بقلم / سليم الحسني
زعيم واحد من زعامات الفساد تم القبض عليه. ليس معلوماً ما سيكون مصيره. طبقاً لموازين العملية السياسية فهو أقرب للعودة الى مزاولة نشاطه الطبيعي، منه الى المحاكمة والعقوبة.
حمزة الشمري، مثل مئات غيره، ينهبون ويسرقون وينشرون الفساد والرذيلة ويتجارون بكل شيء، فتحميهم القوى السياسية، مقابل نسبة يجري الاتفاق عليها من الأرباح.
أي كاتب لو كتب عن فساد حمزة الشمري ـ قبل إلقاء القبض عليه ـ لوجد الجموع تقف أمام قلمه تتسابق لكسره، وتتدافع لتكميم فمه، حتى ضحاياه الذين يسلب منهم حمزة الشمري قوتهم وصحتهم ومستقبل أبنائهم، سينضمون الى مهرجان الدفاع عنه، ويتهمون الكاتب بأنه ضد الحشد الشعبي، وضد الفصائل المقاومة، وضد القيادات المخلصة، وضد قائمة طويلة من الممنوعين من اللمس.
مافيات الفساد الأخلاقي وصالات القمار والملاهي الليلة، محمية بقوة السلاح والسياسة. تجارة الممنوعات والمخدرات تتصل بشخصيات مهمة ومتنفذة. الفساد المالي في دوائر الدولة والعقود والصفقات والنهب والابتزاز، تجري بتوافقات منظمة بين القيادات والمسؤولين.
تصلني الكثير من المعلومات من أشخاص لهم اطلاعهم المباشر بحكم عملهم الوظيفي والإداري، لكنهم يحجمون عن التصريح خوفاً من الناس أولاً، ثم الخوف من الأحزاب والكيانات والشخصيات السياسية. إنها حالة مؤسفة هيمنت على الثقافة الاجتماعية، وصارت تقليداً سائداً بين معظم الشعب العراقي. أي أنهم يبادرون الى مهاجمة الأشخاص الذين يطالبون بحقوقهم، ويدافعون عن السارق واللص والقاتل والمجرم.
منظومة قيمية انهارت أهم دعائمها في زمن الطاغية، وجاءت العملية السياسية لتضع الديناميت على ما تبقى من دعائم، والمحزن أن القيادات تضع أصابع الديناميت، وأغلب الناس يصفقون لهم حين يحدث الانهيار.
مؤلم حالنا. فانك تجد نفسك تصاب بالجرح بعد الجرح من المظلوم الذي تريد رفع ظلامته، ومن المخدوع الذي تريد تنبيهه، ومن الجائع الذي تريد أن تسترجع لقمته.
موجعة مثل هذه الجراح بما لا يمكن تصوره.