متابعة/ سكاي برس
تحوّلت حوارات تشكيل الكتلة الكبرى لتأليف الحكومة العراقية المقبلة، إلى التنافس الشديد بين معسكرين اثنين، فقد استطاع زعيم "دولة القانون" نوري المالكي، استغلال خلافات زعيم تحالف "سائرون" مقتدى الصدر، معه ومع جزء من تحالف الفتح وجهات أخرى، لكسب خصوم الصدر إلى جانبه، وجمع كتلاً مقاربة لعدد مقاعد تحالف الصدر، في سياق استقطاب تحالف رئيس الحكومة حيدر العبادي (النصر)، الذي أصبح اللاعب الأقوى في هذه المنافسة، والذي منح فرصة كبيرة لفرض شروطه عليهما، والتمسك بمنصب رئيس الحكومة المقبلة.
وفي تقرير لصحيفة العربي الجديد قالت ان، نائب عن التحالف الوطني، ذكر إن "خلافات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، ومع كتلة عصائب الحق، ذات الـ 15 مقعداً ضمن تحالف الفتح، أسهمت بشكل كبير بتشكيل معسكر منافس للصدر"، مبيناً أنّ "المالكي استطاع استغلال ذلك بتشكيل هذا المعسكر، وتقرّب إلى الفتح، مع تحالفات أخرى صغيرة ليجمع 94 نائباً". وأوضح أنّ "تحالف دولة القانون (المالكي) له 25 نائباً، والفتح (الحشد الشعبي) 47، وهم على تفاهم جيد مع تحالف بغداد الذي يملك 14 مقعدا، وإرادة 3 مقاعد، وكفاءات مقعدين، والجماهير مقعدين"، مبيناً أنّ "هذا العدد من المقاعد أوجد معسكرين متنافسين، لا توجد بينهما أي خطوط للتقارب، هما معسكر المالكي ومعسكر الصدر".
وأضاف أن "المعسكرين اليوم يواصلان جهودهما لاستقطاب تحالف العبادي (النصر)، لأجل تحقيق نصاب الكتلة الكبرى"، معتبراً أنّ "هذا الصراع منح العبادي فرصة أكبر لتعزيز موقفه، وفرض شروطه على كلا الطرفين لتحقيق مكاسب أكبر". وأضاف أن "دولة القانون بدأ بإجراء اتصالات مع تحالف العبادي (النصر)، متجاوزاً كل الشروط والتقاطعات بينهما، إذ إنّ المالكي اليوم سلّم بأنّ منصب رئيس الحكومة المقبلة ليس له، كذلك زعيم تحالف الفتح هادي العامري، وهم اليوم يحاورون العبادي الذي يتمسك بقوة بولاية ثانية، فضلاً عن شروط أخرى". وأشار الى أنّ "الخيارين المطروحين أمام تحالف المالكي لا ثالث لهما، إما خسارة تشكيل الكتلة الكبرى، أو القبول بشروط العبادي، لذا فالحل الثاني هو الأسهل بالنسبة له".
وكان تحالف سائرون (تحالف الصدر والشيوعيين والتيار المدني) والحكمة (عمار الحكيم)، والوطنية (إياد علاوي)، قد وقّعوا الجمعة على ميثاق مبادئ عامة تمهيداً لتحالف رسمي بينهم، وقد جمعوا 94 مقعداً، فالأول له 54، والثاني 19، والثالث 21، بينما لم يحضر العبادي اجتماع الكتل.
من جهته، قال النائب عن تحالف الوطنية، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى الآن لا يوجد اتفاق نهائي بين الوطنية وسائرون والحكمة بشأن الكتلة الكبرى، إذ إنّ موضوع الكتلة الكبرى يحتاج إلى اتفاق بشأن منصب رئيس الحكومة المقبلة، فما زال الموضوع قيد الحوار والبحث"، مشيراً إلى أنه "لا توجد لدينا أي خطوط حمراء على تحالف العبادي أو أي تحالف آخر، وقد كان هناك حوار مهم بين العبادي والوطنية
ولفت إلى أنّ "موضوع تشكيل الكتلة الكبرى يحتاج إلى مزيد من الحوارات، فلا توجد كتلة يمكن لها أن تحصد الأغلبية، فالكتل متقاربة مع التفاوت، ما زاد من الأمر صعوبة"، مؤكداً أنّ "الوطنية مستمرة بحواراتها الجدية، ونأمل بتذليل العقبات". ويؤكد تحالف "سائرون" أنّ "إعلان تشكيل الكتلة الكبرى سيكون بعد المصادقة على نتائج الانتخابات". وقال القيادي عن التحالف، حسن الجنابي لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا توجد خلافات وتقاطعات كبيرة بين سائرون والعبادي، وأنّ التقارب بينها وبين تحالفي الوطنية والحكمة، هو جزء من حوارات مستمرة لتشكيل الكتلة الكبرى"، مبيناً أنّ "عدم حضور العبادي إلى اجتماع الكتل الثلاثة لا يعني مقاطعة بينها".
وأضاف أنّ "حواراتنا مع العبادي متواصلة، وهناك تفاهمات كبيرة بيننا، وأنّ سائرون غير متمسك بمنصب رئيس الحكومة، بقدر اهتمامه بتشكيل حكومة تكنوقراط"، مؤكداً أنّ "تشكيل الكتلة الكبرى لن يكون من دون سائرون، وسيعلن بعد المصادقة على نتائج الانتخابات". وأشار إلى أنّ "الطعن بنتائج الانتخابات لن يؤثر على حوارات سائرون، فالتحالف لن يخسر، إذا لم يكسب مقاعد جديدة، فهو التحالف الأقرب للشعب".
وأكد مراقبون، أنّ "العبادي هو الرابح الأكبر، من خلال احتدام التنافس والتقارب بين معسكري المالكي والصدر". وقال الخبير السياسي زياد الطائي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا يمكن لأي من المعسكرين تشكيل الكتلة الكبرى من دون ضم تحالف العبادي، الأمر الذي أكسبه فرصة كبيرة لإملاء شروطه". وأوضح أنّ "العبادي يسعى إلى تحقيق مكاسبه، سواء أكانت مع المالكي أم مع الصدر، لكنه أقرب إلى الصدر بكل الأحوال، وهذا الأمر يفرض على المالكي أن يقدم تنازلات إضافية للعبادي لأجل كسبه"، مؤكداً "لا أستبعد تحالف الأخيرين، في حال حصل العبادي على ما يريده من شروط". يشار الى أنّ الكتلة الكبرى برلمانياً، لا يمكن تشكيلها إلا من خلال تحالف مجموعة من الكتل، لتحصل بمجموعها على عدد مقاعد لا يقل عن 165 مقعداً، ليحق لها عند ذاك ترشيح رئيس للحكومة المقبلة.