Skip to main content

مسلسل معاوية.. كيف هدم السنة بأيديهم ألف عام من التقديس؟

المقالات الأحد 23 آذار 2025 الساعة 22:12 مساءً (عدد المشاهدات 238)

سكاي برس/ بغداد 

كتب/ مــــــٌراد الغـــــــضبآن

بغض النظر عن كوني مع المسلسل أو ضده، فإن ما يهم هنا هو التجرد والحديث بموضوعية عمّا طرحه، بعيدًا عن العواطف والانحيازات. فالمسألة ليست في كونه عملًا فنيًا ناجحًا أو فاشلًا، بل في كونه قدّم سردية تاريخية تجرأ على إظهار ما كان يُراد له أن يظل مطموسًا، وأعاد فتح النقاش حول مرحلة مفصلية في التاريخ الإسلامي.

منذ أكثر من ألف عام، لم تكن هناك قوة تستطيع أن تزعزع الرواية السنية حول “المجتمع الفاضل” للصحابة، ذلك المجتمع الذي صُوِّر للناس كمدينة أفلاطونية تسير فيها الملائكة جنبًا إلى جنب مع البشر، لا يعرف أهلها إلا الورع والتقوى والزهد. ولكن، فجأةً، جاء مسلسل تلفزيوني ليكسر هذا الصنم، لا بأيادٍ شيعية، بل بأيدٍ سُنّية خالصة، وبدعم إعلامي لا مثيل له، ليكشف للجماهير ما لم يكن يُراد لهم أن يعرفوه: الصحابة لم يكونوا ملائكة، بل سياسيين من الطراز الأول، ولم يكن صراعهم صراع فضيلة، بل صراع سلطة.

كان الجميع يردد: “الصحابة سادة الزهد والتقوى”، فجاء المسلسل ليقول: “بل كانوا سادة القصور والبذخ والمؤامرات!” قيل لنا: “كانوا يحيون الليل بالعبادة”، فأظهرهم المسلسل وهم يحيون الليل بالتخطيط للحروب والانقلابات! قيل: “الملائكة تستحي من الصحابة”، فجاءت الكاميرا لتكشف أنهم لم يكونوا يستحيون من قتل بعضهم بعضًا!

لم تكن الصدمة في كون الصحابة قد تقاتلوا، فهذه حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها، لكن الصدمة الكبرى كانت أن الرواية السنية نفسها، التي ظلّت تتكتم على هذه الأحداث قرونًا، وجدت نفسها الآن مجبرة على مشاهدتها تُعرض على الشاشات، دون القدرة على تبريرها أو إخفائها! وبهذا، يكون المسلسل قد حقق ما لم تحققه السردية الشيعية طيلة قرون ...جعل السنة أنفسهم يُسوِّقون لها، دون أن يدركوا أنهم يحفرون قبور رواياتهم بأيديهم.

فيا ترى، هل يدرك الجمهور السني الآن حجم المأزق؟ أم أن هذه مجرد بداية لانفجار أكبر؟ هل سيتوقف الأمر عند مجرد إعادة النظر في معركة صفين والجمل، أم سنشهد انهيارًا تدريجيًا لكل الروايات التي صُبغت بالقداسة؟؟يبدو أن مسلسلًا واحدًا كان كافيًا ليقلب الطاولة، ويعيد فتح ملفات أُغلقت منذ قرون، دون أن يترك مجالًا للعودة إلى الوراء.

“وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ” (المنافقون: 5)

ربما كانت هذه الآية تلخص المأساة: ليس كل من اقترب من رسول الله كان ملاكًا، وليس كل من صاحبه كان نزيهًا، فقد كان بينهم من آثر العناد والاستكبار، ومن لم يكن يرى في الدين سوى وسيلة للوصول إلى السلطة. لكن الفرق أن التاريخ المكتوب حرص على إخفاء ذلك، حتى جاء هذا المسلسل ليضع الجميع أمام المرآة.

أتمنى أن تكون هذه التفاصيل مفيدة في فهم ما يجري بعيدًا عن الاصطفافات والانحيازات، لأن ما نحتاجه اليوم ليس الدفاع عن الروايات، بل البحث عن الحقيقة، أيًا كانت.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة