Skip to main content

بــ "وفاته" باب التكهنات يُفتح من جديد حول شخصية المرشد القادم .. تخمينات عن من سيكون خليفة "خامنئي" ؟!

عربية ودولية الأربعاء 22 أيار 2024 الساعة 13:12 مساءً (عدد المشاهدات 2889)

 

سكاي برس

يرى العديد من الساسة والمتابعين للشأن الإيراني، أن مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي قضى إثر تحطم طائرته المروحية في منطقة جُلفا، خلال عودته من محافظة أذربيجان الشرقية، بعد افتتاح سد قيز قلعة سي المشترك مع أذربيجان، لن يُحدث أي تغيير في مسار السياسات الإيرانية، خصوصاً الخارجية منها، مع توقع بدء صراع عنيف على خلافة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي الخامنئي.

عدم التغيير لا يعني بقاء الأمور على حالها، إذ من الممكن أن تندلع وراء الكواليس "حروب عنيفة" لخلافة المرشد،.

سابقاً، تعامل المراقبون السياسيون مع رئيسي على أنه رجل دين وسياسة يتم إعداده كخليفة محتمل للمرشد الأعلى، بدلاً من كونه رئيساً قوياً لإيران، وفق موقع أمواج ميديا المتخصص في شؤون العراق وإيران. كما كان رئيسي يحظى بشعبية كبيرة بين المؤيدين الأساسيين لـ"الجمهورية الإسلامية"، حيث وُصف بـ"تلميذ" خامنئي. وفي عام 2017، رُشِّح رئيسي للرئاسة، لكنه خسر أمام "الرئيس المعتدل" حسن روحاني (2013-2021). ومع ذلك، ترشّح ثانيةً للمنصب الرئاسي عام 2021 في انتخابات شهدت أدنى نسبة مشاركة للناخبين في إيران منذ عام 1979، نتيجة الاستبعاد الجماعي لمرشحين معتدلين ومؤيدين للإصلاح، وهو ما كان سبباً رئيسياً في فوزه.

وجاء تشكيل حكومة رئيسي نتيجة سياسة ممتدة لسنوات من ولاية الفقيه بقيادة خامنئي، الذي تمكّن، من خلال التدخلات المكثفة، وقمع الحريات السياسية والاجتماعية، والمقاومة العنيدة للإصلاحات، من تشكيل "الدولة الإسلامية" التي يريدها، مقلّصاً دور الرئاسة إلى مستوى نائب رئيس تنفيذي للمرشد الأعلى. وعليه، عدّ رئيسي نفسه منفذاً لسياسات خامنئي، ولم يكن لديه أي توتر مع خامنئي، سادّاً بذلك الفجوة بين منصب المرشد الأعلى والرئيس. لذا، لن يكون لوفاة رئيسي أي تأثير سياسي على النظام والساحة السياسية، لأنه كان قائداً سياسياً ومنفِّذاً للسياسات الموضوعة التي لم يكن له دور في صنعها قط. تماماً كما لم تكن لديه أي ميزة خاصة من حيث الآراء الإستراتيجية أيضاً.

وبحسب الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث البورصة والبازار، إسفنديار باتمانقليج: "عادةً ما تكون الوفاة المفاجئة للرئيس حدثاً مهماً. لكن وعلى الرغم من عدّه مرشداً أعلى محتملاً، إلا أنه يفتقر إلى الدعم السياسي وإلى رؤية سياسية واضحة"، متابعاً بأن "الفاعلين السياسيين الذين نجحوا في إيصاله إلى كرسي الرئاسة سيتكيّفون مع غيابه ويتقدمون من دونه".

 

زيادةً على ذلك، ساعد رئيسي النواة الصلبة للسلطة في تنفيذ الانتقال إلى دولة الحكم الموحد للأصوليين المناهضين للعقلانية والمتشددين، وتشكيل عالم الواقع الموازي، حسب راديو فردا، وسعى إلى تحسين موقعه في هرم السلطة لخلافة خامنئي في الوقت المحدد، عبر وضع أتباعه على رأس النظام. وكان بعض أقاربه، مثل مهرداد بازرباش، ناشطين في إضعاف محمد باقر قاليباف في الانتخابات البرلمانية الثانية عشرة. مع ذلك، فشلت جهوده في منع غلام محسني إيجئي، من تولّي السلطة القضائية. كما أن إقالة صادق لاريجاني من رئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام لم تسفر عن أي نتيجة.

