متابعة _سكاي برس /
أمرت الهند، أول أمس الخميس، بتشديد عمليات رصد مرض فطري نادر يصيب مرضى فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، واسمه الفطر الأسود، فما هذا المرض؟ وكيف يصيب مرضى كورونا؟
ما هو مرض الفطر الأسود؟
“الفطر الأسود” (black fungus) -ويعرف أيضا باسم “فطار الغشاء المخاطي” (Mucormycosis)- هو مرض تسببه العديد من الفطريات التي تنتمي إلى عائلة العفنيات (Mucorales)، وذلك وفقا لمقال لمونيكا سلافين رئيسة قسم الأمراض المعدية في مركز “بيتر ماكالوم” (Peter McCallum) للسرطان، وكارين ثيسكي الأستاذ في معهد “بيتر دوهرتي” (Peter Doherty) للعدوى والمناعة، وقد نشر المقال في موقع “ذا كونفرزيشن” (the conversation).
وعادة ما توجد الفطريات في عائلة العفنيات بالبيئة (على سبيل المثال، في التربة) وغالبا ما ترتبط بمواد عضوية متحللة مثل الفاكهة والخضروات.
يسمى العفن الذي يسبب العدوى في الغالب للإنسان “ريزو باسورزي” (Rhizopus oryzae)، ولكن في الهند يوجد نوع آخر اسمه “بابسمياسيز” (Apophysomyces)، موجود في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية.
وفي المختبر، تنمو هذه الفطريات بسرعة ولها مظهر أسود أو بني.
كيف تحدث الإصابة بالفطر الأسود؟
تعتبر الفطريات المخاطية من الفطريات الانتهازية (opportunistic fungi)، مما يعني أنها تصيب عادة الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو تلف بالأنسجة. ويمكن أن يؤدي استخدام الأدوية التي تثبط جهاز المناعة مثل “الكورتيكوستيرويدات” (corticosteroids) إلى ضعف وظيفة المناعة، كما يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الحالات الأخرى التي تضعف جهاز المناعة، مثل السرطان أو عمليات الزرع.
وهناك 3 طرق يمكن أن يصاب بها الإنسان بالفطر المخاطي؛ فيمكن أن يصاب عن طريق استنشاق “الأبواغ” (Spores)، أو عن طريق ابتلاع الأبواغ (مثلا في الطعام) أو عندما تلوِّث الأبواغ الجروح.
والأبواغ هي خلايا قادرة على تكوين خلايا جديدة من الفطريات.
والاستنشاق هو الطريق الأكثر شيوعا، ونحن في الواقع نتنفس جراثيم العديد من الفطريات كل يوم، لكن نظام المناعة لدينا والرئتين السليمتين تمنعهما عموما من التسبب في العدوى.
وعندما تتلف الرئتان ويتم قمع جهاز المناعة -كما هو الحال في المرضى الذين يعانون من كوفيد-19 الشديد- يمكن أن تنمو هذه الجراثيم في مجاري الهواء أو الجيوب الأنفية لدينا وتغزو أنسجة أجسامنا.
ويمكن أن يظهر الفطر الأسود في الرئتين، لكن الأنف والجيوب الأنفية هما الموقعان الأكثر شيوعا لعدوى فطار الغشاء المخاطي. ومن هناك يمكن أن ينتشر إلى العينين، مما قد يسبب العمى، أو إلى الدماغ، وهو ما يسبب الصداع أو النوبات.
ويقول بعض الأطباء إن الاستخدام المفرط للأدوية المعروفة باسم الستيرويدات لمكافحة فيروس كورونا يقف وراء تفشي الإصابة بالفطر الأسود.
ووفقا لدراسة فإن الفطر الأسود يؤدي لمعدل وفيات بين 17% و51% من المصابين، وترتفع معدلات الوفيات في حالة التأخر في التشخيص لأكثر من 5 أيام وقلة كريات الدم البيضاء في المرضى الذين يعانون من أمراض الدم الخبيثة النشطة. أما التقرير الذي أجرته وكالة الصحافة الفرنسية فقال إن هذا المرض يؤدي إلى وفاة أكثر من 50% من المصابين به في غضون أيام. وفي بعض الحالات، يقوم الجراحون بإزالة العينين والفك العلوي لوقف انتشار العدوى، وذلك وفقا لتقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، كما ذكر ذلك موقع “بي بي سي” (BBC).
