سكاي برس/ بغداد
شكلت الديون الخارجية عبئاً كبيراً على مالية العراق لعقود من الزمن، وراح يسدد مليارات الدولار لعدد من دول ومنظمات العالم جرَّاء حروب عبثية خاضها النظام المباد، واليوم بدأت البلاد وبفضل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تتنفس الصعداء بعد أن تخلصت من الكمِّ الأكبر للديون الخارجية، وبات بإمكان العراق أن يكون دائناً للآخرين بعدما أصبح خارج مخاطر الديون الخارجية.
المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح قال: إنَّ "العراق تحول بعد تخلُّصه من العبء الكبير لديونه، من بلد مَدين إلى الخارج إلى بلد بإمكانه أن يكون دائناً للآخرين"، لافتاً إلى أن "البلد يُسمى "الدائن الفتي" لامتلاكه قدراً من الفتوة في الجانب الاقتصادي، الأمر الذي رفع من تصنيفه الائتماني، بالرغم من مشكلات المنطقة".
وأضاف صالح أنَّ "العراق تخلص لأول مرة من عبء الديون الخارجية التي كبَّلته اقتصادياً بعد الحرب العراقية الإيرانية منذ العام 1980 وحتى الوقت الحاضر"، مبيناً أنَّ "ما تبقى من ديونه إلى الجهات الدولية، لا يشكل سوى أقل من 9 مليارات دولار تُسدَّد من الآن وحتى العام 2028". وأوضح أنَّ "تسديد الديون يكون من خلال تخصيصات في الموازنة العامة الاتحادية"، لافتاً إلى أنَّ "نسبة الديون بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي لا تشكل عبئاً على الدولة، حيث تشكل ما قدره 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي".
الديون الداخلية
وأضاف المستشار المالي، أنَّ "المعيار العالمي يسمح بنسبة 60 بالمئة من الناتج المحلي، أن تكون ديوناً خارجية، وعدَّ العراق بأنه بلد محصَّن تحصيناً جيداً، في موضوعة الديون الخارجية، (بمعنى أدق أنه خارج مخاطر الديون الخارجية)، الأمر الذي يعطي البلد، ائتماناً عالياً في الوقت الحاضر"، مشيراً إلى أنَّ "الديون الداخلية محصورة داخل النظام (المصرفي الحكومي)".
وأفاد صالح بأنَّ "التصنيف الائتماني والجدارة الائتمانية للعراق جيدان"، لافتاً إلى أنَّ "البلد في الوقت نفسه لم يخفق في يوم من الأيام في دفع ديونه الخارجية، وهناك توقيتات وتنسيق متكامل بين البنك المركزي العراقي ووزارة المالية، في دفع مستحقات الديون سواء أكانت خدمات الديون "الفوائد والأقساط" أم دفع الديون مرة واحدة".
التعزيز المالي
كما أشار إلى أنَّ "المالية العامة في موضوع الديون مارست ما يسمى بـ"التعزيز المالي" لإطفاء الديون الخارجية، والاقتراض بنسبة أقل"، مبيناً أنَّ "التعزيز المالي يتم على الرغم من وجود ديون داخلية، لأنها محصورة داخل النظام المالي المصرفي، وليست داخل السوق المصرفية العراقية، ولا تشكل خطراً فهي تسويات داخل النظام المالي في العراق".
وأعرب صالح عن أمله بأن يكون 2028 هو العام الذي لا تبقى فيه أمام العراق أي ديون مستحقة واجبة الدفع نهائياً، إذ إنَّ ما تبقى هو جزء ضئيل لا يشكل سوى 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي يُعدُّ العراق بلداً خالياً من الديون الخارجية"، لافتاً إلى أنَّ "البلد أصبح غير مدين إلى أيٍّ من الجهات الدولية سوى الديون السيادية، أو ديون جهات وشركات أو منظمات دولية مالية متعددة الأطراف".
التخلُّص من الديون من جانبه، أفاد الباحث في الشأن الاقتصادي، الاستشاري عماد المحمداوي، بأنَّ البلد يسير باتجاه اتخاذ إجراءات صائبة للتخلُّص من ديونه الخارجية، من خلال سلسلة من القرارات التنفيذية والالتفات إلى تسديد ما تبقى بذمته، لافتاً إلى أنَّ ما تبقى من الدين لا يُعدُّ مؤثراً في البلد خصوصاً، أنها ديون طويلة الأجل ونسبة فوائدها قليلة لا تتجاوز الـ 1 بالمئة وخاصة الديون اليابانية.
جذب الاستثمارات
وأضاف المحمداوي، أنَّ "العراق نجح إلى حدٍّ كبير في إدارة ملفِّه المالي، فضلاً عن قدرته على تجنُّب أي أزمة مالية يمكن أن تواجهه نتيجة الأوضاع الراهنة، وهو في منأى عن الأزمة الإقليمية"، لافتاً إلى أنَّ "العراق حالياً يمتلك فرصة التحول إلى أهم البلدان الاقتصادية إقليمياً وعالمياً، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة أنه يمتلك المحفِّزات ووضعه الائتماني عالٍ، ناهيك عن نجاحه في ممارسة سياسة اقتصادية مرنة في السنوات الأخيرة.
يذكر أنَّ التصنيف الائتماني، هو رأي وكالة ائتمانية معينة في ما يتعلق بقدرة واستعداد كيان (حكومة أو شركة أو فرد) للوفاء بالتزاماته المالية بشكل كامل وفي غضون المواعيد النهائية المحددة.