بغداد / سكاي برس: ك
تداول تقرير تصاعد حدة التوتر بين السعودية وحزب الله اللبناني، وذلك عقب استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، والتي وصفت بـ "المثيرة للجدل" كونها جاءت من الرياض.
وذكر موقع "ساسة بوست" في تقرير تابعته سكاي برس، ان "المملكة بدأت حربها التي انتظرتها طويلا للهجوم على حزب الله"، وذلك بعدما أطلق الحوثيون صاروخا تجاه مطار الملك فهد في الرياض، حيث اتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حزب الله بأنه هو من أطلق الصاروخ الباليستي، معلنا أن "بلاده بدأت حربها للتو لأنها لن تسمح أًبدا لبيروت بأن تكون مصدر أذى للسعودية، ثم طالبت المملكة رعاياها بمغادرة لبنان فورا".
وأضاف التقرير ان الأمين العام لحزب الله ، حسن نصر الله، لم يخرج ليرد على الجبير، ولم يتطرق إلى الأسلحة التي يمتلكها الحزب ولا عن خبرته العسكرية التي أجبرت إسرائيل يوما ما على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2006، لكنه قال إن تهديدات السعودية بشأن "عاصفة حزم جديدة" ضد بلاده "غير منطقية"، ولا أساس لها من الصحة.
وأوضح التقرير ان هناك خمسة أسباب تجعل السعودية تمتنع عن الدخول في حرب مباشرة مع حزب الله أولها، الأزمة الاقتصادية وتكاليف الحرب، فقد أشار الموقع إلى ان ولي العهد السعودي قد يكون بعيدا هذه المرة للحصول على لقب "قائد عاصفة الحزم اللبنانية"، لأن الخزينة السعودية، التي وفرت مليارات الدولارات التي يحصل عليها لبنان عقب قطع المساعدات، ربما تنفق أضعاف المبلغ إذا دخلت في حرب ربما تطول دون جدوى.
وتابع ان المملكة تعاني من سياسات التقشف التي يقودها بن سلمان داخليا، كما انها لا تزال تواجه تضخما كبيرا في ميزانيتها العامة مع انخفاض سعر برميل النفط إلى أدنى مستوياته منذ عام 2014، وهو الذي يشكل نحو 50% من اقتصاد السعودية، والسؤال الأهم "كم تدفع السعودية إذا أعلنت الحرب على حزب الله؟".
والسبب الثاني بحسب تقرير الموقع هو توحد الأحزاب اللبنانية ضد السعودية، حيث أدت استقالة الحريري من الرياض، إلى اشتعال الشارع اللبناني حول أسباب الاستقالة، وقام الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في خطاب تلفزيوني، بعرض أسئلة وصفها بـ"المشروعة" حول الخطوة القادمة التي سيتخذها الحريري؟ وهل سيسمح له بالعودة إلى لبنان أم لا؟، كما دعا اللبنانيين للتكاتف لحل الأزمة مبينا ان السعودية اختطفت رئيس التيار السني، وأملت عليه قراءة بيان الاستقالة، وهي إهانة لا يجب تجاهلها، إضافة إلى المقال الذي كتبه الصحافي البريطاني، روبرت فيسك، مراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية للشرق الأوسط، والذي كشف فيه تفاصيل جديدة تؤكد فرضية اختطاف الحريري.
وتابع التقرير ان ساسة لبنان وحدوا مطالبهم في وجه السعودية بأن تحترم الشرعية اللبنانية، وأن تعيد رئيسهم إلى بلاده فورا، معتبرين أن الحريري لا يزال رئيس الوزراء الفعلي.
وعن السبب الثالث الذي يمنع المملكة من شن حرب على حزب الله، أفاد التقرير ان الحلفاء العرب لن يتورطوا في حرب جديدة، حيث شكلت السعودية للتدخل العسكري في اليمن لقتال الحوثيين، تحالفا عربيا ودعما دوليا من أجل استعادة شرعية الرئيس اليمني المحتجز لديها حاليا عبد ربه منصور، وقاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحت عنوان "عاصفة الحزم" العملية العسكرية، والتي توقفت لاحقا قبل أن تبدأ عملية "إعادة الأمل"، لكن حلفاء السعودية واجهوا مخالفات عدة في تلك الحرب.
