سكاي برس
لليوم الثاني على التوالي تتواصل الاحتجاجات الغاضبة في مدينة النجف جنوبي العراق، وسط انتشار أمني كثيف في المدينة وبمحيط مباني الحكومة المحلية لمنع وصول المتظاهرين إليها، الذين طالبوا بإقالة محافظ النجف لؤي الياسري ومحاسبة المسؤولين عن قمع التظاهرات، فيما واجههم عناصر الأمن بالرصاص الحي وقنابل الغاز.
وخرج المئات من أهالي النجف في تظاهرة حاشدة وتوجهوا نحو بناية المحافظة، مطالبين بتقديم مطلقي النار على المتظاهرين للقضاء ومحاسبة المحافظ ومسؤولين آخرين اتهموهم بالفشل.
وشهد شارع المحافظة الطريق المؤدي إلى ساحة الصدرين وطرق فرعية أخرى مواجهات بين الأمن والمتظاهرين، الذين رشقوا الشرطة وقوات مكافحة الشغب بالحجارة والقناني الفارغة، وسمعت أصوات إطلاق نار كثيف جراء محاولة الأمن تفريق المتظاهرين، كما استخدم الأمن بكثافة قنابل الغاز التي تسببت باختناقات بين المحتجين.
وبعد عصر اليوم الإثنين حاول مسؤولون بدائرة صحة النجف إقناع المتظاهرين بالتفرق بسبب المخاوف من وجود مصابين بكورونا بينهم لا تظهر عليهم أعراض من الممكن أن يشكلوا مصدر عدوى للآخرين، إلا أن تلك الدعوات لم تلق أي استجابة.
ويقول متظاهرون إنهم لا يملكون غير التظاهر إزاء ما يواجه المدينة من تصاعد في معدلات الفقر والبطالة، وفشل السلطات المحلية في تحقيق ما وعدوا به، فضلا عن استمرار عمليات القمع والاعتداء على المتظاهرين مع كل تجمع لهم.
ووفقا لعضو تنسيقية تظاهرات النجف، مهند الطالبي، فإن "المحافظ يريد أن ينهي التظاهرات بالقوة، من خلال أوامر قبض أصدرها ضد المتظاهرين وتوجيه الأمن باستخدام القوة لفضها"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "المتظاهرين خرجوا متحدين المحافظ، وجددنا المطالبات بإقالته، ولن نتراجع عن ذلك".
وأكد الطالبي أن "عناصر الأمن المنتشرين حول مبنى المحافظة، واجهونا بإطلاق الرصاص الحي في الهواء وقنابل الغاز، محاولين تفريق التظاهرة"، محملا، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مسؤولية "الممارسات غير القانونية والدعاوى الكيدية التي يمارسها المحافظ ضد المتظاهرين".
وفي وقت سابق من اليوم، وجه محافظ النجف في تسجيل صوتي بإصدار أوامر قبض ضدّ من وصفهم بـ"المحرضين" على التظاهر والعنف في المحافظة، على أثر ما شهدته المحافظة من تظاهرات ليل أمس، مطالبة بإقالته، والتي قابلتها قوات الأمن بالرصاص الحي، ما تسبب بتسجيل إصابات عدّة في صفوفهم.
ووفقا للتسجيل، وهو اتصال هاتفي جرى بين المحافظ وأحد قادة الأمن بالمحافظة، قال المحافظ "أبلغ مدير الاستخبارات بإصدار أوامر قبض بحق العناصر المحرضة، وهم معروفون بالأسماء"، مؤكدا أن لديه "دليلا بإحراق الكرفانات داخل المنزل".
وأكد المحافظ أن "الأشخاص المحرضين على الخروج، معروفة أسماؤهم، وسأرفع دعوى قضائية ضدهم، وأتصل برئيس محكمة الاستئناف بشأنهم".
وبحسب التسجيل، فإن ضابطا أكد للمحافظ، أن "أوامر القبض بحق الأشخاص المحرضين جاهزة، بكل التفاصيل والأسماء والعناوين، وستستكمل الإجراءات حال وصول القاضي"، بينما طالبه المحافظ بأن يزوده "بالأسماء عبر رسالة".
الناشط، فارس المالكي، رد على مذكرات الاعتقال، في تغريدة له، "محافظ النجف يهَددنا بمذكرات إلقاء القبض؟! كم أنت بائس ومهزوز، نحنُ شعبٌ قد ترك الخوف جانباً وتحزم بالشجاعة والصمود .. اخرج من المحافظة أنت ومن معك ولا خيار ثانيا لكم".
في الأثناء، اعتدت القوات الأمنية على كادر قناة "دجلة الفضائية" خلال محاولته، تغطية التظاهرات، كما حطمت معدات التصوير، وفقا لما أعلنته القناة.
من جهتها، نفت قيادة شرطة المحافظة، تجهيزها قوة أمنية لاقتحام ساحة الاعتصام، وقال المتحدث باسم القيادة مقداد الموسوي، في تصريح إن "الأنباء المتداولة بشأن تجهيز قوة لاقتحام الساحة، عارية عن الصحة".
وأكد الموسوي أن "أمن المتظاهرين والحفاظ على أرواحهم مسؤوليتنا".
ويؤكد مختصون بالشأن العراقي، أن العنف في زمن حكومة الكاظمي لم يختلف عمّا كان عليه في حكومة عادل عبد المهدي، وقال الباحث في الشأن السياسي، شاهو القراداغي، في تغريدة له إن "قمع الأجهزة الأمنية مستمر في زمن الكاظمي كما كان في عهد عبد المهدي، مثلما نرى ذلك في النجف الآن"، مستغربا من "توقف بعض المنصات والشخصيات عن انتقاد هذا القمع".
الناشط، أسعد الناصري، تساءل عن سبب القمع المفرط في النجف بالقول "ماذا فعل شباب النجف لتوجه لهم الضربات المباشرة بنفس أسلوب القمع الذي رأيناه في حكومة القناصين؟! لم يتغير شيء مع شديد الأسف. هذه الاستفزازات تجر إلى مزيد من الانفجار، فالقمع ليس هو الحل، إلا في لغة الأحزاب المتحكمة بالملف الأمني".