمن الإقليمي)، الذي سيكون واقع حال مفروض نتاج لتسوية تم تمريرها عبر توافق روسي - أمريكي في سوريا".
ويضيف الشريفي، أن "هذا المشروع الإقليمي سيمثل خط شروع لواقع أمني وعسكري جديد تظهر فيه أدوار ما يطلق عليه بـ(حراس الأقاليم) شبيهة بالبيشمركة والأسايش في إقليم كوردستان، وستغيب في هذا النظام الإقليمي الجديد دور الأيدلوجيات والميليشيات، وهذا سينعكس بشكل مباشر على العراق الذي يوصف بدولة حليفة للولايات المتحدة لكن فيه فصائل، في حالة خاصة بالشرق الأوسط".
ويؤكد، أن "هناك ضغطاً على رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني لحسم هذا الملف، لكن كل المعطيات تشير إلى أن السوداني غير قادر على حسمه، بل هو يراهن على الزمن ويعطي الوعود، لكن على أرض الواقع لم تستجب الفصائل للسوداني، ما يؤسس لنظرية جديدة".
وعن هذه النظرية، يرى الشريفي، أن "الملف الأمني والعسكري الذي تتبناه الولايات المتحدة سيذهب باتجاه تعزيز ما يطلق عليه بـ(الأمن الإقليمي) الذي يتماهى مع الأمن والسلم الدوليين، والذي قد يدفع الولايات المتحدة إلى تنفيذه عبر الإجراء القسري، أي استخدام القوة، لذلك لا يستبعد استخدام القوة في المرحلة المقبلة، وهي مرحلة تشكل انعطافة في مستقبل الشرق الأوسط، وتؤسس لمعادلة جيدة".
3 سيناريوهات أمام العراق
من جهته، يتوقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة إكستر البريطانية، هيثم الهيتي، أن "الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على العراق، سياسية واقتصادية وقانونية، وهذه الضغوط قد تؤدي بالعراق إلى واحد من سيناريوهات ثلاثة".
ويتمثل السيناريو الأول، بحسب ما أخبر الهيتي بـ"التغيير عبر الانتخابات بشروط أمريكية قد تؤدي إلى تحويل مسار انتخابات بما يتناغم أكثر مع الرغبات الأمريكية والرغبات الشعبية جزئياً، من خلال دعم معين للعراق ينتج انتخابات وتنازلات داخلية تنتج تصحيحاً معيناً في المسار السياسي بحيث يخرج العراق من المنطقة الرمادية التي هي القرب الشديد من إيران، والتناغم أكثر مع الولايات المتحدة".
ويضيف، "أما السيناريو الثاني، فهو قد يكون هناك تغيير جزئي من خلال فرض عقوبات على بعض الشخصيات الصقور في النظام السياسي الحالي، وبالتالي إزاحة أطراف معينة والإبقاء على أطراف أخرى، وقد يتخلله ضرب إسرائيلي لبعض المواقع المعينة لأجنحة تساند هذه الصقور، التي قد تتعرض للعقوبات".
ويشير الهيتي إلى أن "السيناريو الثالث صعب تطبيقه، وهو احتمالية التغيير الجذري".
بدوره، يربط المختص في الشؤون السياسية الأمريكية، عقيل عباس، الموقف الأمريكي من العراق بالسياسة الأمريكية تجاه إيران.
ويبين عباس، أن "هذا يعني، إذا لم تتوصل أمريكا إلى اتفاق مع إيران على كل المواضيع الخلافية بشكل سريع نسبياً، فإنه سيتم اللجوء إلى سلاح العقوبات الاقتصادية التي ستطال العراق أيضاً، مع احتمال قوي لضربات عسكرية إسرائيلية ضد الفصائل المسلحة".
مستويات ردع جديدة
وفي هذا السياق، يقول الخبير العسكري، علاء النشوع، إن "القيادات العسكرية الأمريكية في العراق ترسم خططها على تطورات الأحداث في المنطقة فهي تحتفظ بقواعد عسكرية مهمة في مواقعها سواء كان من ناحية الأهمية الاستراتيجية أو من ناحية تنفيذ المهام العسكرية في ضرب ومعالجة الأهداف التي تحددها".
ويوضح النشوع أن "أهم المسارات العسكرية الأمريكية في المنطقة، هي إنشاء قواعدها في عقد استراتيجية ذات أبعاد عسكرية وأمنية مسيطرة يتيح لها التدخل بأقصر مدة زمنية قد تحدد بدقائق وثوانٍ، وهذه السرعة والفعالية تجعل السيطرة على المنطقة ومنها العراق محسوماً لصالحها مهما كانت فعاليات قوة الخصم التي تنتهي لمجرد القيام بالضربات المباشرة من الطائرات الأمريكية التي تعتبر من أكبر متغيرات التعبئة الشاملة في العالم، باعتبار أن سلاح الجو الأمريكي هو الأقوى والأبرز في العالم".
ويعتقد النشوع، أن "أمريكا، كاستراتيجية عسكرية، لا تحددها مسارات خاصة بدول المنطقة، فهي مسيطرة بالكامل على كل أجواء الشرق الأوسط، فهناك الأقمار الصناعية التي تغطيها ولا يوجد أي هدف مجهول لها، وكذلك هي ترصد أي حركة غير طبيعية يمكن أن تكون ذات تأثير مباشر على حركة القوات الأمريكية في المنطقة".
ويتوقع الخبير العسكري، أن "تكون هناك تغييرات في مسارات القوات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، لكنها ستكون محددة بجوانب اقتصادية وأمنية ومنها أمن إسرائيل، وقد يكون هناك استخدام لمستويات ردع جديدة تستهدف بعض دول المنطقة ومنها العراق واليمن وإيران".
مصير القوات الأمريكية بالعراق
وفي هذا الجانب، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، نبيل ميخائيل، أن "ترامب لا يرغب بنفوذ كبير لإيران في العراق، وبالوقت نفسه لا يرغب بنفوذ كبير لتركيا في سوريا، فهذه المعادلة الاستراتيجية التي سوف تتعامل معها إدارة ترامب بالمرحلة المقبلة".
وعن الملف العراقي، يضيف ميخائيل أن "ترامب ربما لن يسحب القوات الأمريكية مبكراً أو بطريقة سريعة من العراق، وسيربط الوجود الأمريكي العسكري والمدني في العراق بالموقف في سوريا، لكن سوف تستمر المشاورات العراقية الأمريكية، وقد يدعو ترامب رئيس الوزراء العراقي أو وزير خارجيته لزيارة واشنطن".
وعن هذا الملف، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، محمد حسن راضي، إن "اتفاقية خروج القوات الأمريكية من العراق عام 2026 ملزمة وليست قابلة للنقاش والتفاوض مرة أخرى، لكن قد تغير القيادة الأمريكية الجديدة بعض الشيء فيها وفقاً لرؤيتها، لكن الاستراتيجية الأمريكية عموماً ثابتة، وتغييرها ليس بالأمر السهل".
ويشير راضي، إلى أن "العراق يحاول الحفاظ على الأمن والاستقرار الحالي، وننتظر الأيام المقبلة وما سيفضي عليه الوضع في ظل تطورات الأحداث بالمنطقة وخاصة في سوريا".