سكاي برس/ بغداد
اعتمدت الحكومة العراقية في موازنة عام 2024 سعر النفط على 70 دولاراً للبرميل، وأي انخفاض تحت هذا السعر "يضع العراق في أزمة"، بحسب مختصين بالشأن المالي والاقتصادي، في وقت تؤكد اللجنة المالية في البرلمان العراقي، أن "مبالغ الرواتب مهيئة من خلال تصدير النفط بمستوى 70 دولاراً للبرميل أو حتى أقل".
ويشير مختصون إلى أن في حال استمرار انخفاض أسعار النفط ووصلت إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل فما دون، فسوف تحدث أزمة تؤدي إلى عدم إطلاق الموازنة الاستثمارية التي تحتاجها المحافظات والوزارات.
لكن يمكن اللجوء - وفق المختصين - إلى بيع جزء من ممتلكات الدولة إلى صناديق التمويل الذاتي ريثما ترتفع أسعار النفط وتستطيع وزارة المالية الإيفاء بالتزاماتها التشغيلية والاستثمارية.
ويوضح عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، أن "مجموع الرواتب المطلوبة لعام 2024 هي 85 تريليون دينار، وهذه المبالغ مهيئة من خلال تصدير النفط بمستوى 70 دولاراً للبرميل أو حتى أقل، لكن المشكلة ستكون في الجانب الاستثماري الذي تحتاجه المحافظات والوزارات، لذلك قد تتلكأ وزارة المالية في تمويل ما تحتاجه المحافظات والوزارات".
ويضيف الكاظمي "أما في عام 2025، فإن الحكومة مطالبة بوضع خطط جدية لاختصار الاستيرادات وتشجيع القطاع الخاص (الزراعي والصناعي والسياحي)، وتقليل المصروفات غير الضرورية، واتخاذ خطوات عملية حقيقية بزيادة الإيرادات غير النفطية، وعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي النفطي".
من جهته، يبيّن الخبير الاقتصادي، علي عبد الكاظم، أن "موازنة عام 2024 مخططة على 70 دولاراً لبرميل النفط، وأي انخفاض تحت هذا السعر يضع العراق في أزمة، في وقت هناك عجز 64 تريليون دينار".
ويضيف عبد الكاظم ، أن "العراق لا يمتلك خطوط صد كما المعمول بها في الدول الريعية مثل الصندوق السيادي وقاعدة إنتاج محلية تسعفه بتنويع الصادرات وعدم الاعتماد على صادرات النفط فقط".
ويتابع حديثه، "وفي حال استمرار انخفاض أسعار النفط ووصلت إلى 60 دولاراً للبرميل فما دون، فسوف تحدث أزمة تؤدي إلى عدم إطلاق الموازنة الاستثمارية، وتبقى تسديد الرواتب والأجور فقط، ما يؤكد أهمية تنويع الاقتصاد".
ويكمل، "وإذا أراد العراق تمويل الموازنة الاستثمارية فسوف يلجأ إلى الاقتراض، خاصة إذا وصلت أسعار النفط إلى 60 دولاراً للبرميل، وسيكون من السهل الاقتراض الداخلي حيث هناك حوالات مخصومة بقرابة 20 تريليون دينار لتمويل العجز، لذلك قد تلجأ الحكومة إلى الاستدانة الداخلية من البنك المركزي عن طريق خصم الحوالات".
أما مسألة الاقتراض الخارجي، فإن "العراق يُصنّف عالمياً عند فئة B سالب مستقر، وسواء كان الاقتراض داخلياً أو خارجياً فهو حالة غير صحية بل سلبية على الاقتصاد العراقي، وسوف تؤثر على الأجيال القادمة"، بحسب عبد الكاظم. بدوره، يقول الخبير المالي والاقتصادي، صفوان قصي، إن "الإنفاق الاستثماري يحتاج إلى تمويل ما فوق 70 دولاراً للبرميل، وإذا استمرت الأوضاع المالية على ما هي عليه، فيجب إعادة النظر بتخفيض النفقات التشغيلية".
ويؤكد قصي، أن "البلاد حالياً في منطقة الحرج، لكن إذا نجحت أوبك وشركاؤها في السيطرة على سعر النفط وعدم انحداره إلى 60 دولاراً للبرميل، فيمكن مواجهة الإنفاق خلال هذه السنة بالترشيد".
ويشير إلى أن "البديل الناجح في تمويل الموازنة هو إشراك المستثمرين بالمشاريع المنتجة المدرة للدخل، وتحويل هذه الأموال المطلوبة لتغطية جزء من النفقات الاستثمارية للقطاع الخدمي".
ويتابع حديثه، "وفي حال لم تتمكن الحكومة من تمويل الموازنة الاستثمارية، حينها يمكن اللجوء إلى بيع جزء من ممتلكات الدولة إلى صناديق التمويل الذاتي، حيث هناك صندوق التقاعد يموّل سنوياً بـ15 تريليون دينار، وهو لا يحتاج إلى هذا المبلغ الكلي".
"لذلك يمكن إعادة النظر في تسديد مستحقات الصندوق من وزارة المالية على شكل أسهم عقارية أو نقل ملكية ميناء الفاو أو مصفى كربلاء لصالح صندوق التقاعد، وبذلك يتم تحرير جزء من السيولة لدى وزارة المالية ريثما ترتفع أسعار النفط وتستطيع الوزارة الإيفاء بالتزاماتها التشغيلية والاستثمارية"، يقول قصي.
ويلفت الخبير المالي إلى أن "الحكومة ليس لديها الرغبة في الاقتراض الخارجي لأنه يشكل أعباءً إضافية على الفوائد للسنوات المقبلة، أما البنك المركزي فهو يمتلك احتياطيات 113 مليار دولار، وهي تغطي قيمة الدينار العراقي المصدرة 104 تريليونات، وتغطي قيمة الديون الخارجية البالغة 19 مليار دولار".
أما الديون الداخلية فهي - وفق قصي - بحدود 50 مليار دولار، "ولدى وزارة المالية فريق متخصص بدراسة إمكانية تسديد هذه الديون الداخلية إلى المصارف وإلى البنك المركزي من خلال نقل جزء من ملكية وزارة المالية فوق سطح الأرض التي تمتلك موجودات بما لا يقل عن 500 مليار دولار يمكن تحرير جزء من هذه الملكية وتحويلها لصالح المصارف أو البنك المركزي بالقيمة العادلة لكي يتم تصفير الديون الداخلية، وبالتالي تعزيز النظرة الإيجابية للاقتصاد العراقي".
ويضيف، "كما أن العراق لا يزال يفكر بإيقاف حرق الغاز واستثمار الغاز في توليد الكهرباء، وبالتالي تقليل عمليات الاستيراد وتصفيرها وكذلك تصفير استيراد المشتقات النفطية، وبالتالي هناك مرونة مالية ولم ندخل إلى منطقة العجز الحقيقي لغاية الآن".