سكاي برس
لم ينتظر رئيس اقليم كردستان نجيرفان بارزاني نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التركية لِيُعرب لأردوغان في اتصال هاتفي عن "ثقته وتفاؤله" بفوزه في الـ18 من أيار/مايو، وفق بيان رسمي.
وينظر البعض بإيجابية لفوز محتمل لرجب طيب أردوغان، إلا أنّ آخرين من الأكراد في العراق وسوريا المجاورة يخشون عودته، خوفًا من تصعيد عسكري.
وبينما يجد إقليم كردستان العراق نفسه في مرمى نيران النزاع بين أنقرة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني منذ وقت طويل، في سوريا، تشنّ تركيا هجمات ضدّ الإدارة الذاتية الكردية التي تتهمها بالتعاون مع حزب العمال.
على الرغم من تداعيات هذا النزاع على الإقليم، لا تملك أربيل خيارًا سوى تقبّل هذا الوجود العسكري التركي، بحكم العلاقات المتشابكة سياسيًّا واقتصاديًّا وجغرافيًّا.
وفي العام 2022، بلغت قيمة المبادلات التجارية بين أربيل وأنقرة 12 مليار دولار، ما يساوي أكثر من نصف المبادلات مع العراق عامة.
يرتاح التاجر في دكان صغير للحلويات في سوق أربيل القديم أحمد كروانجي لفكرة أن يعود أردوغان إلى السلطة في تركيا. ويقول الشاب البالغ من العمر 29 عامًا "منذ أن أصبح أردوغان رئيس جمهورية، نحن مرتاحون، وأصبح هناك الكثير من التجارة بيننا وتحسن الاقتصاد".
ويضيف "في زمن أردوغان كانت العلاقة مستقرة مع الأكراد في إقليم كردستان العراق".
بوابة إلى العالم
في تركيا، يعوّل حزب الشعوب الديمقراطي أبرز الأحزاب الموالية للأكراد في البلاد، على فوز مرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو.
لكن في ختام الجولة الأولى، خرج أردوغان متقدمًا بفارق ليس ببسيط مع نسبة 49,5 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات مقابل 44,9 في المئة لمنافسه، على الرغم من أنه أخفق في تخطي نسبة الخمسين في المئة.
ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا قبل نحو 20 عامًا، جمعت علاقات شخصية بين قادة الإقليم وأردوغان.
ويجري رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني وابن عمه رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، زيارات متكررة إلى أنقرة ويلتقيان بالرئيس التركي.
يشرح المحلل السياسي الكردي العراقي محمد عز الدين بأن "العلاقة بين إقليم كردستان وتركيا نمَت وبنيت على أساس اقتصادي".
وعلى الضفة الأخرى، "حاولت حكومة إقليم كردستان نسج علاقات جيدة مع تركيا، لأن تركيا شكّلت بوابة كردستان إلى العالم".
كما سهّلت تركيا لسنوات تصدير نفط الإقليم دون العودة إلى الحكومة في بغداد عبر الأنبوب الرابط مع ميناء جيهان، إلى حين أن أصدرت هيئة تحكيم دولية قرارًا يمنع ذلك ويعطي لبغداد الحقّ في تولي تصدير نفط الإقليم. لا يزال استئناف التصدير معلقًا منذ أكثر من شهر بانتظار تسوية قضايا تقنية ومالية.
من هنا، يرى الباحث عز الدين أن فوز أردوغان "يعني استمرارية للعلاقة بين أربيل وأنقرة" إذ " ثمَّة استفادة متبادلة اقتصاديًّا".
تثبيت حكم أردوغان لمدة خمس سنوات إضافية من شأنه رفع مستوى الهجمات والعنف ضد الإقليم بحجة محاربة عناصر حزب العمال الكردستاني.
نقطة الصفر
في المقابل، يرى البعض أن فوز أردوغان يعني مزيدًا من عدم الاستقرار الجيوسياسي.
فقد شددت السلطة في تركيا القبضة ضدّ حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على أنه "إرهابي".
ويعود النزاع بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني إلى 1984، لكنه تخطى الحدود التركية لتصل أبعاده إلى العراق. وتشنّ أنقرة عمليات عسكرية متكررة ضدّ حزب العمال الذي يتخذّ من جبال إقليم كردستان العراق ومناطق في شمال العراق قواعد خلفية له.
وبعد أيام فقط من الجولة الانتخابية الأولى في تركيا، أدّى قصف نسب لتركيا في سنجار في شمال العراق إلى مقتل ثلاثة مقاتلين أيزيديين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني.
في سوريا المجاورة، لا تختلف الرواية كثيرًا، فقد شكلت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد، التي أسسها الأكراد إثر اندلاع النزاع، هدفًا لهجمات عسكرية استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب، التي كانت رأس حربة في التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية، امتدادًا لحزب العمال الكردستاني. وأرغمت عمليات عسكرية شنّتها أنقرة مع فصائل سورية موالية لها في السنوات الأخيرة القوات الكردية على التراجع من شريط حدودي طويل.
في مدينة القامشلي إحدى أبرز مدن الإدارة الذاتية الكردية، يرى سردار عباس وهو مدرّس يبلغ من العمر 30 عامًا أن عودة أردوغان إلى السلطة تعني "أن نعود إلى نقطة الصفر في الحرب السورية".
ويضيف "لدينا مخاوف من بقاء أردوغان في السلطة، سوف تتجه مناطقنا نحو الكارثة والهجرة وهجمات أخرى".