بغداد / سكاي برس
رحل عن عالمنا مساء الاثنين المخرج المصري الكبير سمير سيف، إثر أزمة صحية مفاجئة تعرض لها مؤخرا.
بدأ المخرج المصري سمير سيف حياته مساعدا للمخرج حسن الإمام في عدد من أهم أفلامه في السبعينيات، مثل" أميرة حبي أنا"، و"خلي بالك من زوزو".
ثم انتقل عقب ذلك وبسرعة ملحوظة ليصنع مجموعة من أفضل أفلام السينما المصرية خلال الثمانينيات والتسعينيات، حيث شارك فيها النجوم عادل إمام، ونور الشريف، وأحمد زكي، بالإضافة إلى انتقاله المميز للدراما التلفزيونية من خلال عملين مهمين، هما: "البشاير" مع محمود عبد العزيز ومديحة كامل، و"أوان الورد" مع يسرا.
في الثمانينيات، صنع سمير سيف تواجده الأهم من خلال ثنائي جمعه بالممثل المصري الكبير عادل إمام، حيث بدأ ذلك من فيلم سمير سيف الثاني وهو "المشبوه" عام 1981، عقب ذلك استمر هذا التعاون، وكان أحد أسباب تربع عادل إمام على عرش الإيرادات من خلال أفلام: "الغول"، و"الهلفوت"، و"احترس من الخط"، و"النمر والأنثى"، و"المولد"، وصولا لـ"شمس الزناتي" عام 1991.
اللحظة الأبرز هنا وبلا شك ستكون في فيلم الغول، حيث يلجأ الصحفي للعنف لتحقيق العدالة بعد أن تفشل الدولة في تحقيقها.
سمير سيف مخرج يجيد التعامل مع الممثلين بشكل مبهر، ولم يتوقف الأمر على عادل إمام الذي صنع معه سمير سيف مجموعة من أنجح أفلامه، ولكن يمكن أيضا ملاحظة النقلة التي مثلها سمير سيف في مشوار الفنانة الكبيرة الراحلة سعاد حسني، حيث ظهرت في أدوار مميزة للغاية برفقته في فيلمي "المشبوه" و"غريب في بيتي".
تكرر تعاون سمير سيف أيضا مع نجوم هذه الحقبة، ولم يتوقف الأمر فقط على عادل إمام، حيث شاهدنا واحد من أكثر أدوار نور الشريف تميزا في "آخر الرجال المحترمين"، ودور لا ينسى لأحمد زكي في "معالي الوزير".
أفلام سمير سيف لها نكهة كوميدية خاصة، حيث يتوقف الأمر -أساسا- على صنع مواقف مليئة بالتناقضات والمفاجآت، أكثر من اعتمادها على الأداء الكوميدي الفردي للمثلين، وهو ما نراه بشكل واضح في فيلم "غريب في بيتي"، حيث نرى مواقف كوميدية متكررة بين نور الشريف وسعاد حسني، وهما ليسا ممثلين كوميديين بأي حال، ورغم ذلك نجح الفيلم جماهيريا حتى اليوم.
يتكرر الأمر أيضا على مستوى التليفزيون، خاصة في مسلسل "البشاير" مع محمود عبد العزيز، حيث تنبع الكوميديا في الأساس من تناقض وجود ممثلة شهيرة في قرية صغيرة من دون أي وسائل للرفاهية أو الراحة.
الأمر مختلف بالطبع مع عادل إمام، الذي تميزت أفلامه مع سمير سيف بتتابعات تدور حول شخصية واحدة تمر بمواقف طريفة بشكل متكرر.
المتابع لمسيرة سمير سيف سيجد أن السياسة كانت دائما حاضرة في خلفية أفلامه التي غلب عليها طابع الكوميديا، حتى ظهرت أخيرا موضوعا أساسيا في فيلمه "معالي الوزير"، وهو الفيلم الذي وجد سمير سيف فيه ضالته بالتعاون مع الكاتب "وحيد حامد"؛ ليقدما سويا قصة ملهمة عن وزير أتى بالصدفة ليترأس الحكومة في النهاية من خلال التسلق على أكتاف من يستحقون، ودون التورع عن التخلص من أقرب الناس إليه سواء بالوشاية أو حتى القتل.
هذا الطابع السياسي الحاد قد يكون امتدادا لمشهد النهاية العنيف للغاية في فيلم "الغول"، حيث يتضمن كفرا واضحا بنظام العدالة في مصر، كما يمكن أن يكون أيضا امتدادا ليأس بطل فيلم "آخر الرجال المحترمين" من منظومة الشرطة في مصر، وعدم إعطاء الأهمية الكافية لقيمة الإنسان في عالم اليوم.
رحل سمير سيف إذن، ولكن بقيت أفلامه، تلك التي منحتنا بعض الضحكات، كما تركتنا مع العديد من الذكريات.