وقامت مصر بمخالفة دستورها الذي ينص على حظر خروج قوات مصرية إلا بالحصول على إذن من البرلمان وأن تكون المدة محددة، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يبدو أنه ليس مستعدا لإرسال قوات أخرى في حال شنت السعودية حربا على حسن نصر الله، حيث عبر قبل أيام عن رفضه توجيه ضربات عسكرية لإيران أو حزب الله، قائلا " لا نريد زيادة الاضطرابات في المنطقة".
كما ان الإمارات اعلنت انسحابها بسبب الكوارث المتتالية لجنودها، وقطر خرجت نهائيًا بعد حصارها، والسودان والمغرب والبحرين والأردن كشفوا خسائرهم العسكرية والبشرية، وبعد قيام الأمم المتحدة بالموافقة على إرسال خبراء محققين متخصصين في جرائم الحرب إلى اليمن للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة التي ارتكبها جميع الأطراف خلال الحرب في اليمن، وفي حال أُدينت السعودية، فإن كل الدول المشاركة ستكون في مأزق، لذلك فالخطأ لا يمكن تكراره مرة أخرى في حرب لبنان.
وأفاد التقرير ان السبب الرابع يتمحور حول غضب الأسرة الحاكمة في السعودية من الملك وولي عهده، وخاصة بعد الاعتقالات الأخيرة والتي تعتبر أحد أكبر الأسباب التي تمنع السعودية من شن حرب على حزب الله، لأن التوقيت الحالي يعتبر سيئا عقب أزمة اعتقال أمراء ورجال أعمال بارزين ووزراء حاليين على خلفية اتهامهم في قضايا فساد، وهو مايمنع الملك من اتخاذ أي قرار خارجي بالحرب في ظل استمرار أزمة اعتقال الأمراء التي من المؤكد أنها تغضب جزءًا كبيرًا من العائلة المالكة.
كما ان قرارات الإطاحة ببعض الامراء تأتي خوفا من أي تهديد محتمل داخل الأسرة المالكة ربما تعارض من تنصيب الملك الجديد، لذا فالملك وولي عهده ورئيس ديوانه لن يلتفتوا إلى أي تصعيد جديد ضد إيران، إلا بعدما الانتهاء من انتقال السلطة، والحديث عن حرب على حزب الله تظل مؤجلة إلى ما بعد تلك الخُطوة.
والسبب الخامس والأخير الذي يمنع السعودية من استهداف حزب الله يتمثل بان الولايات المتحدة الأميركية ربما ليست جدية بشأن إيران، وهي حتى الآن تلتزم الصمت حول أزمة استقالة الحريري، عدا تصريح وزير الخارجية الأميركي بأن الحريري "شريك قوي"، وتحذّيره من قيام حرب بالوكالة في لبنان.
ويبدو بحسب مراقبين، أن واشنطن حتى الآن ليست جدية في خوض حرب شخصية ضد إيران، وهي بالتالي لن تدخل حربا من أجل السعودية؛ واقناع الأميركيين بخوض حرب في الشرق الأوسط هو أمر مستحيل حاليا، كما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لم يتخذ الخطوات التي تسبق الحرب عادة.
الجدير بالذكر ان السعودية ترفض الإعلان عن حجم خسائرها البشرية أوالعسكرية في حربها مع اليمن، لكن تقريرا نشرته" رويترز" في وقت سابق، قارن بين حملة بريطانيا على ليبيا التي استمرت ستة أشهر باستخدام (30) طائرة فقط، وكلفتها 315 مليون دولار، في مقابل السعودية التي تستخدم 100 طائرة، بالإضافة للذخائر، وبمعادلة حسابية استنتجت الوكالة الفرنسية أن المملكة قد تنفق حوالي 175 مليون دولار في شهر من الغارات الجوية فقط، دون الحديث عن كلفة القوات البرية المشاركة في القتال.