سكاي برس/ بغداد
أكدت مصادر سياسية مقربة من التيار الصدري (الذي أصبح اسمه التيار الوطني الشيعي) عزم الأخير العودة إلى العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات، وهو قرار اتخذه زعيم التيار السيد مقتدى الصدر مع عدد من كبار مساعديه، باشروا فعلياً تهيئة دوائر وجهات معنية في التيار لهذه المهمة، بحسب ما نقلت صحيفة العربي الجديد.
ونقلت الصحيفة، اليوم السبت، عن 3 شخصيات صدرية في بغداد والنجف أحدهم مسؤول بارز، تحدثت عن استعدادات التيار الصدري للدخول بالانتخابات المقبلة بقوة وبصورة تدريجية من خلال نواب الكتلة الصدرية المستقلين، وعبر إعادة تفعيل وفتح مكاتب التيار الصدري في مدن جنوب ووسط العراق.
وذكرت الصحيفة في تقرير، أنه وفقاً للمعلومات المتطابقة التي أدلت بها الشخصيات الثلاث، فإن توجيهات صدرت أخيراً من مكتب السيد مقتدى الصدر الخاص في النجف، بشأن تهيئة الجهات المكلفة داخل التيار الصدري بالشأن الانتخابي في إعداد تصورات كاملة حول قانون الانتخابات الحالي والتعامل معه خلال الانتخابات.
وقال أحدهم إن "الجهات المعنية بملف الانتخابات داخل التيار الصدري، عادت للعمل والاجتماع بشكل غير معلن لبحث الاستحقاق"، فيما أكد آخر أن "اجتماعات مختلفة عُقدت في بغداد، بين المسؤولين بالملف السياسي في التيار الصدري، لغرض ترتيب الأوراق للمرحلة المقبلة، فهناك نيّة بعودة التيار الصدري للمشهد بقوة، خصوصاً مع ارتفاع قواعده الشعبية بعد انسحابه من العمل السياسي، والإخفاق الكبير في أداء الإطار التنسيقي في الكثير من الملفات".
وأشار إلى أن "التوجيهات التي صدرت لا تنص على العودة للعملية السياسية أو المشاركة بالانتخابات، بل البدء بالعمل على هدف حجز موقع الأغلبية بين القوى الشيعية الأخرى، لتسهيل مهمة تشكيل حكومة من قبل الصدريين"، متوقعاً أن تكون العودة للمشهد رسمياً قبل شهرين من الانتخابات كحد أقصى.
في هذا السياق، قال السياسي المُقرب من التيار الصدري، مجاشع التميمي، إن "عودة التيار الصدري إلى المشهد السياسي مرتبطة بإعلان رسمي من قبل زعيم التيار مقتدى الصدر، ولغاية الآن وعلى الرغم من كل البوادر والمؤشرات، وحتى المعلومات الخاصة التي تشير إلى عودة الصدريين للسياسة، لم يعلن الصدر عن أي خطوة بشأن ذلك".
وأوضح أن "الصدر حينما انسحب من المشهد السياسي وضع شروطاً للعودة، ولغاية الآن هذه الشروط تصطدم برفض من قبل قوة الإطار التنسيقي، خصوصاً في موضوع تقديم المتهمين بجرائم الفساد للقضاء العراقي وضبط السلاح الموجود خارج الدولة وغيرها من الشروط التي لم تتحقق لغاية الآن".
وتوقع أن "الصدريين سيعودون خلال الشهرين المقبلين، لأن المرحلة الماضية شهدت خروقات وانتهاكات لقواعد النظام السياسي بسبب غياب الصدر، وكذلك هناك ضغط شعبي من غير القواعد الصدرية بأن يعود التيار للعمل السياسي، لضمان وجود توازن سياسي حقيقي"، بحسب الصحيفة.
"دولة القانون" يرحب
من جهته، قال عبد الرحمن الجزائري، عضو ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إن "المعطيات تؤكد نيّة التيار الصدري العودة إلى العملية السياسية قريباً وكذلك المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهذا أمر مرحب به ونحن ندعم ذلك، فالتيار ركن أساسي من أركان العملية السياسية في العراق، وغيابه أثّر على تلك العملية".
وبيّن الجزائري أنه "بحسب بعض القيادات من التيار الصدري الصديقة لنا، أكدوا أن هناك نيّة في العودة السياسية، وكذلك المشاركة في الانتخابات، وغير مستبعد أن يكون هناك تحالف كبير يجمع كلا من الصدريين وائتلاف دولة القانون في المرحلة المقبلة، فكل الخيارات ستكون مفتوحة ومتاحة بتحالفات ما قبل وبعد الانتخابات".
واعتبر أن "التيار الصدري بعودته الانتخابية سيكون منافساً كبيراً وقوياً لقوى الإطار التنسيقي في مناطق بغداد ومدن الوسط والجنوب، خصوصاً أن قواعد التيار ثابتة، لكن تبقى كل الخيارات مفتوحة بشأن شكل الحكومة المقبلة، فهذا يعتمد على حجم الكتل وتوجهاتها، لاسيما بعد التغيرات الأخيرة في عموم المنطقة، وما مقبل عليه العراق من أحداث بعد تلك التغييرات".
في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي نبيل العزاوي، إنه "بعد جملة الأحداث الدراماتيكية التي حدثت في المنطقة، والتي من الممكن أن تلقي بظلالها على العراق، أصبح من الضروري إيجاد خريطة سياسية جديدة، تستطيع أن تحيد العراق من أي منزلق، وهذا يمكن تحقيقه إذا كانت القراءات واقعية لمجمل ما حدث وسيحدث".
وأضاف: "الكتلة الصدرية من أكبر الكتل الشيعية وزناً وحجماً وكل المؤشرات تذهب لعودة التيار الصدري للعملية السياسية، لإيجاد توازنات كانت غائبة، وتقويم العمل السابق".
وتحدث الباحث عن إمكانية أن "تحدث تحالفات جديدة مع القوى التي ستكسب أعدادا كبيرة من الأصوات وخصوصاً كتلة السوداني، فمن الممكن أن يتحالف الصدريون مع السوداني برسم شكل تحالف كبير، وهذا الأمر سوف تتبين ملامحه خلال الأشهر القليلة المقبلة، لكن عودة الصدريين شبه مؤكدة وفق كل المعطيات والمؤشرات، بل وحتى المصادر الخاصة القريبة من القرار الصدري في الحنانة" في النجف. واختار الصدر، في 11 إبريل/نيسان الماضي، اسم "التيار الوطني الشيعي" لتياره في خطاب رسمي حمل توقيعه وختمه.
وجاءت الخطوة بعد اعتزاله العملية السياسية في أغسطس 2022، مع تأكيد عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين".
وعاد مقتدى الصدر إلى دائرة الضوء منذ مارس/آذار الماضي من خلال عقده اجتماعاً نادراً مع المرجع الديني السيد علي السيستاني (دام ظله)، الذي قام بدور محوري في إنهاء اشتباكات دامية عام 2022 قبل انسحاب الصدر من الساحة السياسية.
وقالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء مع السيستاني، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ولا يلتقي عادةً السياسيين، على أنه تأييد ضمني للصدر، وفقاً لتقرير وكالة "رويترز" وقتها.