سكاي برس/ بغداد
يستمر تذبذب سعر صرف الدينار أمام الدولار منذ سنوات دون سيطرة عليه لا من قبل الحكومة العراقية ولا من البنك المركزي العراقي، بحسب خبراء في الاقتصاد، الذين عزوا هذا التذبذب إلى عدم إيجاد حلول جذرية حقيقية لهذه المشكلة وعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتلاعبين.
وسجلت أسعار صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي ارتفاعاً مع إغلاق بورصتي الكفاح والحارثية الرئيسيتين في بغداد، اليوم الاثنين، لتسجل 151000 دينار مقابل 100 دولار، فيما سجلت صباح هذا اليوم 150500 دينار مقابل 100 دولار.
وذكر مصدر محلي، إلى أن أسعار البيع في محال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد ارتفعت حيث بلغ سعر البيع 152000 دينار مقابل 100 دولار، بينما بلغ الشراء 150000 دينار مقابل 100 دولار. في السياق، قال الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، إن "تذبذب أسعار الدولار منذ سنوات يعود إلى السياسة المصرفية المتبعة من قبل البنك المركزي والحكومة العراقية وما يقدمان من حلول خجولة لا تتناسب مع حجم المشكلة، لهذا يلاحظ عدم سيطرتهما على أسعار الدولار لحد الآن".
وأوضح فرج، أن "من أهم أسباب ارتفاع أسعار الدولار هو عدم وجود تغطية للتبادل التجاري مع إيران وسوريا اللتين مشمولتان بالعقوبات الأمريكية وغير مسموح للعراق بتحويل الدولار إليهما، لذلك يُهرّب الدولار للبلدين ما يسبب بارتفاع أسعاره".
وأكد فرج، أن "أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية وحتى سوق العمل والتجارة جميعها تتأثر بأسعار الدولار، وعندما ترتفع أسعاره ترتفع أسعار المواد الأساسية والغذائية وغيرها، وهذا جميعه بسبب عدم إيجاد حلول جذرية حقيقية لهذا الملف وعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتلاعبين".
أسباب جديدة
وبالإضافة إلى الأسباب السابقة، هناك أسباب أخرى مستحدثة، حيث أرجع الباحث الاقتصادي، أحمد عيد، زيادة الطلب على الدولار وسحبه من الأسواق وبالتالي ارتفاع أسعاره، إلى أن "التغيير في سوريا تسبب بتضرر مصالح الكثير من قادة الميليشيات والمتنفذين، وسط مخاوف من استهداف المصالح والنفوذ الإيراني في العراق، مما دعا إلى زيادة الطلب الكبير على الدولار وسحبه من الأسواق من قبل هؤلاء المتنفذين بواسطة أذرعهم الاقتصادية التي تسيطر على مفاصل واسعة من السوق، بغية البحث عن منافذ جديدة لتسويق أعمالهم غير المشروعة".
وتابع خلال حديثه للوكالة: "كما أن انعكاس إغلاق الحدود مع سوريا على السوق العراقية دفع عدد كبير من التجار للبحث عن مصادر جديدة للتوريد مثل مصر وتركيا وبلدان أخرى، مما يتطلب الحاجة إلى سيولة نقدية بالدولار لتغطية حاجة السوق".
ونبه عيد، إلى أن "هناك عملاً كبيراً يستهدف الاقتصاد العراقي وهو تهريب العملة إلى الخارج وعمليات غسل الأموال التي مازالت متواصلة حتى اللحظة، وهذه كلها أسباب أدت وستؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق العراقية".
تأثير "المنصة"
وعن المخاوف من ارتفاع الدولار بعد إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية، رأى الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، أن "البنك المركزي سيوقف العمل بالمنصة التي استحدثها في 2023، وستكون عملية تحويل الدولار حصراً على (المصارف الأجنبية) ومن لديها مراسلة، وهذا يعد إجحافاً بحق المصارف المحلية العراقية التي بدأت بتسريح العاملين لديها".
وبين عبد ربه، أن "هناك 4 مصارف سوف تقضي على المصارف العراقية وستتحكم وتتسيد القطاع المصرفي العراقي، وسوف تسيطر على سوق الحوالات وتتحكم بسعر صرف الدولار، لذلك من المتوقع ارتفاع أسعاره مستقبلاً"، داعياً البنك المركزي إلى أن "يضمن المصارف العراقية في الفيدرالي الأمريكي ولدى وزارة الخزانة، وأن يساعد المصارف العراقية بأن تكون لديها حسابات في (جي بي مورغان) و(سيتي بانك)".