اسوداد البشرة
وعادة ما يصيب الفطر الأسود مَن يعانون مِن ضعف في جهاز المناعة، ويتسبب في اسوداد البشرة أو تغير في لون الجلد عند الأنف وضعف الرؤية أو ازدواجها وألم في الصدر وصعوبات في التنفس وسعال مصحوب بالدم.
ويعتقد الأطباء أن استخدام الستيرويدات في معالجة كوفيد-19 ربما يتسبب في انتشار هذه الحالات؛ لأن تلك الأدوية تقلل المناعة وترفع مستويات السكر.
وقال وزير الصحة الهندي لاف أجاروال في رسالة إلى حكومات الولايات إن هذا المرض أصبح يمثل تحديا جديدا لمرضى كوفيد-19 الذين يعالجون بالستيرويدات ومن يعانون سابقا من مرض السكري.
وقال -في الرسالة التي اطلعت عليها رويترز أول أمس الخميس- إن “هذه العدوى الفطرية تؤدي إلى إطالة فترات الاعتلال وزيادة الوفيات بين مرضى كوفيد-19”.
ولم يذكر عدد الإصابات بمرض الفطر الأسود على مستوى البلاد، غير أن ولاية ماهاراشترا -التي تعد من أكثر الولايات تضررا من موجة فيروس كورونا الثانية- تحدثت عن رصد 1500 حالة.
ونقلت وكالة الأناضول -عن صحيفة “هندوستان تايمز” (Hindustan Times) المحلية- تأكيدَ الأطباء أن “فطر الغشاء المخاطي -الذي يعرف باسم الفطر الأسود- مرضٌ يهدد الحياة، ويصيب بعض مصابي كورونا، وقد يصاب به المتعافون من الفيروس”.
لقاحات، مقارنة بين لقاحات كورونا من حيث الأعراض الجانبية، انفوغراف
وأضاف الأطباء أن “المرض أكثر شيوعا بين مَن يعانون ارتفاع مستويات السكر في الدم، أو ضعف المناعة، أو تناولوا الكثير من مركبات الستيرويد أثناء علاج كورونا”.
وقال وزير الصحة في دلهي ساتيندار جاين -في تصريح صحفي- إن “الحكومة تنظم توريد عقار “الأمفوتيريسين بي” (Amphotericin B)، وهو دواء مضاد للفطريات يستخدم لعلاج المرض، لمنع استخدامه العشوائي وتسويقه”.
وأضاف “لا يمكن علاج العدوى إلا في المستشفيات، لذا يتم توزيع الدواء على المستشفيات مباشرة”، بحسب الصحيفة نفسها.
وأطلق الشعب الهندي نداءات استغاثة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بغية توفير الدواء في ظل ارتفاع حالات الإصابة بـ”الفطر الأسود”.
وقال رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كيجريوال إنه سيتم إنشاء أجنحة خاصة في 3 مستشفيات للتعامل مع العدد المتزايد من حالات الفطر الأسود.
وتعهد أيضا بضمان حصول جميع المرضى على الأدوية التي يحتاجون إليها مع معاناة الهند من النقص في العقاقير المضادة للفطريات، فيما يعاني نظام الرعاية الصحية في الهند بالفعل من ضغوط عارمة.
انتشار وباء الفطر الأسود
وأفادت تقارير إعلامية أن هناك أكثر من 200 مريض بالفطر الأسود في مستشفيات نيودلهي مع وجود العشرات في قوائم انتظار للحصول على سرير.
وأعلنت ولايتا راجستان وتيلانغانا عن انتشار وباء الفطر الأسود فيهما، في حين أبلغت ولاية ماهاراشترا وحدها عن أكثر من ألفي حالة.
ولم تتمكن السلطات من تحديد عدد حالات الوفاة الناجمة عن المرض الفطري منذ أن تعرضت لموجة الفيروس التاجي الحالية قبل 6 أسابيع.
ويقول بعض الأطباء إنه تم -بدافع الهلع- الإفراط في استخدام الستيرويدات لمكافحة كوفيد-19، مما ساعد على انتشار الفطريات السوداء.
وأكثر المعرضين للإصابة بهذا الداء هم مرضى كوفيد-19 المصابون بداء السكري وضعف جهاز المناعة؛ فالعديد من الأدوية المستخدمة لمحاربة فيروس كورونا تثبط جهاز المناعة في الجسم الذي يحارب عادة العدوى الفطرية.
ويعد انتشار مرض السكري في الهند من بين أعلى المعدلات في العالم.