بغداد / سكاي برس
مضى أكثر من 3 أسابيع على اعتقال الأمير «الوليد بن طلال»، أبرز مستثمر في المملكة العربية السعودية، في إطار عمليات احتجاز واسعة لعدد من كبار نخبة الحكم والأعمال السعودية. ومنذ ذلك الحين، تم احتجازه داخل فندق ريتز كارلتون في الرياض، على بعد حوالي 10 دقائق بالسيارة من منزل الأمير.
ولم يسمع منه ولم تصدر أية تهم ضده.
ولأنه كان الوجه المالي العام في المملكة منذ وقت طويل، فإن اعتقال الأمير «الوليد»، وعدم الشفافية حول ما حدث له، يسبب قلقا متزايدا بين مختلف شركائه التجاريين وفي معظم مجتمع الأعمال الغربي.
وأدى اعتقاله أيضا إلى خلق شعور من عدم اليقين بين المستثمرين حول ما إذا كانوا سيزاولون أعمالهم مع السعودية، وبالتالي قد يؤثر على بعض شركاء المملكة، مثل صندوق التكنولوجيا الخاص بـ«سوفت بنك»، البالغ 100 مليار دولار، الذي تمتلك المملكة حصة 45% منه. كما قد يؤثر على الطرح العام المرتقب لشركة النفط المملوكة للدولة، أرامكو، المخطط له في العام المقبل.
وقال «ريتشارد بارسونز»، الرئيس التنفيذي السابق لتايم وارنر: «لقد فوجئت بما حدث، لأنه (الأمير) كان دائما شخصية إيجابية في الواقع، ورمزا للتقدمية السعودية ومشاركتها في العالم الحديث».
وأضاف «بارسونز»: «لا توجد شفافية. لا أحد يفهم ما يجري. ومن غير الواضح لماذا أو ما هو الأساس المنطقي في كل هذا. فإذا كنت مستثمرا أو رجل أعمال، فسوف أسير خطوة إلى الوراء وأفضل الحفاظ على أموالي في جيبي».
وسعى العديد من شركاء الأمير منذ فترة طويلة للحصول على معلومات عنه، ولكن لم يكونوا قادرين على التعرف على أحواله أو التهم الموجهة إليه. وحاولت عائلة «مردوخ»، التي كان لها علاقة طويلة مع الأمير، حيث كان مستثمرا كبيرا في فوكس تونتي ون سينشري، والتي بدورها لديها حصة تقارب 20% في روتانا، معرفة المزيد عن حالته، لكن كانت النتيجة محبطة.
ويعرف «بن طلال» باسم «وارن بافيت الشرق الأوسط»، وقد عمل مع «بيل غيتس» على مشاريع مختلفة، بما في ذلك امتلاكه لمنتجعات فور سيزونز والعديد من المساعي الخيرية.
وقال «بيل غيتس»، الشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت: «لا أعرف سوى ما قرأته في الصحافة، ولا أستطيع التكهن. لقد كان الأمير الوليد شريكا هاما في عمل مؤسستي لضمان حصول الأطفال في جميع أنحاء العالم على اللقاحات المنقذة للحياة. لقد عملنا معا للمساعدة في وقف انتشار شلل الأطفال والحصبة وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها. وكان التزامه بالعمل الخيري أمر ملهم».
وقد بررت الحكومة السعودية رسميا اعتقال الأمير «الوليد» وعشرات الأمراء ورجال الأعمال الآخرين كجزء من جهود «مكافحة الفساد» التي تم التخطيط لها منذ فترة طويلة. وداخل المملكة، رحب العديدون بهذه الاعتقالات، وخاصة من قبل جيل الألفية الجديدة، الذين يعتقدون أن آفاقهم الوظيفية والنمو الاقتصادي قد تباطأت بفعل ثقافة الكسب غير المشروع.
أسئلة و تكهنات
ولكن خارج البلاد، لا تزال هناك أسئلة. وقد تم إرجاع الاعتقالات إلى محاولة ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، الاستيلاء على السلطة، وتم وصف ليلة الاعتقال بـ «المذبحة».
وأشار «بن سلمان» إلى هذه التوصيفات بأنها «سخيفة»، في مقابلة الأسبوع الماضي مع «توماس فريدمان».
ومع ذلك، تتوقع المملكة الوصول إلى «تسوية» مع أولئك الذين تم القبض عليهم. وقال ولي العهد إنه يتوقع استرداد 100 مليار دولار من أموال الكسب غير المشروع. ولا يزال من غير الواضح كيف سيكون وضع أولئك الذين يصلون إلى التسوية بعد مغادرة الريتز. ومن المتوقع أن يبقى بعضهم في السعودية بينما قد يغادر آخرون البلاد.
كما أثار توقيت الاعتقالات الأسئلة، حيث جاءت بعد أسبوع واحد فقط من استضافة المملكة لمؤتمر استقطب بعض من أبرز المستثمرين في العالم لمدة أسبوع في فندق ريتز كارلتون. وعندما انتهى المؤتمر، بدا أن هناك شعور ملحوظ من حسن النية تجاه البلاد، وقال العديد من المستثمرين الكبار أنهم يعتزمون استثمار الأموال هناك.
ومع ذلك، يبدو أن اعتقال الأمير «الوليد» قد أدى إلى بعض التراجع، ومن المرجح أن يبطئ وتيرة الاستثمار، على الأقل في المدى القصير.
ويقول «بارسونز»، الذي كان من بين 12 مسؤولا تنفيذيا أمريكيا تحدثوا معي عن مخاوفهم: «عندما يتحدث الناس عن مكان للاستثمار خارج الولايات المتحدة، فإنك تسمع دائما مصطلح سيادة القانون». فسيادة القانون هي ما تعطيك الضمانة لحماية الاستثمارات.
وقد أدى اعتقال الأمير «بن طلال» إلى تكهنات واسعة بشأن التهم الموجهة إليه، حيث تساءل الكثيرون عما إذا كانت المملكة قد تسعى إلى مصادرة ملكيته لشركة روتانا، أكبر شركة ترفيهية في المنطقة. وقد سعت المملكة إلى المزيد من السيطرة على وسائل الإعلام، وتمتلك روتانا شبكة تلفزيونية تضم قنوات الأفلام والموسيقى، فضلا عن المجلات والإذاعة.
ويبحث بعض المقربين من الأمير بشكل خاص لماذا، إذا كان قيد التحقيق، منحته الحكومة الإذن للحصول على حصة 16% في البنك السعودي الفرنسي كريدي أجريكول، مقابل 1.5 مليار دولار، في سبتمبر/أيلول، في واحدة من أكبر الصفقات المالية في البلاد. وكانت الصفقة تتطلب موافقة الهيئات الرقابية التي كان من المؤكد أنها تعرف عن التحقيق. وقال ولي العهد للسيد «فريدمان» إن الحكومة كانت تعمل على قضايا الفساد خلال العامين الماضيين.