سكاي برس/ بغداد
ما يزال العراق يشهد العديد من التحديات والتعقيدات التي تهدد الديمقراطية في البلاد رغم مرور 21 عاماً على التغيير والتحول إليها في نظام الحكم بدلاً من الدكتاتورية، فيما يشير آخر تقرير لمؤشر الديمقراطية إلى أن البلد من بين الدول العشر الأكثر خطراً على الديمقراطية.
ويحتفل العالم في 15 أيلول/ سبتمبر من كل عام بـ"اليوم العالمي للديمقراطية"، وهو مناسبة خصصتها الأمم المتحدة لتسليط الضوء على أهمية الديمقراطية كأحد الأسس الرئيسية لتحقيق السلام والتنمية وحقوق الإنسان.
ويأتي هذا اليوم في ظل تحديات متزايدة تواجه الأنظمة الديمقراطية حول العالم، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، مما يعزز من أهمية دعم وتعزيز هذه القيم.
وفي بيانها الرسمي بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية لعام 2024، أكدت الأمم المتحدة أن الديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي، بل هي أسلوب حياة يتيح للمواطنين المشاركة الفعالة في صنع القرار، ويحترم حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
"ورغم أن العراق على أعتاب 21 عاماً من التحرر من النظام البائد الدكتاتوري، وإقرار القوانين والدستور وحرية انتخاب وتصويت سواء للبرلمان أو لمجالس المحافظات، لكن لا تزال البلاد تشهد العديد من التحديات والتعقيدات في ملف حقوق الإنسان"، بحسب المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، سرمد البدري.
ويؤكد البدري، أن "هناك ارتباطاً وثيقاً ما بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلما كانت الدول أكثر ديمقراطية كانت قوانين حقوق الإنسان لديها أكثر استدامة وفعالية على مستوى التشريعات والقوانين وحمايتها للمواطن وحقوقه".
ويضيف: "ورغم انضمام العراق للعديد من اتفاقيات حقوق الإنسان، إلا أن واقع حقوق الإنسان في العراق لا يزال بحاجة إلى جهود أكبر، فلا نزال نشهد مشاكل في الصحة والبيئة والخدمات والتعليم والسكن وحرية الرأي والتعبير والسجون والتحقيقات الأولية".
ويتابع، "كما أن العراق من البلدان التي تشهد جرائم مستمرة على مستوى جرائم المخدرات والانتحار والاتجار بالبشر وحرية الرأي والتعبير وعمالة الأطفال ونتائجها التي أثرت على العنف الأسري وعدم غلق ملف النازحين في المخيمات، إضافة إلى الفساد والبيئة والتصحر والجفاف والانتهاكات داخل السجون بسبب الاكتظاظ".
ويوضح، أن "ما سبق يجعل حقوق الإنسان في العراق ليست على ما يرام مع وجود التقدم المحرز في معايير السكن والدخل اليومي وجبر ضرر الضحايا، ما يؤكد ضرورة إجراء مراجعة دورية للقوانين والقرارات مع الواقع الذي نشهده والتقدم المحرز في هذا المجال".
ويوجه البدري "نداءً إلى البرلمان للإسراع في تشريع القوانين ذات المساس المباشر بحقوق الإنسان منها قوانين حماية الطفل والعنف الأسري وحرية الرأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومة، إضافة إلى القوانين المتعلقة بالعقوبات البديلة وإجراء المواءمات التشريعية للقوانين كافة ومدى انطباقها مع حقوق الإنسان".
كما ووجه البدري دعوة إلى لجنة الخبراء في مجلس النواب للإسراع بتسمية مجلس المفوضين في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، "باعتبار أن المفوضية من المؤسسات الدستورية ولها دور مهم في مراقبة تعزيز الديمقراطية في العراق".
من جهته، يشير النائب عباس الجبوري، إلى أن "التحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية نتج عنه مشهداً مختلفاً، وهذا التغيير يصاحبه الكثير من الاحتكاكات والمنغصات التي قد تخدش العمل الديمقراطي، لكن من حيث المبدأ يبقى النظام الديمقراطي هو النظام الأفضل".
ويوضح الجبوري في حديث له ، "أما مفهوم الديمقراطية في العراق فهو يترسخ في العملية السياسية يوماً بعد آخر، لكن لا ننكر وجود بعض المعوقات أو المنغصات في هذا الطريق، لكن في المسير العام ينظر للديمقراطية على أنها حركة بوسط إقليمي شحيح بمثل هذا النظام، وهذه نقطة تسجل للعراق".
ويلفت النائب إلى أن "هناك بعض الممارسات على مستوى الأفراد والمجاميع الصغيرة التي تحاول أن تستغل أو تستثمر فرصة الديمقراطية لتنتهج فعلاً هنا وآخر هناك، لكن ذلك لن يشوّه المشهد بمجمله".
بدورها، تؤكد الحقوقية رواء الموسوي، رئيسة منظمة "ارتقاء" للتنمية المستدامة، أن "العراق يعتبر بلداً ديمقراطياً من الناحية الشكلية والقانونية، لوجود نظام انتخابي وسلطات متعددة وإشراك للشعب بالقرارات على اعتبار وجود ممثلين عنه في البرلمان، لذلك أصبح للمواطن دور في صناعة القرار من خلال السماح بالتعبير عن رأيه واختيار من يمثله".
وتضيف الموسوي ، "أما على أرض الواقع، فإن الوضع غير مستقر من الناحية الأمنية والاجتماعية وهذه تؤثر على الديمقراطية وسيادة القانون، وكذلك يؤثر على الديمقراطية السلاح المنفلت والفساد الإداري وأيضاً فيما يخص الحريات وتعديل قوانين معينة، لكن تبقى الديمقراطية مفهوم حديث على المواطن وزيادة الوعي بها يلعب دوراً مهماً في تطور المجتمع".
ويشير آخر تقرير لمؤشر الديمقراطية أجراه معهد "نورماندي" للدراسات والبحوث في البرلمان الأوروبي، إلى أن العراق يأتي في المرتبة 130 من بين 138 دولة، وأنه رغم مرور 21 سنة على احتلال العراق من جانب أمريكا، لا يزال البلد يعاني من وضع صعب من حيث عدم الاستقرار الأمني، وأزمة إنسانية واقتصادية وتنموية، ونقص في الطاقة، ووجود الطائفية والفساد، وحصد العراق 3.6 علامة فقط.
وأوضح التقرير، أن العراق كان في المرتبة 133 في السنة الماضية 2023، أي أنه تقدم ثلاث مراتب هذه السنة، لكن لا تزال هناك أخطار تهدد السلام والديمقراطية في العراق، و"هجمات الميليشيات المدعومة من إيران تشكل خطراً على أمن العراق، كما لا يزال العراق تحت تهديد الإرهاب، وهو ضعيف في مواجهة التغير المناخي، ويعاني من شحة مياه وأزمة غذاء".
وحسب التقرير، هناك أحد عشر خطراً يهدد السلام والديمقراطية في العالم، وهذه الأخطار هي: الإرهاب، الأزمات الاقتصادية، التغير المناخي، عدم استقرار الطاقة، الصراع والعنف، الدولة الهشة، الجرائم الدولية على الحدود وأسلحة التدمير الشامل.