المركزي يطمئن
يُذكر أن البنك المركزي العراقي، أعلن في 4 أيلول 2024، عن آلية إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية للحوالات الخارجية من العملة الصعبة، فيما طمأن بأن لا تأثيرات محتملة على سعر الصرف وعمليات التحويل بعد إنهاء عمل المنصة.
وبحسب بيان للبنك المركزي، بدأت المنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية التي يديرها البنك المركزي العراقي في بداية عام 2023 كمرحلة أولى لإعادة تنظيم التحويلات المالية بما يؤمِّن الرقابة الاستباقية عليها بدلاً من الرقابة اللاحقة من خلال قيام الاحتياطي الفيدرالي بتدقيق الحوالات اليومية.
وبحسب البيان، فإنه كان "إجراءً استثنائياً إذ لا يتولى الفيدرالي عادة القيام بذلك، وجرى التخطيط للتحول التدريجي نحو بناء علاقات مباشرة بين المصارف في العراق والبنوك الخارجية المراسلة والمعتمدة، يتوسط ذلك شركة تدقيق دولية للقيام بالتدقيق المسبق على الحوالات قبل تنفيذها من قبل البنوك المراسلة".
وتابع: "خلال سنة 2024 ولغاية الآن تم تحقيق ما نسبته 95% من عملية التحويل من المنصة الالكترونية إلى آلية البنوك المراسلة مباشرة بينها وبين المصارف العراقية، وذلك يعني أن المتبقي حوالي 5% فقط منها داخل المنصة، والذي سينجز تحويله بذات الآلية قبل نهاية هذا العام وحسب الخطة".
وأشار بيان المركزي العراقي، إلى أن بعض التوقعات حول تأثيرات محتملة على سعر الصرف وعمليات التحويل لا أساس لها، لأن العملية لن تكون بشكل مفاجئ أو بدفعة واحدة في نهاية هذا العام، بل أنها تحقّقت اصلاً خلال المدة الماضية بجهد ومتابعة دقيقة، إلا ما تبقى من نسبة ضئيلة ستنجز في الفترة القليلة المقبلة".
وأكد البنك، أن التجارة مع الإمارات وتركيا والهند والصين تمثل حوالي 70% من تجار العراق الخارجية كــ(استيرادات)، وهو ما دعا البنك المركزي العراقي إلى ايجاد قنوات للتحويل بعملات اليورو، اليوان الصيني، الروبية الهندية، الدرهم الاماراتي، عبر بنوك مراسلة معتمدة في تلك البلدان.
وزاد في هذا الصدد: "بدأ فعلاً (13) مصرفاً عراقياً إجراء عمليات التحويل مع آلية التدقيق المسبق تم الاتفاق عليها وإقرارها بالإضافة إلى التحويلات بعملة الدولار، مع توفير قنوات للتحويل الشخصي للأغراض المشروعة والمشتريات الخارجية عبر قنوات الدفع الإلكتروني وشركات التحويل المالي العالمية والبيع النقدي للمسافرين، ودفع الدولار النقدي للحوالات الواردة للجهات والاغراض المحددة في تعليمات البنك المركزي المنشورة".
ونوه البنك، إلى أنه وضع عمليات التحويل الخارجي وتلبية الطلبات على الدولار في مسارات سليمة ومنسجمة مع الممارسات والمعايير الدولية وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وخلص بيان المركزي، إلى أن "توفير القنوات المذكورة وللأغراض كافة بالسعر الرسمي للدولار، يجعل هذا السعر هو المؤشر الحقيقي للممارسات الاقتصادية، وهو ما أثبته واقع استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم، وأي سعر آخر يتم تداوله خارج تلك القنوات يعد سعراً شاذاً يلجأ ذوي الممارسات غير الأصولية أو غير المشروعة الذين يبتعدون عن القنوات الرسمية في تعاملاتهم فيتحملون لوحدهم التكاليف الإضافية بالشراء بأعلى من السعر الرسمي ليوهم الآخرين بالفرق بين السّعر الرّسمي وغيره".