سكاي برس/ بغداد
يؤكد مختصون في مجال المياه، أن رائحة الكبريت الكريهة والسماء الضبابية التي تسيطر منذ أيام طويلة على أجواء العاصمة العراقية بغداد، لها علاقة بملف المياه وخاصة الراكدة منها، فضلاً عن تلوثها نتيجة انخفاض مناسيبها وقلة الإيرادات المائية من دول الجوار.
وتشهد بغداد ارتفاعاً في مستويات التلوث لتصل إلى معدلات "خطيرة"، فيما وثق مواطنون عبر مقاطع فيديو شبه انعدام الرؤية في مناطق مختلفة من بغداد ما يعكس مدى تلوث الهواء، مطالبين الجهات المختصة بالتدخل العاجل لاتخاذ إجراءات فعالة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
وإلى جانب تلوث الهواء، يؤكد الخبير المائي والزراعي، تحسين الموسوي، أن "ملف المياه لم يعالج حتى الآن، وما حصل مؤخراً من ارتفاع لغاز ثاني أوكسيد الكبريت ومن مخلفات أخرى لها علاقة بملف المياه وخاصة المياه الراكدة وانخفاض مستوى المياه".
ويضيف الموسوي "كما أن التصحر مرتفع نتيجة قلة المياه التي تسببت بتقليص الخطة الزراعية وهو ما أدى إلى زيادة عمليات الهجرة وتراجع التنوع الإحيائي، فيما لم نصل لحد الآن إلى اتفاقية تلزم دول المشاركة المائية بتحديد حصص العراق المائية".
ويكشف الخبير المائي، أن "المياه في بعض المناطق هي غير صالحة للاستهلاك البشري، نتيجة ارتفاع مستوى الملوثات فيها، فعندما يقل منسوب المياه وتتراجع الإيرادات المائية، تأتي عملية إعادة تدوير المياه برفع الملوثات منها ومن ثم استخدامها للزراعة".
"لكن ما يحصل في العراق أن مياه الصرف الصحي مع مياه البزل وكل المخلفات يتم اطلاقها إلى حوض النهر ما يسبب بارتفاع الملوثات لتصبح المياه غير صالحة للاستخدام"، بحسب الموسوي.
ويشير إلى أن "ملف المياه يتحدد بتأمين مياه الشرب ومن ثم الجريان البيئي والاستخدامات الأخرى، وأن الدراسة الإستراتيجية لعام 2016 أُعدت على أن تنظم إيرادات العراق على 35 مليار متر مكعب لتأمين مياه الأهوار والبحيرات ومياه الشرب والزراعة والجريان البيئي، وفي حال استحداث أمور جديدة يتم تحديث الدراسة".
ويوضح "لكن هذه الكمية - 35 مليار متر مكعب - لم تتوفر، حيث إن العراق لم يستقبل غير 20 مليار متر مكعب خلال الأربع سنوات الماضية، في حين أن الاحتياجات تصل إلى 50 مليار متر مكعب، لذلك هناك عجز مائي ترتب على إثره تصنيف العراق بالمرتبة 23 عالمياً في الفقر المائي".
ويعتبر العراق ضمن الدول التي تأثرت بالتغيرات المناخية سواء كان الاحتباس الحراري أو شح الأمطار أو ارتفاع في درجات الحرارة، ويضاف لكل ما سبق قلة الواردات المائية من دول المنبع. "ما أدى إلى انخفاض مستوى المياه في نهري دجلة والفرات، والتسبب بكارثة على القطاعين الزراعي والحيواني"، بحسب نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، زوزان كوجر.
وتشرح كوجر ، أن "انخفاض مستوى المياه تسبب بتراجع إنتاجية القطاع الزراعي في البلاد، وهدد الأمن المجتمعي في الكثير من المحافظات بسبب الهجرة، لأن الكثير من مواطني تلك المحافظات كان اعتمادهم على الزراعة أو على تربية المواشي أو الأسماك".
وتوضح، أن "قلة مستوى المياه في الأنهار يؤدي إلى قلة الأوكسجين بسبب تزاحم الكائنات الحية ما يؤدي إلى نفوقها، كما أن تلوث المياه تسبب بنفوق الكثير منها، ما سبب أزمة اقتصادية على من يمتهن تربية المواشي أو صيد الأسماك". "ورغم وجود قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 الذي يلزم المؤسسات المعنية كافة بالحفاظ على البيئة من المياه والتربة والهواء من الملوثات، لكن لا توجد معالجة للنفايات والمخلفات التي ترمى في الأنهار سواء كانت من مصانع أو مستشفيات أو غيرها من المصادر الأخرى التي تلوث الأنهار ما يؤثر على صحة الإنسان والكائنات الحية في الأنهر"، تقول كوجر.
من جهته، يؤكد عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص في شؤون البيئة، عمر عبد اللطيف، أن "نسبة التصحر في العراق بلغت 60% بسبب نقص المياه وقلة الغطاء النباتي الأخضر، لكن هناك محاولات لتقليص هذه المساحات".
وعن تلك المحاولات يبين عبد اللطيف، أنها "تتم من خلال حملات تشجير وإعادة الغطاء النباتي سواء من ناحية الزراعة أو التشجير، وهذا يتطلب توفير مياه وهذا صعب في حال مثل العراق، لذلك يجب أن تكون هناك حملات للري بالتنقيط في المرحلة المقبلة".