بقلم/ محمد رضا السويدي
( تاج راسك ، خط أحمر ، .. الخ ) هذه أبرز الكلمات و الجمل التي قيلت او تُقال يوميا لأشياء او أشخاص مُضاف لهم القدسية أو مرحلة النبوة .
ذات يوم دخلت في نقاش مع أحد الأشخاص الذين يدعون أنهم مثقفين ، كان موضوع النقاش عن أحد الأحاديث التي يقال عنها إنها نبوية صحيحة ، صيغة الحديث و تركيب كلماته فيه مخالفة للسنة النبوية و القرآن الكريم ، أضافة الى أنه لا يمكن تصديقه وفقاً للمنطق و أحكام العقل ، فقلت له « هذا الحديث مو صحيح و ما اگدر اقتنع بيه » ، ما ان أتممت جملتي حتى انبرى بالصياح و أتهامي بالكفر و الزندقة و ما الى ذلك ، لسبب ان ناقل الحديث برتبة الانبياء عنده .
و في أحد الحوارات ايضاً قلت لأحد الأشخاص إن فلان ( سياسي ) هو من تسبب بكذا و كذا ، فقال لي بالحرف الواحد ( فلان خط أحمر و ميحق لأي شخص يحجي عليه ) .
نعم هذا كان جوابهم متناسين تماما حقيقة أن كل شيء يدب خاضع للقاعدة الإلهية "الكمال لله وحده" او لعلهم غير مطلعين على القانون المعرفي المشتق من القاعدة « كل شيء فيه نسبة خطأ » ، هاتين الحقيقتين يبدو انهما فُصلتا تماما على مقاس فكرة القداسة او بالمعنى الأصح ( المحاربة لها ) . التقديس ليس له لا دين و لا مذهب و لا حتى قومية ، هو البعد عن التفكير ، الدعم للجهل و العبودية ، تجده في المجتمعات الغارقة في الجهل و الفساد ، لأنه مادته الدسمة ، و الواقع يشهد بذلك .
اذا اهم اسباب التقديس هو الجهل ، لأن الجاهل مجرد ادخال فكرة التقديس إلى ثنايا عقله يصبح ، مغلق التفكير ، صنم بشري ، يحب ما يحبه الشخص المقدس و يكره ما يكرهه ، و بأزدياد هذا المرض في عروقه ، يتحول الى وحش ضاري ، يسب و يشتم و يكفر كل من يخالفه الرأي ، تتوقف عنده كل القواعد و القيم و المبادئ و وصايا الأنبياء ، و بكثرة الشخوص الذين يحملون هذه الفكرة ، يصبح المجتمع متطرفا غير آمن .
اما المُقدسين فهُم بشر ، ليسوا وكلاء من السماء ، تأخذهم العزة بالاثم ، فيصيبهم مرض اخر هو " الفشل " ، نتيجة تأثرهم بكل ما يقال عنهم ، و وضعهم من قبل الناس بمنزلة الانبياء و المعصومين ، متجاهلين أخطائهم ، فيسيروا بلا نقد بناء او بالمعنى الادق بلا تصحيح مسار .لذا علينا اتباع طريقة " النقد " بدل " التطبيل " المرافق لطريق النجاح من اجل خلق توازن " فكري " و " عملي " من اجل استمرار حالة النجاح و عدم تأثر الشخص المعني عاطفيا بما حققه .اما العلاج الاستراتيجي لهذا المرض القديم الجديد يحتاج الى جهود استثنائية و عمل جبار يبدأ من التعليم مرورا برجال الدين انتهاءا بالإعلام مهمته نشر ثقافة النقد و الاحترام و تقبل الرأي الآخر .