مراد الغضبان
بداية فإن حديثنا هذا لا يعني بالضرورة الوقوف مع أو بالضد ممن يرد ذكرهم بل هو مبني على معلومات وواقع.
ليس من السهل على كل الكتل السياسية الموجودة على الساحة اليوم ان تتمكن من خطف منصب رئاسة الوزراء من حزب الدعوة مهما امتلكته من قاعدة جماهيرية ومهما عقدت من صفقات, فلا يمكنها ان تزاحم تلك الخبرة التي تمتلكها قيادات حزب الدعوة المتمرسة في عقد الصفقات واقناع الاصدقاء والخصوم وكسبهم الى محورهم.
يعلم المطلع على التفاصيل الدقيقة للتنظيم الداخلي للدعوة أنه حزب لايعتمد على قاعدة جماهيرية بل هو حزب سلطوي يقوده خطين من القيادات, الخط الثاني يتكون من تلك القيادات التي تظهر على الساحة كالمالكي والخزاعي والأسدي والعبادي الذي انضم مؤخراً لهذا الخط, بينما يتكون الخط الأول من القيادات التي ترسم السياسة العامة للحزب وتحرص جاهدة للحفاظ على المكتسبات التي حققها وابرزهم عبد الحليم الزهيري وطارق نجم والركابي وغيرهم, ويمتثل الخط الثاني لاوامر الصقور او الخط الاول ويطيعونهم في كل ما يقررون لانهم يعلمون تماماً ان مخالفتهم تعني ضياع كل تلك المكاسب التي تحققت سواء الشخصية منها أو العامة التي اكتسبها الحزب.
الامر الأكثر اهمية أن الصقور والقيادات ومجلس شورى الحزب وكل من له القرار داخل الدعوة, يؤمنون تماماً بأن ضياع رئاسة الوزراء يعني تلاشي الحزب واختفاءه, فهو حزب مبني على المناصب أكثر من كونه حزب جماهيري وقلما تجد له تنظيمات, بل ان اعتماد هذه القيادات قائم على هرم السلطة وبقاء مشروعهم من بقاء هذا المنصب تحت تصرفهم.
يمكننا أن نلخص تلك الميزات التي يتفوق بها حزب الدعوة عن منافسيه بما يلي:-
- يمتلك الحزب علاقات خارجية وتنوع في توجهات قياداته تمكنه من تحقيق توافق في تلك العلاقات يستحيل على غيره من الأحزاب تحقيقه, فهو الحزب الوحيد الذي يمكنه ان يحظى بدعم أمريكي - بريطاني – إيراني في آن واحد بما يمتلكه من جنسيات وعلاقات ولوبيات داخل تلك الدول تمكنه من إبعاد أي منافس من طريقه.
2 - تمتلك قيادات الدعوة من الخط الأول والذي يعرف بالصقور حنكة عالية وخبرة في مجال المباحثات خصوصاً في الشأن العراقي وإقناع الأطراف الاخرى وكسبهم ويعرف عن كل واحد منهم بأنه قادر على قلب معادلة الواقع وتغييرها الى صالح الحزب.
3 – يعرف عن الدعوة أنه يتماسك في أصعب الظروف وتنبذ قياداته جميع الخلافات في أوقات الشدة وبإمكانهم التخلي عن أي من قياداته في سبيل الحفاظ على مكاسبه.
هذا وبالإضافة لهيمنة الحزب على أغلب الكتل وقياداتها حيث أن الكثير من القيادات الموجودة على الساحة اليوم هم أعضاء سابقين انشقوا عن الحزب فبمجرد ان يعلن الحزب عن توحده واتجاهه بمسار موحد لتشكيل الحكومة ستجد انخراط باقي الكتل بمشروعه, فمن البديهي أن يلتحق بهم اعضاء الفتح بقيادة هادي العامري, ليتبعه الآخرون كفالح الفياض وكتلة الفضيلة, ولا نستبعد ان يتمكنوا من اقناع كتة سائرون والحكمة والوطنية حيث ان مفاتيح هذه الكتل لا تزال بأيدي قيادات الدعوة وهم أفضل من يتعامل معهم في مثل هذه الظروف.
اما الكرد فمطالبهم معلنة ولا يجدون من ينفذ هذه المطالب خير من حزب الدعوة ولا يمتلك أي طرف آخر مايمتلكه الدعوة من قابلية لكسب الكرد في محورهم, ومن هنا نعرف أن المخاض الذي يدور في أروقة حزب الدعوة اليوم هو مخاض مفصلي ومسألة نكون أو لا نكون وهو ما سيدفع قياداته للعمل بكل إمكاناتهم من اجل الإنتصار في صراع البقاء هذا.
بيان قيادات الدعوة الأخير كان واضحاً في تطرقه لمسألة تصدي "عدو الأمس" والذي يقصدون به التيار الصدري, لقيادة الكتلة الاكبر حيث سيضعهم هذا الامر في تحد أكبر للإطاحة بالمنافسين وتوحيد الصفوف.
إذاً ومن خلال كل المعطيات السابقة نتوقع ان يكون حزب الدعوة في الايام المقبلة كسفينة نوح عليه السلام, من ركب فيها فاز بتشكيل الحكومة ومن تخلف عنها ذهب أدراج المعارضة.
والله اعلم