سكاي برس /
قاسم سلمان العبودي
المتابعين للشأن السياسي العراقي ، يرون بوضوح الخط البياني الصدري في العملية السياسية مابين صعود ونزول . على مر الأعوام التي تلت عام ٢٠٠٣ ، كان السيد الصدر ، وتياره قد مر بمراحل متعددة ، أبتدئها مقاوماً للمحتل الإمريكي ، ومن ثم مشارك في العملية السياسية ، وهناك مؤشرات كثيرة على أداء نوابه تحت قبة البرلمان ، وعلى التيار بأكمله .
اليوم السيد الصدر ، أعلن بكل وضوح أنسحابه من الإنتخابات القادمة في خطاب متلفز ، بث من النجف الإشرف ، وقد حظى خطابه بأهتمام أعلامي كبير ، لما ورد فيه من مؤشرات خطابية لم تفاجيء الأوساط الأعلامية ولا حتى السياسية بقدر تفاجيء الرأي العام الشعبي العراقي . والسؤال هنا ، ماذا أراد الصدر بهذا الإنسحاب ؟
بأيجاز ، نرى أن السيد الصدر أراد أرسال رسائل متعددة من خلال هذا الإنسحاب الغير مفاجيء لنا والذي كنا نتوقع منه مفاجئه ، ربما لم تكن على مستوى الإنسحاب من الإنتخابات .
بعد سلسلة خطاباته التي صرح بها خلال الإسابيع الماضية من أن هناك من يحاول أغتياله ، وأن بعض السياسيين أعتبر وجوده ، أي الصدر ، عِبء على العملية السياسية من خلال تذبذب السلوك السياسي لدى هذا التيار الذي يتمتع بشعبية كبيره في الداخل العراقي ، وحقيقه هذا هو الرهان الكبير الذي طالما راهن به السيد مقتدى الصدر بقلب أوراق العملية السياسية في أي وقت يشاء . السؤال هنا ما هي الرسائل التي بعثها الصدر من خلال هذا الإنسحاب ؟
♦️ أولاً ، أن القواعد الشعبية للتيار الصدري أخذت بالأنحسار ، بعد أن بات من المسلمات أن الصدر يقف خلف رفع قيمة صرف الدولار وأن الحيف الأقتصادي قد أرهق المواطن كثيراً ، وأن الأنتخابات ربما لن تفرز له مقاعد تؤهله للوصول الى رئاسة الوزراء التي أصبحت أمنية صدرية .
♦️ ثانياً نعتقد أن الإخفاق الكبير بتقديم الخدمات في وزارة الكهرباء والصحة ، واللتين تحسبان على الصدر بكل حيثياتها ،وآخرها أحتراق المرضى الراقدين في مستشفى الإمام الحسين ( ع ) في محافظة ذي قار ، وقبلها مستشفى أبن الخطيب ، في أبشع صوره قدمت للعالم من خلال مصيبة ( حفلات الشواء ) التي هزت ضمير الأنسانيه على امتداد المعمورة . علماً أن هاتين الوزارتين بلا وزراء لأنهما أستقالا بعد الهوان الذي لحق بالمواطنين جراء النقص الحاد في تجهيز البنى التحتية المطلوبة .
♦️ ثالثاً ، أعادة الخارطة الإنتخابية في مخيلة الجمهور الصدري ، الذي قرر عدم التصويت للمرشحين ، الذين تحوم حولهم شبهات كبيرة من الفساد ، وجُلهم له ماضٍ سيء ، وخصوصاً في ما يسمى اللجان ( الإقتصادية ) الغير شرعية ، والتي أصبحت من المسٌلمات الصدرية ، والتي بات الكل يعرفها ويعرف من يقف خلفها . ربما أعادة التموضع والتخندق أمام الجمهور الصدري ، هي من جعلت هذه الرسائل ، تخرج للجمهور في هذا المفصل الحساس من تأريخ الإزمة الخانقة التي تعصف بالعراق . أجمالاً نرى إن السيد الصدر بخطابه اليوم قد هرب الى الأمام للتنصل من المسؤوليات التي عصبت برأسه ورأس تياره .
على مستوى الإمنيات ، نتمنى أن يعود السيد الصدر عن قرار الإنسحاب ، ولكن على طريقة ترتيب البيت الشيعي وذلك من خلال أجراء مصالحة كاملة مع باقي التيارات والأحزاب الإسلامية المشاركة في العملية السياسية ، وخصوصاً دولة القانون ، والفتح . نعتقد بهذه العودة ، وهذا الإنفتاح على الآخرين ستتشكل الكتلة الإكبر تحت قبة البرلمان ، وسيكون أخراج المحتل الإمريكي منوطاً بهذه المصالحة ، التي تحتاج الى قرار جريء من لدن السيد الصدر ، وبهذا يغلق الباب على من يحاول دق أسفين البغضاء بين المكون الواحد ، وخصوصاً هناك تخندق لشركائنا في الوطن ، والذين لايروقهم التوحد تحت خيمة المواطنة .