سكاي برس/ بغداد
يحذر مختصون في الشأن المالي والاقتصادي، من أن استمرار الحرب في لبنان واتساعها في المنطقة، ما قد يجعل من الصعب استمرار تصدير النفط والغاز من العراق والخليج عبر (مضيق هرمز) و(باب المندب)، وما قد يؤدي أيضاً إلى انهيار أغلب سلاسل الإمداد العالمية من وإلى الشرق الأوسط، وحدوث أزمة عالمية في الأسواق النفطية.
اقتصاد ريعي
وبما أن العراق اقتصاده ريعي يعتمد على النفط ومدخولاته الدولارية، فإن أي خلل في السياق العام للعمل الاقتصادي سوف يؤثر على ارتفاع الدولار، ما قد يدفع لارتفاع السلع والمواد خلال الفترة المقبلة، وفق المختصين.
وتشهد أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي ارتفاعاً فوق 150 ألفاً منذ أيام متتالية في أسواق بغداد وفي أربيل عاصمة إقليم كوردستان، حيث سجلت مع افتتاح بورصتي الكفاح والحارثية صباح اليوم الأحد، 151650 ديناراً مقابل كل 100 دولار، فيما سجلت يوم أمس السبت 151500 دينار مقابل 100 دولار.
أما في أربيل فقد سجل الدولار ارتفاعاً أيضاً في محال الصيرفة، فقد بلغ سعر البيع 151700 دينار مقابل الدولار وسعر الشراء 151600 دينار مقابل 100 دولار.
وفي هذا السياق، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إن "ارتفاع سعر صرف الدولار لا يتعلق بالحرب على لبنان بشكل مباشر، لعدم وجود تداول مباشر بين السوق العراقية واللبنانية من الناحية السوقية، إنما هناك جزئيات متعلقة بارتفاع الدولار ترتبط بالأحداث الجارية في لبنان والمتمثلة بتزايد الطلب على الدولار في السوق".
من يطلب الدولار؟
ويوضح عيد، أن "الطلب على الدولار تزايد من قبل شخصيات وتيارات مرتبطة بالأحداث الجارية في لبنان بهدف التهيئة للخروج مع عائلاتهم من العراق في حال انتقل استهداف الكيان الصهيوني لمواقع وشخصيات وميليشيات داخل العراق".
بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك - بحسب عيد – طلباً متزايداً في السوق الموازية "بسبب زيادة الاستيرادات بشكل غير قانوني عن طريق التحويل المباشر أو تهريب العملة، لأن الاستيراد من الدول المحظورة المتمثلة بإيران وسوريا يتم وفق هذه الطرق بعيداً عن مراقبة البنك الفيدرالي والخزانة الأمريكية".
ويشير عيد في نهاية حديثه إلى أن "السوق العراقية هي سوق هشة، تتأثر بأي أحداث أمنية وسياسية في المحيط الإقليمي، وارتفاع الدولار قد يدفع لارتفاع السلع والمواد خلال الفترة المقبلة ما لم يتم مراقبة السوق ومعاقبة المتجاوزين والمستغلين للأوضاع الجارية".
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي، أن "في كل حالة اضطراب سياسي واجتماعي في أي بلد لابد أن تنعكس بشكل أو بآخر على اقتصاده، وبما أن العراق اقتصاده ريعي يعتمد على النفط ومدخولاته الدولارية، فإن أي خلل في السياق العام للعمل الاقتصادي سوف يؤثر على الدولار بالارتفاع أو الانخفاض".
ويبين الشيخلي في حديث له ، أنه "قبل أسبوعين من الآن، كان هناك ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار بسبب شح الدولار الموجود بالعرض من قبل البنك المركزي العراقي، لأن الأخير كان يبيع بكميات نقدية محدودة غير التحويلات الخارجية، لذلك كان هناك ارتفاعاً طفيفاً، وهذا قبل تفاقم أحداث لبنان".
التاجر والاستغلال
ويتابع، "أما الآن وبعد التصعيد في لبنان، فالكثير من التجار يحاول استغلال الظرف والاضطراب الأمني والعسكري والسياسي والوضع على الساحة الإقليمية بما فيها العراق، والإشاعات المغرضة بتوقع ضربة قادمة على بعض المناطق الحيوية في العراق، ما قد يعيق حركة البضائع المستوردة وصولاً إلى المواطن".
"لذلك بدأ بعض التجار بزيادة أسعار بضائعهم التي تستورد من الخارج إلى الضعف، خاصة المواد التي يحتاجها الزبون يومياً، فهي تعتبر فرصة لبعض التجار بتقليل العرض لزيادة السعر، وهذا الاستغلال مرفوض"، يقول الشيخلي.
بدوره، يوضح الباحث والمختص في الجانب المالي والمصرفي، مصطفى حنتوش، حرب لبنان على الوضع الاقتصادي العراقي، بالقول إن "العراق لا يمتلك سلاسل إمداد أساسية من وإلى لبنان، وبالتالي من الناحية الاقتصادية لن يتأثر الاقتصاد العراقي أو ميزانه التجاري، ومع استمرار سلاسل الإمداد العالمية فإن هذا كفيل بعدم رفع أسعار السلع في الأسواق العراقية (باعتماد مبدأ المنافسة)".
ويضيف حنتوش، "كما أن العراق يمتلك احتياطيات كبيرة من الدولار وإيراد (نفطي دولاري) مستمر، يجعل تغطية حاجة السوق المحلية من الدولار متاحة، ولا داعي أن يتخوف المواطنون من أسعار الصرف ويعملون على إدخارها".
أزمة عالمية
واستدرك قائلاً، "لكن استمرار الحرب في المنطقة دون حلول قد يسبب بـ(اتساعها)، وبالتالي فإن معادلة تصدير النفط والغاز من العراق والخليج عبر (مضيق هرمز) و(باب المندب) إذا حدث لها شلل، فإن هذا قد يُحدث (أزمة عالمية في أسواق النفط)، تجعل التصدير صعب مع طفرة كبيرة في الأسعار".
"وفي حينها سوف تنهار أغلب سلاسل الإمداد العالمية من وإلى الشرق الأوسط، وهذا ما يجب تجنبه بكل الوسائل"، وفق حنتوش. وخلال الأيام الأخيرة، زادت حدة المخاوف من تحول الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة، مع شن إسرائيل هجمات عنيفة على مناطق متفرقة من لبنان.
في غضون ذلك، أعلن وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، اليوم الأحد، أنه جرى تسجيل 1640 قتيلاً، منهم 104 أطفال و194 امرأة، و8408 جرحى، منذ بدء المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قبل نحو عام.