بقلم مراد الغضبان
ليس بالامر الهين ان تتصدى لنظام دكتاتوري تعسفي وتتحدى كل اجهزته القمعية مضحيا بمستقبلك المهني ومخاطرا بمصير عائلتك مع علمك بالوسائل الوحشية التي يتبعها ذلك النظام وما قد ينتج عن هذا التصدي من عواقب .
منير حداد واحدا من اولئك الذين تحملوا كل هذه العواقب نتيجة لموقفه المعارض لتوجهات النظام البعثي في العراق كيف لا وهو ابن عائلة قدمت الكثير من رموز النضال ضد ذلك النظام فوالده صبري حداد المعروف بنضاله منذ ايام مصطفى البرزاني في الاربعينيات . وعلى اثر ذلك فقد تحملت عائلته التي تتكون من منير واخوته العشرة بالاضافة لوالدتهم للكثير من المضايقات الى ان تم اعتقالهم وزجهم في سجون النظام . هذا ماذكره القاضي وعده فخرا له ولاسرته بان تكون في مقدمة المتصدين للدكتاتورية . .
بعد ان قضى خمس سنوات في المعتقل نفي المحامي الطموح الى سلطنة عمان وقضى فيها ايام شبابه . كان يعمل ضمن اختصاصه كمحامي من اجل تحمل مآسي الغربة والبعد عن الوطن حاله حال كل من قال كلا لصدام حسين الذي قتل اثنين من اخوته.
عاد إلى العراق سنة 2003 "بطموح المساهمة في إعادة بناء العراق" ودخل في سلك القضاة وأشرف على قضايا هامة حتى سنة 2008 عندما انتهت به مسيرته القضائية بخلاف حاد مع رئيس الوزراء نوري المالكي الذي ينعته حداد ب"المتخلف"، ويقول حداد أنه يمارس المحاماة منذ ذلك والوقت ويدافع عن شخصيات هامة في العراق مؤكدا أنه قرر أن يعيش ويموت في العراق.
وفي سنة 2011 تعرض القاضي إلى محاولة اغتيال في وسط العاصمة بغداد، واتهم حداد حينها الحكومة العراقية بأنها هي من دبرت لهذا الاغتيال بسبب خلافه مع نوري المالكي ورفضه للخضوع لأوامره ولتدخلاته في القضاء، واليوم يقول : "أنا شيعي ولكني أدافع عن السنة، أنا سعيد بكراهية أعدائي لي، فهذا يعني أني ناجح"، بهذا النهج استمر حداد في تصديه للفساد والمفسدين كما عرف عنه سابقا .
ويرى بعض المسؤولين العراقيين أنه مثال نادر على المهنية في النظام القضائي الذي يعج بالفساد وعدم الكفاءة، ويعتبره البعض بطلا في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في العراق. ويقول مهدي الجنابي، محام سني: "إنه شخص محايد للغاية. ويتعامل بحيادية بالغة مع القانون بعيدا عن الطائفية والحزبية. وهدفه الحقيقي هو تطبيق القانون والدستور، ودائما ما يضع في حسبانه حقوق الإنسان وينظر إلى الأفراد كعراقيين فقط".
الغريب في الامر ان رجل قانون بهذا الثقل والتاريخ الحافل بالكفاح ضد الظالمين نراه اليوم يتكفل بالدفاع والترافع عن مسؤولين مفسدين قد يكون حداد اعرف بتاريخهم من غيره . فقد شهدت محكمة النشر في الاونة الاخيرة عدة قضايا وتهم بالفساد وجهتها وسائل اعلام لمسؤولين في الحكومة وتفاجأ المدعى عليهم بان يكون المحامي عن هؤلاء هو (منير حداد) الرجل الذي تغنت وسائلهم الاعلامية مرارا بنزاهته .
من ضمن هذه الدعاوى ما قام به حداد مؤخرا عندما وجه دعوة ضد وكالة (سكاي برس الخبرية) متهما اياها بالاساءة لأحد المدراء العامين في وزارة النقل مع علمه بان الوكالة تملك الوثائق والمصادر عند نشرها لهذه الاخبار. سؤالنا ما الذي دفع بقاضينا النزيه للترافع عن المفسدين . هل هو المال ؟؟؟ او الخوف ؟؟؟ او اسبابا اخرا لا يعلمها الا الله والراسخون في المحاكم