بغداد/ سكاي برس
توفيت زوجته أمام عينيه وهو مكبل بسريرها، بعد أن تسبب بتحطيم جهاز التنفس الاصطناعي المخصص لإنعاش مرضى كورونا في أحد مستشفيات كركوك شمال بغداد.
حادثة مأساوية هزت الأوساط الشعبية في المحافظة لتصبح الحديث الشاغل لوسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية وتدخل شخصيات سياسية من إقليم كردستان، كون الرجل وزوجته من المكون الكردي.
محمد كريم فقي (44 عاما) من أهالي كركوك متزوج ولديه طفلان، امتهن التعليم في إحدى المدارس الابتدائية وعاش حياة طبيعية قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب خلال 48 ساعة.
مضى أكثر من أسبوعين على إصابة زوجة فقي بفيروس كورونا لتنقل إلى مستشفى كركوك العام إثر تدهور حالتها، لتبدأ رحلة التحدي أمام العائلة لمواجهة الظروف الاستثنائية والتعايش مع الإصابة وسط أجواء صحية ونفسية صعبة، خلفتها جائحة كورونا بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الفرق الطبية في المستشفيات العراقية.
ومع التزايد المطرد للإصابات اليومية بالفيروس، لم تعد الإجراءات الصحية كافية لمواجهته، ما أدى لنقص كبير في أجهزة التنفس الاصطناعي وقناني الأكسجين والأدوية، وهو ما دفع فقي لتحمل تكلفة ومشقة توفير الأكسجين وشراء الأدوية اللازمة لزوجته من خارج المستشفى.
وفي حديث لاحدى وسائل الاعلام العربية قال فقي، "كنت أحمل قنينة الأكسجين على ظهري من مسافات بعيدة وكنت أقوم برعاية زوجتي بنفسي".
ويضيف في حديثه "تمكنت من توفير بلازما الدم من شخص متعافٍ من الفيروس بشكل شخصي لمعالجة زوجتي".
خلال 48 ساعة عاش فقي أحداثا متتالية غيرت حياته إلى الأبد انتهت بخسارته لشريكة حياته، ففي ساعات الصباح الباكر من السبت الماضي تسارعت الأحداث، بداية من إعلان وحدة الأكسجين في المستشفى عن نفاد المواد الأولية من الغاز الذي تعيش عليه زوجته منذ أيام، ما دفعه إلى جلب قنينتين إضافيتين وتسبب بمشادة كلامية مع الفرق الصحية انتهت بتحطيم جهاز التنفس الاصطناعي البالغة كلفته 60 ألف دولار.
حادثة أدت إلى اعتقال محمد وايداعه في السجن بمركز للشرطة قريب من المستشفى لتتم إعادته إلى إحدى ردهات المستشفى خوفا من إصابة منتسبي الشرطة بالمرض كونه مخالطا لزوجته المصابة وحجره في غرفة مجاورة لغرفة زوجته التي تدهورت حالتها الصحية
وأجبر ذلك الفريق الطبي على إعادة فقي لمرافقة زوجته لكن هذه المرة مقيدا بالأصفاد على أحد جوانب سرير زوجته التي انتكست حالتها الصحية، ما أدى بعد ساعات لمفارقتها الحياة.
مشهد مؤلم عاشه فقي الذي قال "توسلت كثيرا للشرطي أملا بفك قيودي لرعاية زوجتي التي عاشت ساعتها الأخيرة بلا عناية فتوفيت".
بعد وفاة زوجة فقي، ترك الأخير مقيدا إلى السرير في المستشفى لأكثر من ساعتين قبل تدخل مدير عام صحة كركوك ومعاون مدير شرطة كركوك للإفراج عنه حتى يتمكن من حضور إجراءات دفن زوجته ليطلق سراحه فيما بعد مقابل كفالة مالية قدرها 10 ملايين دينار (8.5 آلاف دولار).
الدكتور زياد خلف الجبوري مدير عام صحة كركوك قال، "استنكرت ما جرى بحق فقي"، معتبرا طريقة التعامل معه غير إنسانية ولا تليق بكرامة الإنسان، لذلك تدخلت للإفراج عنه ليشارك في دفن زوجته المتوفاة.
وأضاف الجبوري أيضا أن "دائرة صحة كركوك تتعامل مع القضية وفق ضوابط وبروتوكولات الوزارة، حيث شكلت لجنة وزارية للتحقيق في مجريات الأحداث".
من جانبها، تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع حادثة فقي، لتتحول صيحات الإدانة والهجوم بحق فقي إثر تحطيمه لجهاز حيوي ثمين يساهم في إنقاذ حياة المصابين بكورونا، إلى حملات دفاع عن الشخص ذاته عقب انتشار فيديو يظهره مقيدا بالقرب من جثمان زوجته.
نقابة المعلمين في كردستان أدانت الواقعة على لسان المتحدث باسم نقابة المعلمين في كركوك كمال شريف علي الذي صرح للجزيرة نت بـ"أننا كنقابة نقف مع معلمينا لدورهم الكبير في تعليم تلاميذنا، بالإضافة إلى أن حالة فقي إنسانية لأن زوجته كانت مصابة بالفيروس وكان يجب التعامل معها بمعايير مختلفة".
فيديو من مستشفى #كركوك العام : قام الاطباء بتوجيه مدير صحة المحافظة بأعتقال المواطن محمد و وضع الاصفاد في يديه و ربطه الى سرير عليه جثة زوجته لمدة ٦ ساعات و التي توفيت بسبب قلة الاوكسجين.
— مجتهد كركوك???????? (@MujtahidKIRKUK) July 14, 2020
و سبب التعذيب هو ان المواطن محمد فقد وعيه بعد الاهمال. وضرب احد الاجهزة العاطلة بوكس. pic.twitter.com/gswa10QzdH