بغداد/ سكاي برس
بينما يستورد الغاز من إيران لتوليد الطاقة، يحرق العراق أكثر من نصف الغاز الطبيعي الذي تنتجه حقوله. وينتج عن ذلك مواد كيميائية قادرة على التسبب بأمراض كثيرة، منها الربو وارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطان، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتتجاوز الكميات التي يحرقها العراق من الغاز جميع دول العالم، باستثناء روسيا، بحسب الصحيفة.
ويمتد تأثير المواد الملوثة الناجمة عن حرق الغاز إلى الهواء والأرض والمياه، ما يساهم كذلك بتسريع التغير المناخي، ويؤثر على الحياة النباتية والحيوانية.
وتشير الصحيفة إلى سكان قرية نهران عمر، جنوب العراق، والذين يقصد عدد منهم مزارا شيعيا يضعون فيه مغلفات تحوي صور أشعة وتقارير طبية وشهادات وفاة لذويهم.
"أتوا ليصفوا البؤس الذي يقولون إن سببه احتراق الغاز والمواد الكيميائية المتسربة من آبار النفط في قريتهم. كان لكلٍ منهم ابن مريض أو زوجة تحتضر، أو شقيق أو شقيقة مريضة"،.
وتنقل الصحيفة على لسان زعيم عشائري محلي، يدعى خالد قاسم فالح، قوله "تخيل أن البلدة التي تأتي منها كل عائلة فيها لديها شخص مصاب بالسرطان هذا هو الحال في نهران عمر".
أهالي القرية، تحدثوا في لقاء عن معاناتهم جراء المواد المنبعثة من عملية إحراق الغاز.
وقال أحد المواطنين الذي عرف عن نفسه باسم "أبو عمر" في حديث للقناة "ابني توفي، وذهبنا لمحافظة البصرة"، التي طلبت منه وثائق تثبت تضرر نسبة من سكان المنطقة.
وأكد آخر للقناة أن "الرذاذ (الناجم عن الاحتراق) يتساقط على هذه المنطقة. ونحو 40 شخصا في هذه المنطقة جميعهم أصيبوا بالسرطان".
وقللت العديد من البلدان من عملية حرق الغاز بشكل جزئي، كونها تهدر موردا ثمينا من مواردها الطبيعية.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن كمية الغاز التي يشعلها العراق كافية لإمداد ما لا يقل عن ثلاثة ملايين منزل بالطاقة.
ويقوم العراق بإحراق الغاز بكم هائل رغم النقص المزمن الذي يعانيه في الطاقة، والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي التي يعيشها الكثير من المواطنين في العراق.
ولطالما استورد العراق الغاز من إيران بشكل كبير لإمداد محطات الطاقة المعتمدة على الغاز في إنتاج الكهرباء صيفا.
ونشر موقع "الحرة" في تقرير سابق بيانات للبنك الدولي تفيد بأن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز يؤدي إلى حرق وإضاعة 18 مليار متر مكعب من "الغاز المرتبط بالبترول" سنويا.
وكان وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب قد قال إن بلاده ستحتاج بين ثلاث إلى أربع سنوات، لتتوقف عن استيراد الطاقة من جارتها.
وأوضح الخطيب في تصريحات لـ"ستاندر آند بورز غلوبال بلاتس" إن مشاريع النفط والغاز في العراق ستستغرق عدة سنوات قبل أن تبلغ طاقتها الإنتاجية وتوقف الاعتماد على الغاز الإيراني.
وأوضح أن "هذه السنوات الثلاث إلى الأربع يجب أن تكون جدولا زمنيا بلا انقطاع مع حكومة تتمتع بسلطة تنفيذية كاملة ومن دون أي تدخل من الكيانات السياسية وفي بيئة ترحب بالاستثمارات والمشاركة متعددة الجنسيات".
ومنحت الولايات المتحدة مرارا إعفاءات لبغداد لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران، رغم عقوباتها التي تفرضها على طهران.
وكان من المتوقع أن يستثمر العراق 10 مليارات دولار في مشاريع نفط وغاز من أجل إنهاء اعتماده على إيران في غضون أربع سنوات. ومع ذلك، لم يحرز أي تقدم في المشاريع.
وفي غضون ذلك، تظهر الإحصاءات الرسمية الإيرانية زيادة كبيرة في صادرات البلاد من الكهرباء والغاز، في حين أدلى مسؤولون عراقيون بتصريحات متناقضة حول واردات الطاقة من الدولة المجاورة.
وكان العراق دائما زبونا لأكثر من 80 في المئة من صادرات إيران من الكهرباء.
وتظهر أرقام وزارة الطاقة الإيرانية أن صادرات الكهرباء في البلاد زادت بأكثر من 28 في المئة في عام 2019، لتصل إلى أكثر من ثمانية تيرا-واط في الساعة. ومع ذلك، يشكك الخبراء دائما في الإحصاءات الرسمية الإيرانية التي لا تتوافق إلى حد كبير مع البيانات الدولية.