سليم الحسني
بهذا الهتاف الحماسي، بهذه الصرخة الوثّابة، يسدد الشيعي الفقير المسلوب الحقوق، بندقيته لأخيه الشيعي المماثل له بالفقر والانسحاق والمستقبل الضائع.
نفس الصرخة (علي وياك) يطلقها الأول على الثاني، ونفس الرصاصة تصيب صدريهما فيموتان في لحظة واحدة.
يعرف الأول أنه مستهدف من الوهابية السعودية والحقد الاماراتي والتخطيط الأمريكي والتآمر الإسرائيلي، يعرف ذلك جيداً، ومثله يعرف شقيقه الثاني، وكلاهما كانا ينامان على وسادة الجوع والقهر والقمع طوال عهد الطائفية السياسية التي حكمت العراق في زمن صدام وما قبله.
يضع الأول اصبعه على الزناد، ليقتل الثاني، وهو يعرف انه حين يرديه صريعاً فان حشوداً من المتربصين بالشيعة سيرقصون رقصة الشماتة الصاخبة، وسعيشون فرحهم الأكبر. ومع ذلك فانه يسدد بكل حرفية ودقة نحو منطقة القلب، وكذلك يفعل الشقيق الآخر.
قبل أيام كانا على ساتر واحد يقاتلان تنظيم داعش الإرهابي، وقبل ساعات كانا يتقاسمان الهم المشترك، ويحذران من الخطر القادم.. فأحدهما ينصح الآخر بأن أعداء التشيع يريدون قتل الشيعة بعضهم ببعض. كانا يتناصحان، فيصدق كل منهما النصيحة لأخيه.
كانا يعرفان ذلك، فهو أمر لا يحتاج الى تعليم وتذكير، لقد عاشه كل واحد منهما، لمسه بيده، تذوقه بلسانه، سمعه بأذنه، رآه مرسوماً على وجه أبيه، مخطوطاً على التراب الجنوبي، وأكثر من ذلك ينظر بطرف عينه فيرى ضحكة الشامتين وسخرية المتربصين، لكنه يشيح بوجهه عنهم، ويرمي ببصره صوب أخيه، يضعه في دائرة الهدف، يحبس أنفاسه، يشدّ اصبعه، ثم يضغط الزناد صارخاً: (يا علي). يتلقاها أخوه صارخاً من الوجع: (يا علي).
من الفائز منكما؟
من القاتل ومن القتيل؟
انت قتلت نفسك.. وهو قتل نفسه.
انت الهدف الذي صوبتَ نحوّه، ولأنك أنت، فقد جاءت رصاصتك بقلب الهدف. فمن يسدد على قلبه لا يخطئ.
كم مضى عليك حين عدت من زيارة الأربعين؟
أسبوع واحد؟
أنت لم تزر الحسين، لقد قصدت مكاناً آخر. فشيعة الحسين يفتدي أحدهم الآخر.
إنْ بقيتَ على قيد الحياة في عامك القادم، تذكرْ إنك قتلت الحسين في كل رصاصة سددتها من بندقيتك.
مسكين أنت أيها الشيعي، ضيّعك الذين بيدهم الأمر والنهي. وصرت مسكيناً أكثر حين ضيّعتَ أنت أمرك.
اضحكوا يا أعداء الشيعة، فنحن نقتل بعضنا بعضاَ ونهتف: (عليّ وياك علي).