بقلم/ سليم الحسني
إن الكثير من المدافعين عن أبناء وأصهار المراجع، ينطلقون من رؤية مشوشة تفرضها عليهم البساطة، وهؤلاء لو عرفوا المعنى الشرعي للمسألة، سيدركون الخطأ الذي وقعوا فيه، وأنهم كانوا يؤمنون بقضية تتعارض مع مفاهيم الإسلام وحقيقة التشيع، كما أنهم سيكتشفون ما تسببوا به من إساءة لمكانة المرجع والمرجعية من حيث لا يقصدون.
لكن هناك فئة من المعتاشين، وهم الذين يتعمدون إيهام الناس بأن الأبناء والاصهار هم مثل المرجع في المكانة والمنزلة والمقام، يضللون الشيعة، ويحرّفون الكلم عن مواضعه، والمفاهيم عن معانيها الأصيلة.
أذكر في هذا المقال، مثلاً له عشرات الشهود، وقد حدث يوم السبت ٩ آذار ٢٠١٩ في لندن. ففي مجلس تعزية تحدث السيد مرتضى الكشميري صهر المرجع الأعلى السيد السيستاني، عن ضرورة التصدي للأقلام التي توجه نقدها لأبناء المراجع، وقد أطلق فتوى شرعية مع أنه ليس مؤهلاً للفتيا حيث قال:
(لا يجوز المساس بالمراجع وأبنائهم).
لقد تعمّد تشويه الفكرة الصحيحة بأن شخص المرجع يتمثل بنفسه فقط، من حيث المكانة والموقع الزعامي، ولا يمكن ان يتحول الى وراثة عائلية ولا يجوز مصادرته عن طريق الأبناء، لأن معنى ذلك مصادرة المرجع وسرقة المرجعية من موقعها ومقامها الأول في عالم التشيع.
إن السيد مرتضى الكشميري، وغيره من أصهار وأبناء المراجع، يعرفون هذه الحقيقة، لكن معظمهم يكتمونها عن الناس، ويخترعون من عند أنفسهم أفكاراً منحرفة عن عقيدة الشيعة والإسلام، كما فعل السيد الكشميري ذلك فابتداع فكرة تضليلية هي وحدة الشخصية بين المرجع والابن. فهو يريد أن يضمن بقاء امتيازاته الواسعة مبسوطة بلا حسيب ولا رقيب، وإلا فان امبراطوريته المالية ستتعرض للضرر فيما لو تنبه الشيعي البسيط الى الحقيقة، واكتشف أن الأبناء والاصهار ليسوا كلهم سواء، وأن معظمهم يستغلون اسم المرجع ويتاجرون به تجارة رابحة لا مجال فيها للخسارة والمجازفة.
إن السيد مرتضى الكشميري، بهذه (الفتوى) التي ابتدعها، إنما يدّعي أمراً لا ينطبق على أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام، فلم يرد عنهم ما يشبه هذا الكلام او قريباً منه، إنما كان التخصيص بعصمة الإمام التالي فقط بحسب النص الذي ينتهي الى رسول الله (ص)، وما عدا ذلك فلا معصوم خارج النص، فقد خانهم العديد من أصحابهم، بل خانهم بعض أبنائهم وخرجوا عن المنهج الحق لأئمة أهل البيت عليهم السلام، ونشأت عن ذلك فرق منحرفة مثل الفطحية الذين قالوا بامامة عبد الله الأفطح ابن الامام الصادق عليه السلام، ولو لا موت عبد الأفطح وعدم وجود ولد ذكر له، لبقيت الفطحية الى يومنا هذا.
إن كلام السيد مرتضى الكشميري ومن يسير على مسلكه، إنما يؤسس لإنحراف خطير في الوسط الشيعي، وعادة تولد الفرق المنحرفة بمثل هذه البدايات، ثم تتحول الى كيانات قائمة.
إن السيد مرتضى الكشميري يدافع عن مصالحه وليس عن مصلحة الشيعة، ومثله يفعل غيره من المسيطرين على مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني، وهو ما يدعوهم الى ممارسة ضغوطاتهم لمنع استجواب السيد علاء الهندي، وقد فعلوا ذلك بقوة في الدورة السابقة، فهو مصدر مالي ضخم لهم، وفساده المالي والإداري أحد منابع التمويل المالي اللا محدود. والمؤسف ان السيد محمد رضا السيستاني بنفسه قاد عملية منع الاستجواب، وقد يكون لي مقال عن ذلك بتفاصيله.
مع هذا التدهور الذي يهدد موقع المرجعية للشيعة، يأتي دور علماء الشيعة ورجالهم ومفكريهم لإيضاح هذا الخلل الكبير في عقول الناس، حفاظاَ على التشيع وعلى المرجعية ومكانتها الكبرى في دنيا الشيعة.
إن المشكلة التي تواجه الشيعة، هو وجود المعتاشين الذين يتظاهرون بالحرص على المرجعية، بينما هم يسيئون لها بشكل واضح، فهدفهم ومصلحتهم هي مع الابن وليس المرجع.