بقلم /علي كاظم البشارة
اصبحت مسألة احياء الشعائر الحسينية ومراسم ذكرى عاشوراء مصدرا يعتاش عليها ويتاجر بها العديد ممن يحسبون على الشيوخ والقراء ويتباهى هؤلاء بالاسعار والمبالغ التي يتقاضونها مقابل احياءهم لمجالس العزاء متناسين المبدأ الاساسي الذي استشهد من اجله سيد الشهداء الحسين عليه السلام . وصار للعديد منهم تسعيرته الخاصة, ومكتبه,والممثل عنه ,واجهزته التي ينقلها اينما حل ليفرض على صاحب المجلس دفع بدل ايجار عن هذه الاجهزة . وتصاعدت الاجور معتمدة على مدى قدرة القاريء او الشيخ على ابكاء الحاضرين والمستمعين فهي المقياس الرئيسي في تحديد السعر هنا وغدت عبارة (خوش شيخ والله يبجي) مألوفة على مسامع الناس فهي وحدة مقياس النجاح او الفشل لدى مقيمين المجالس . ولم يعد للتثقيف الديني والعقائدي وشرح اسباب النهضة الحسينية العضيمة اي دور في هذا المضمار .
وساعد على ارتفاع هذه الاجور ثمة مظاهر لا علاقة لها بالمناسبة. مظاهر اجتماعية، كأن يتنافس هذا مع ذاك مَن يدفع منهما أكثر «ثمناً» لما يوزّعه في المجلس، أو «بدل أتعاب» لقارئ السيرة الحسينيّة... وما إلى ذلك، والنتيجة لعبة تباهٍ تجعل الفقراء أو الذين لا ينساقون إلى هذه المظاهر يسمعون ويرون ويبكون لأسباب أخرى غير المناسبة في «موسم» عاشوراء،
يتناقل الناس أرقاماً قد يكون مبالغاً فيها أحياناً، كألف دولار، أجراً عن المجلس ليوم واحد، أو 15 ألفاً للأيام العشرة العاشورائية، أو حتى 30 ألفاً. عبارة «لكل شيء سعره»، ترددت على مسامع من يبحث عن شيخ أو قارئ لإقامة مجلس حسيني في بيته او موكبه . إذ إن عوامل مختلفة تحدد أجر القرّاء، منها جمال الصوت، والإجادة في التلاوة ، وطول الباع في هذا المجال. أما في ايام محرم فالرقم يتضاعف. حيث ان من الملاحظ أن السعر يختلف بين عاشوراء وباقي أيام السنة حيث ترتفع الأسعار في مثل هذه الأيام بسبب ارتفاع وتيرة الطلب والضغط على القرّاء.
من جة اخرى يقوم بعض القرّاء بالمبالغة في رواية واقعة كربلاء. كأن يزيد من أعداد الاعداء الذين قتلهم الامام الحسين عليه السلام وال بيته وأصحابه، أو يبتكر معجزات وأحاديث لكي يؤثر في المستمعين ويستدرّ بكاءهم ، متناسياً أن موقعة كربلاء هي واقعة تاريخية موثقة، لا تؤدي المبالغة إلا إلى التشكيك بصدقية القارئ. ويتذكر للمناسبة شيخ القارئين الوائلي الذي «قارن بين الوقت الذي يستلزمه ذبح 12 ألف دجاجة (نحو أربعة أيام) في مقابل ما أشاعه بعض المبالغين عن قتل الحسين 12 ألفاً من الأعداء في معركة لم تدم أكثر من ساعتين».