إلى ذلك، قال مجلس صيانة الدستور الإيراني إنه "سيتم تشكيل مجلس من رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية وغيرهما للإشراف على تنظيم الانتخابات"، موضحاً أنه "وفقاً للدستور، وبعد موافقة المرشد، سيتولى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس". تنص المادة 131 من الدستور الإيراني على أنه إذا توفي الرئيس وهو في منصبه يتولى نائبه الأول المنصب، بتأكيد من الزعيم الأعلى، الذي له القول الفصل في جميع شؤون الدولة. ويتولى مجلس يتألف من النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية ترتيب انتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوماً.

الانتخابات الرئاسية المبكرة قد توفر لخامنئي والقيادات العليا في الدولة فرصةً لعكس المسار، على نحو يحفظ ماء الوجه ويمنح الناخبين المحبطين طريقاً للعودة إلى العملية السياسية، حسب أمواج ميديا. لكن ذلك يتطلب قراراً إستراتيجياً بالتراجع إلى الوراء، وتوسيع الدائرة السياسية التي تتقلّص بشكل مطرد حتّى شهدت الساحة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة ميل المؤسسة السياسية إلى مضاعفة دعمها لحكم تيار المحافظين المتشددين. ويشير الموقع نفسه إلى أنه وبالرغم من نفيه المتكرر لأي نية للترشح إلى منصب رسمي، فإن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، من بين أقوى المرشحين لخلافة رئيسي. كما يمكن أن يترشح عن التيار المعتدل، رئيس البرلمان الأسبق، علي لاريجاني، الذي تم استبعاده من خوض انتخابات عام 2021.

وعن التيار المحافظ، فإن المتنافسَين المحتملَين الأكثر طموحاً، هما رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، الذي ترشح للرئاسة ثلاث مرات، وعمدة طهران الحالي، علي رضا زاكاني. وفي سباق المحافظين فقط، سيكون قاليباف في وضع قوي لخلافة رئيسي. كذلك يشير الموقع إلى أنه بالرغم من الاعتقاد الواسع بأن رئيسي من أوائل المرشحين لتولي خلافة المرشد الأعلى إلا أنه ليس المرشح الوحيد، ما يرجح عدم تأثر انتقال القيادة بطريقة تغيّر قواعد اللعبة بوفاة رئيسي.

يتفق مع ذلك موقع "بي بي سي" بالقول إن معظم المراقبين في الإقليم وخارجه يجمعون على أن المرحلة التالية لرئيسي لن تتغير على الإطلاق في ما يتعلق بالنهج الذي تسلكه القيادة الإيرانية. يرى هؤلاء أن طبيعة النظام السياسي في إيران والذي تعود فيه الكلمة الفصل إلى المرشد الأعلى، تجعل من الرئيس وطاقمه مجرد منفذين لسياسات الدولة ومن ثم فهم يرون أن من سيخلف رئيسي سيمضي على نهجه بالتأكيد. ويتفق أيضاً مع إمكانية أن تشهد إيران حراكاً سياسياً جديداً قد يؤدي إلى محاولات لعودة السياسيين الإصلاحيين إلى المشهد الإيراني من جديد، بعد تغييبهم عمداً من قبل الجناح المتشدد.

 

، محمد علي شعباني: "الانتخابات الرئاسية المبكرة يمكن أن توفر لخامنئي والمستويات العليا في الدولة فرصةً لعكس هذا المسار لإعطاء الناخبين وسيلةً للعودة إلى العملية السياسية". مع ذلك، يردف: "لكن للأسف لم نرَ حتّى الآن أي مؤشرات على أن الدولة مستعدة وراغبة في اتخاذ مثل هذه الخطوة". في سياق متصل، أشار المجلس الأطلنطي إلى أنه من المرجح أن يكون "مجلس صيانة الدستور" أكثر صرامةً بشأن مَن يُسمح له بالقيام بحملته الانتخابية، مصمماً على ضمان قدرة الرئيس القادم على الدفاع عن الثورة وحمايتها في وقت تشهد فيه اضطرابات محليةً وإقليميةً.

فترة رئاسة رئيسي هي الأكثر استقراراً لناحية العلاقة بين مؤسستي الرئاسة والمرشد منذ العام 1989، بحسب مركز ستراتيجيكس للفكر، إذ شهدت الرئاسات السابقة خلافات علنيةً وعميقةً بين السلطتين خلال عهد كل من هاشمي رفسنجاني، ومحمد خاتمي، وأحمدي نجاد، وحسن روحاني، فقد جاء كل منهم بتوجهات مختلفة، إصلاحية، معتدلة، ومحافظة، فيما قاد رئيسي المشهد بتوافق تام مع توجهات المرشد المتشددة، وتعزّز هذا الاتجاه بفوز المتشددين في انتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة في آذار/ مارس الماضي. وبوفاة رئيسي، باتت هذه الوحدة وهذا الانسجام داخل مؤسسات الدولة الإيرانية مهددين، خصوصاً في حال إفراز الانتخابات الرئاسية القادمة رئيساً معتدلاً أو حتى محافظاً متناقضاً في الاتجاه والأولوية السياسية مع المرشد، ما قد يشكل تحدياً لمحاولات خامنئي إعادة تعريف النظام الإيراني وتقليل حدة الصراعات والاحتكاكات الداخلية.

