Skip to main content

حاجة الوسط الشيعي الى إعادة تشكيل.....

المشهد السياسي الخميس 28 شباط 2019 الساعة 11:00 صباحاً (عدد المشاهدات 2344)

بغداد/ سكاي برس
لكاتبه _ سليم الحسني

تراجعت القوة السياسية للشيعة كثيراً في السنة الماضية، وكان مظهرها البارز في تعدد القوائم الانتخابية، ومن ثم في رخاوة التحالفات التي شكلها قادتهم، فلم تكن تحالفات بالمعنى الحقيقي، إنما أشبه بلقاءات عابرة استجابة لحاجة المشهد الإعلامي.

تراجعت الكيانية بشكل واضح، وطغى الجانب الشخصي على التوافقات والاختلافات، وسيكون المزاج الشخصي هو المتحكم الوحيد فيما لو واصلت الأمور مسارها على هذا النحو. وهذا ما انتظرته الدوائر الدولية طويلاً، وعملت عليه، حتى وصل الحال الى نقطة سعادتها الكبرى عندما وجدت الشيعة يتمزقون ثم تنشطر رقعهم الممزقة.

سيكون التفكير أمنيات ساذجة، لو تركز على محاولة إقناع القيادات الشيعية بالانسجام، وبالتلاقي على الحد الأدنى من المشتركات. لقد تجاوز الزمن هذا النمط من التفكير، ودخل القادة في أصغر دوائر الذات بحثاً عن المكسب الشخصي الصرف، قبل أن تحدث المفاجأة وتضرب العراق عاصفة اضطراب شاملة، في ظل التدهور المتصاعد الذي أنهى هيبة الدولة والحكومة والقانون والدستور.

هذه الصورة القاتمة، من الممكن أن تنقلب الى أخرى مشرقة، فيما لو تدخلت المرجعية العليا بقوتها المعهودة لتفرض الرأي على الجميع. نعم لتفرض الرأي لا أن تعرضه للنقاش أو تنصح باعتماده، فالوقت يمضي سريعاً، والمخاطر تتعاظم على وتيرته المتعجّلة.

أميركا تعود بقوتها العسكرية، ورؤوس الدواعش تطلّ من وراء حشودها القادمة من سوريا. ومعها تتكاثر الاحتمالات بعودة جديدة لداعش، أو ظهور آخر بتسمية جديدة، أو أزمة إقليمية متفجرة يكون العراق ساحتها، أو حرب ضد إيران تكون البلاد منطلقها، أو غير ذلك من الاحتمالات، وكل واحد منها يمتلك مرجحاته في التحول الى أمر واقع.

هنا، يفقد قادة الكتل الشيعية قدراتهم، ولم يعد بالإمكان التعويل على نصحهم أو إعادة الرشد الى عقولهم، إنما المطلوب حضور المرجعية العليا، حيث يجلس بين يديها قادة الشيعة ليتلقوا الأمر وينفذوّه. فالقضية تتعلق بوطن وأغلبية سكانية ولا يمكن المجازفة بقرارات انفعالية متقلبة ومتحركة ومزاجية يصنعها قادة الكتل.

الخطوة ممكنة، وتنفيذها معقول، فهي تتطلب مناشدة جادة من رجال الشيعة ومثقفيهم وكوادرهم وعلمائهم وجماهيرهم، الى المرجع الأعلى السيد السيستاني، ليقول كلمته صريحة مباشرة بلا وسيط.

البداية تكون من الشيعة أنفسهم، من شرائحهم المختلفة، يناشدون مرجعهم الأعلى، ليجد فيهم الصدق على الالتزام، وعند ذاك سيجد القادة السياسيون أنفسهم تحت ضغط الجماهير، ومن ورائهم المرجعية في قوتها الخارقة وهي تأمر وتصدر القرار، وعلى القيادات التنفيذ.

ليس الأمر صعباً ولا خيالياً، لقد فعل الشيعة ذلك من قبل، لجأوا الى مراجعهم عند الأزمات، وجاء كلمة المرجعية سريعة حاسمة، حدث ذلك في ثورة العشرين، وحدث عند تشكيل الدولة العراقية، وحدث في معارضة الاتفاقيات مع الانكليز، وحدث في ثلاثينات القرن الماضي، وحدث في فترات لاحقة. فما الذي يمنع من حدوثه حالياً، والظرف يستدعي ذلك، ويضع العراق أمام متجهين: واحد يشير الى الخراب، والآخر يعاكسه وهو الإنقاذ وإعادة التشكيل من جديد؟

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة