بغداد/ سكاي برس
تسعى بغداد إلى طي صفحة العقوبات الأميركية التي تعرضت لها بعض بنوك عراقية منعتها من إجراء معاملات بالدولار منذ قرابة ثمانية أشهر.
محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، أعلن في تصريحات، التوصل إلى اتفاق مع وزارة الخزانة الأميركية بشأن إعادة النظر في العقوبات المفروضة على بنوك عراقية".
وفي يوليو الماضي، منعت الولايات المتحدة 14 مصرفا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار في إطار حملة شاملة على تحويل العملة الأميركية إلى إيران ودول أخرى خاضعة للعقوبات في الشرق الأوسط، بحسب تقرير سابق لصحيفة وول ستريت جورنال.
ويشهد الدينار العراقي تذبذبا في أسعار الصرف مقابل الدولار، وهو ما عزاه البنك المركزي "إلى وجود تجارة غير شرعية يقوم بها صغار التجار وبعض المضاربين التي تمول عبر سحب الدولار الكاش من السوق"، على ما أفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس اللجنة المالية النيابية، عطوان العطواني.
وبدأ العراق تطبيق معايير نظام التحويلات الدولي "سويفت"، منذ منتصف نوفمبر من عام 2022، للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة التي تقدر بعشرات مليارات الدولارات،
الخبير الاقتصادي العراقي، محمود داغر، يرجح أن الحديث "عن تفاهمات بين المركزي العراقي والخزانة الأميركية ليست لإعادة النظر في العقوبات، إنما قد يكون المقصود فيها مباحثات لمناقشة أوضاع الجهاز المصرفي في العراق، وإمكانية تطويره".
وأضاف الخبير داغر وهو مسؤول سابق في البنك المركزي العراقي في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن "المركزي العراقي لا بد أنه أعرب عن جدية في رغبته بإعادة النظر في العقوبات على المصارف"، لافتا إلى أنه يجب اعتبارها "أولوية" لضمان استقرار الجهاز المصرفي العراقي
ويرى أنه توجد مشكلة في مسألة فرض العقوبات، ويقول إنها "غير واضحة في فرضها على المصارف العراقية، إذ أن الخزانة الأميركية تقول إنها ليست عقوبات وإنما تقييد لوصول هذه المؤسسات المالية للدولار، ولكن هذا ما هو إلا عقوبة شديدة تقيّد من مرونة الجهاز المصرفي العراقي ككل".
المحلل الاقتصادي العراقي، علاء الفهد، يرى أن إزالة العقوبات "ستنعكس بالضرورة على رشاقة وكفاءة الجهاز المصرفي العراقي، وإعادة الثقة به وتساهم بالاستقرار المالي، وهو ما سيساعد الاقتصاد العراقي".
ويؤكد في حديث صحفي أن عودة عمل هذه البنوك بطاقتها القصوى يعني "تحريك المزيد من الأموال داخل الاقتصاد العراقي، حيث يوجد لدى هذه البنوك شريحة متعاملين يمتلكون ودائع، ولكن القطاع المصرفي يحتاج أيضا لجذب ودائع العراقيين التي تتكدس في المنازل، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 80 في المئة من السيولة النقدية موجودة في البيوت".
وفرضت العقوبات على مصارف ومنعت من التداول بالدولار في العراق، بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية، بحسب وول ستريت جورنال.
وتمكنت مصارف وشركات صرافة من تحقيق أرباح ضخمة من تعاملاتها الدولار، باستخدام عمليات استيراد احتيالية ومخططات أخرى، وفقا لما نقلته الصحيفة الأميركية عن مسؤولين أميركيين وعراقيين حاليين وسابقين.
ويمكن لهذه المصارف والشركات إعادة بيع الدولار، الذي تشتريه من البنك المركزي العراقي بالسعر الرسمي، بسعر السوق الذي يكون عادة مرتفعا بشكل ملحوظ.
وينبغي على المصارف العراقية حاليا تسجيل تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات، ويقوم الاحتياطي الأميركي الفيدرالي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل.
ورفض الاحتياطي الفيدرالي العديد من طلبات التحويلات من البنوك العراقية، بسبب شكوكه في المستلمين النهائيين للمبالغ التي سيتم تحويلها، بحسب مصدر حكومي عراقي تحدث في تقرير سابق لفرانس برس.
أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبدالرحمن نجم المشهداني، كان قد شرح في حديث سابق لموقع "الحرة"، في يناير عام 2023، أساليب "تهريب العملة الأجنبية من العراق"، موضحا أن السيناريو الأكثر شيوعا يرتبط في "استيراد بضائع من إيران ودول مجاورة، بفواتير إما لصفقات سلع وهمية، أو بفواتير مزورة يتم تضخيم الأسعار فيها بمستويات كبيرة".
وأضاف أن بعض التجار والمستوردين يخفون أسماءهم من تعاملاتهم التجارية حتى لا تظهر ضمن قوائم "البنك المركزي، أو الضريبة والجمارك"، وبعضهم لا يمتلك شهادة مستورد تتيح له بالأصل إجراءات تبادلات تجارية.