يضيف المركز أن رئيسي كان واحداً من المرشحين المحتملين لخلافة المرشد، فهو قبل كل شيء رجل دين، ومن التيارات الأكثر ولاءً للمرشد، ومُقرب من الحرس الثوري الإيراني، وبوفاته فإن باب التكهنات يُفتح من جديد حول شخصية المرشد القادم، وقد تتفاقم خطورة هذا الجدل في ظل تراجع صحة المرشد خامنئي وتقدّمه في العمر. ومع سيناريو وفاته في أثناء الفترة الانتقالية، قد تواجه البلاد مخاطر واسعةً من الاضطرابات السياسية والصراعات بين التيارات المختلفة، لا سيما داخل التيار المتشدد نفسه.

لذا "سيقدم النظام عرضاً هائلاً لوفاته ويلتزم بالإجراءات الدستورية بينما يبحث عن مجنّد جديد يمكنه الحفاظ على وحدة المحافظين والولاء لخامنئي"، وفقاً لمديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس، الدكتورة سنام وكيل، فقد "كان رئيسي خليفةً محتملاً لأنه، مثل خامنئي نفسه، عندما أصبح المرشد الأعلى، كان شاباً نسبياً، ومخلصاً جداً، ومنظّراً ملتزماً بالنظام

من جانبه، يقول الباحث الإيراني حميد رضا عزيزي، وهو زميل غير مقيم في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إن علاقة نائب الرئيس الأول، محمد مخبر، بالحرس الثوري الإيراني ستضمن سلامة دور الحرس الثوري، وزيادة حدّته أيضاً. فرئاسته المؤقتة قد تمهد الطريق لمزيد من السيطرة العلنية للحرس الثوري على السياسات الإيرانية، مشيراً إلى أن "وفاة رئيسي قد تزيد حدة الصراعات الداخلية على السلطة. وبالفعل، كانت الفصائل داخل المعسكر المتشدد تتنافس على منصب رئيس البرلمان. والآن، سيمتد هذا التنافس إلى الرئاسة حيث تتنافس فصائل مختلفة على الهيمنة"، منبّهاً إلى أن وفاة رئيسي لن تؤثر على أهداف إيران الإستراتيجية المتعلقة بالسياسة الخارجية، فـ"القرارات الإستراتيجية يحددها المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني، وليس الرئيس". وتوقع أخيراً استمرار الجمود في العلاقات الإيرانية الأمريكية والسياسات الإقليمية.

مع ذلك، يشير المجلس الأطلنطي إلى أن استبعاد المرشحين الإصلاحيين قد يطفئ حماسة العديد من الإيرانيين للمشاركة في الانتخابات، باعتبارها ليست مفتوحةً ولا نزيهة ولا حرة، ما يدفع إلى التشكيك في إقبال كبير على التصويت، نظراً إلى الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً، حيث أفاد المسؤولون بأن نسبة الإقبال كانت أقلّ عن 41%، وادّعى بعض المراقبين أن النسبة الحقيقية كانت أقل بكثير (ما بين 15 و16%). ورجّح المجلس أن يكون خليفة رئيسي كرئيس شخصاً بملف تعريف مماثل: من داخل النظام، مع أوراق اعتماد دينية، ومحافظ للغاية.

وبغياب رئيسي ازدادت التخمينات المرجحة لوصول مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى، إلى منصب المرشد الأعلى. لكن الحقيقة، بحسب المجلس، أنه من السابق لأوانه إصدار مثل هذا الإعلان، فمجتبى يفتقر إلى المؤهلات الدينية الكافية لتولّي المنصب الرفيع. كما أن توليه المنصب قد يطرح مسألة توريث السلطة في الأسر الحاكمة، المتعارضة مع ثورة عام 1979 التي أطاحت بشاه إيران لصالح زعيم يتمتع بمؤهلات دينية كافية. ومع ذلك، قد يجد مجتبى الدعم الكافي في حال صمّم الحرس الثوري على لعب دور أكثر بروزاً وتأثيراً في عهد المرشد المقبل. وإذا كان الحرس الثوري الإيراني يستعد للقيام بذلك، فمن غير المرجح أن تتم ترقية أي شخص إلى هذا المنصب دون موافقته. وقد يصبّ ذلك في صالح مجتبى، نظراً إلى ارتباطه الوثيق منذ سنوات مع الحرس الثوري وقربه من الجهاز الأمني الإيراني الأوسع.

 

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة