بغداد/ حسن الشمري:
يبدو أن حكومة التكنوقراط التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي أول أمس الخميس، لن ترَ النور، في ضوء الاعتراضات التي بدأت تبرز إلى السطح، بقوة ووضوح شيئا فشيئا، فبعد أن تنفس العبادي الصعداء مع إنهاء زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر للاعتصام الوطني الذي أطلقه قبل نحو أسبوعين، تظهر عوائق سياسية ودستورية جديدة أمام العبادي الذي يسعى لنيل ثقة البرلمان بحكومة التكنوقراط، خشية منه أن يعود الصدر ليطيح به بعد تهديداته بتحويل المطالب من "شلع" إلى "شلع قلع".
المشهد السياسي العراقي غير واضح المعالم والتكهنات به غير صحيحة، فالتحالف الكردستاني كان أول المعترضين على حتى الآن، إذ رفضت كتلة التحالف النيابية أن يتم اختيار أي وزير من خارجها، وطالبت بمنح الأكراد حصتهم الحقيقية في الحكومة.
اعتراض كردي صريح
وقال النائب عن التحالف الكردستاني، عبد الباري زيباري إن أعضاء مجلس النواب لم يستلموا أسماء الوزراء الجدد أو سيردهم الذاتية بل علموا بها من الإعلام مشيرا إلى أنه ابتداء من اليوم ستكون هناك دراسات مستفيضة لسير الوزراء الجدد الذاتية.
كما أكد وزير المالية هوشيار زيباري اليوم، أن الشعب الكردي لن يسمح لأي طرف بان يفرض ممثلين عنهم ضمن قائمة التكنوقراط التي قدمها العبادي إلى مجلس النواب.
لكن كتلة الحل التابعة لتحالف القوى العراقية أبدت تخوفها من أن الدعوة للتكنوقراط محاولة جديدة للإقصاء والتفرد في الحكم، مضيفة أن خيار حكومة التكنوقراط هو بشير تحول مهم في إدارة تخصصية لموارد الدولة العراقية بعد نيسان 2003.
ومع ذلك أكدت الكتلة عدم اعتراضها على حكومة التكنوقراط في العراق إذا كانت فعلا قادرة على استنباط الحلول الواقعية والمنطقية القادرة على التعامل مع مشاكل العراق المتجذرة وتوظيف موارده بأحسن شكل، داعية العبادي والقوى السياسية في البرلمان إلى اعتماد الوضوح وعدم التلاعب بمشاعر المتظاهرين او تسويف مطالبهم.
تصويت تحت التهديد
أما ائتلاف دولة القانون فكانت لهجته قوية وتصعيدية، حيث أشار النائب علي المالكي إلى أن مجلس النواب لَنْ يصوت على الكابينة الوزارية تحت "التهديد"، معتبرا أن العراق دخل عصر الدكتاتورية والتفرد بالسلطة من جديد.
وأوضح أن رئيس الوزراء عندما جلب أسماء الكابينة الوزارية سلمها بظرف مغلق إلى رئيس مجلس النواب"، مبينا أن "رئيس مجلس النواب شكل لجنة لدراسة هذه الأسماء متجاهلا دور النواب الذين هم ممثلي الشعب.
وأكد المالكي أنه "من غير الممكن وسوف لن يكون ان مجلس النواب يصوت على الكابينة الوزارية تحت التهديد"، كاشفا بالقول "في هذه الكابينة الوزارية بعض الأسماء محكوم عليهم في نفس الوزارات المرشحين عليها لا نوافق على إخراج الوزراء بدون محاسبتهم.
مرشحون بعثيون
بموازاة ذلك أكد رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية عمار طعمة ، أن بعض المرشحين للكابينة الوزارية الجديدة تاريخهم سيء وكانوا من أزلام النظام السابق، وهذا يتعارض مع غايات الإصلاح المنشود"، مبينا أن كتلته "تدعم كل الخطوات الإصلاحية المدروسة والهادفة، لكن هناك ضرورة لمراعاة والتزام المعايير والموازين الأساسية في تحقيق مخرجات وخطوات مثمرة تسهم في معالجة الإخفاق والفشل.
ودعا طعمة في مؤتمر صحفي عقده بمجلس النواب رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى "تغيير أولئك الذين لم يكشف عن أسماءهم بمن هو أكفأ وأصلح"، مشيرا إلى أن "العبادي تعهد أمام البرلمان بأن تكون التشكيلة المقترحة قابلة للتعديل والنقاش".
وشدد رئيس الفضيلة النيابية على ضرورة أن "تعتمد عملية التغيير الوزراء الحاليين الآليات الدستورية والقانونية عن طريق الاستجواب البرلماني مثلا، أو طلب إقالة مع ذكر الأسباب والمبررات الموجبة لها قبل عرضها على البرلمان للبت بها".
واقترح طعمة أن "يشرع مجلس النواب قانون يلزم الكابينة الجديدة بعدم الترشيح للانتخابات القادمة على ان ينص نفس القانون على عدم جواز تعديله الا بثلاثة ارباع البرلمان كطريقة وقائية تغلق منافذ توظيف مصادر السلطة في التأثير على ارادة الناخبين.
ثمانية أيام لا نعلم ماذا تخبئ لنا، هل سنعود لموجة التظاهرات والاعتصامات من جديد، أم سيكون خيار الإطاحة بالعبادي الذي رمى الكرة بمعلب البرلمان هم المتسيد، ومع كل ذلك يترقب العراقيون شعبا وحكومة إلى رؤية المرجعية التي تواصل صمتها للأسبوع الثامن على التوالي حيال الأوضاع السياسية والأمنية، لعلها تقطع ذلك الصمت وتذهب بالبلد إلى بر الأمان.